العنصرية والتخويف أساس دعاية بوتين الانتخابية

العنصرية والتخويف أساس دعاية بوتين الانتخابية

10 مارس 2018
لا يأخذ الإعلام الغربي الانتخابات الروسية المقبلة بجدية (Getty)
+ الخط -
على الرغم من متابعة صحف ووسائل إعلام غربية الدعاية الانتخابية الروسية ، إلا أن تلك الصحف تأخذ القليل فقط من هذه الدعاية على محمل الجد، إذ بالنسبة إلى أكثر الصحف انتشاراً في الدنمارك، "بوليتيكن"، يبدو أن "أمر انتخابات رئاسية جادة في روسيا ليس سوى استهزاء، ولا فروق كبيرة بين النكات والسياسة".

تأخذ "بوليتيكن"، في عددها الصادر اليوم السبت، من المشهد الإعلامي المرافق للانتخابات الرئاسية في روسيا رمزية واقع روسيا، لتوضح لقرائها ما يجري في هذا البلد، انطلاقاً من فيلم دعائي قصير لشخص روسي في متوسط العمر من "ناخبي الكنبة" لحث الناس على الخروج والتصويت بعد أسبوع، في 18 مارس/ آذار.

ويبدو أن "ناخبي الكنبة" أو المستنكفين عن التصويت بالنسبة إلى صحافة الغرب هم "تعبير عن عدم مصداقية ما يجري منذ سنوات طويلة في الحياة السياسية".


بطل الشريط المذكور لديه أحلام وكوابيس، وفيها يستيقظ على السيناريو المرعب "بأن تغييراً حكومياً يطرأ في البلاد، وفجأة يجب عليه في هذا السن المتأخر (52 عاماً) أن يعود لأداء الخدمة العسكرية وأنه عليه أن يؤوي في بيته، كبقية الروس، المثليين الذين تخلى عنهم شركاؤهم وفقاً لقوانين الحكومة الجديدة (أي في حال تغير بوتين) التي تشرحها له زوجته، وهو يحدق بشاب مثلي يجلس في مطبخ الشقة، وفجأة يستيقظ هذا الخمسيني الذي لا يصوت عادة ليقرر أنه ذاهب للتصويت يوم 18 مارس/ آذار". 

ما تريد الصحيفة الدنماركية الإشارة إليه في مشهد الإعلام الروسي، بالاستعانة بهذا الفيديو حول انشغالات الطبقة السياسية المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو كيفية حث الناس على التصويت له "بطريقة بروباغندا تسترشد بالفكاهة السخيفة بدعاية عنصرية وتخويف من المثليين"، باعتبار أن فوز أي مرشح آخر على بوتين ليس في مصلحة حتى من لا يهتم بالتصويت.

وبالنسبة إلى الأستاذة الجامعية في التنافس على المعلومات في جامعة كوبنهاغن، فيرا سكفيرايا، فإن "العنصرية والتخويف أساس بروباغندا بوتين في المجتمع الروسي للتصويت له، وهو ما يميز وسائل الإعلام الروسية العامة ووسائل التواصل هذه الأيام". 


وتجد هذه الخبيرة في وسائل الإعلام الروسية أن هذا النوع من الدعاية يسمّى "ستويب"،  ويستدعى لإلقاء السخرية والفكاهة على أجزاء واسعة من النقاشات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تهيمن الدولة على قسم كبير من وسائل الإعلام الإخبارية الرئيسية.

وتشير سكفيرايا إلى أن "المشكلة الأساسية أن كل شيء يتحوّل إلى مجرد مزاح واستهزاء بحيث لا شيء يؤخذ حرفياً أو بجدية، وتنتشر أشرطة كثيرة من هذا النوع الدعائي".

وعلى الرغم من أن الظاهرة ليست روسية بالكامل، إذ انتهجها أيضاً اليمين الأميركي من خلال موقع حواري أميركي "ريديت كوم"، للتعبير عن إحباطات البيض الأميركيين، بانتقال التخاطب والحوار إلى درجات غضب ولغة ومشاهد استفزازية في أكثر الأحيان، إلا أن الظاهر أيضاً أن من يتابع المرشح، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حتى في لقائه الأخير مع "إن بي سي"، بات يستهزأ بالمعلومة حول مزاعم اتهام بلده بأنها تدخل في الانتخابات الأميركية، ما أثار انتباه صحف عالمية.


ما يثير انتباه صحيفة "بوليتيكن" أن الشريط الدعائي "شريط أنتج بطريقة احترافية وبممثلين حقيقيين وخبراء، وليس صناعة بدائية، وهذا يشير إلى أن من ينتج الدعاية هي الصناعات البروباغندية المزدهرة اليوم في روسيا، ومن يصرف عليها ويدعهما هم رجال السلطة، على الرغم من أنه لا يمكن القول إن هذا الاسم أو ذاك من يفعلها".

"ستويب" في التقليد السوفياتي كان وسيلة متبعة للتعبير قديماً عن أن من يتدخل في الشأن السياسي العام يمكن أن يفقد وظيفته وحريته الشخصية، وأضحى هذا النوع من التعبير التهكمي والاستهزائي أكثر انتشاراً بعد الأزمة الأوكرانية في 2014 بضم روسيا شبه جزيرة القرم، لـ "خلق صورة عدو تستحضر ستويب من الماضي". ​

المساهمون