"منتدى شباب العالم"... مزيد من التطبيل والكفتة والفساد

مصر: "منتدى شباب العالم"... مزيد من التطبيل والكفتة والفساد

12 نوفمبر 2017
سخرية كثيفة رافقت المنتدى (العربي الجديد)
+ الخط -
أنفقت مبالغ هائلة على "منتدى شباب العالم" الذي استمر من 4 إلى 11 نوفمبر/تشرين الثاني، كان من الأوْلى أن تُنفق على أولويات أخرى في "شبه دولة" و"بلد فقيرة مثل مصر"، بحسب وصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نفسه.

المنتدى الذي يُقام تحت شعار We Need to Talk أخد نصيبه من التهكم والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بدءًا من "الاختيار الفاشل" لشعار المنتدى، والذي يرمز في الثقافة الإنكليزية إلى "الطلاق أو الفصل من العمل"، مرورًا بالتهكم على "حكايات عمو السيسي" التي يسردها في مداخلته، خاصة تلك التي قال فيها "بنات عيلتنا بيقولوا يا ريت بابانا يبقى عمو السيسي"، ووصولاً لجلسات المؤتمر وطبيعة المشاركين والمتحدثين ومواضيع النقاش.

إعلام النظام يحلل ويشيد

في اليوم الأول لانطلاق المنتدى، كان سبعة من أبرز الإعلاميين المصريين الموالين للنظام، يحلّلون فعاليات المنتدى بأنفسهم، في مشهد كان لافتًا للغاية، إذ جلس خالد صلاح وإيمان الحصري ومعتز عبدالفتاح ورامي رضوان وثلاثة غيرهم من المذيعين ومقدمي البرامج، يعربون عن انبهاراتهم بالحدث وتنظيمه وإعداده ويشيدون بالقائمين عليه وفكرته وجدواه. هكذا خرجت التغطية الإعلامية المصرية لليوم الأول لفعاليات المنتدى، من خلال منصة الإعلاميين الموالين للنظام.

كما أن الحضور الكثيف من قبل الصحافيين والإعلاميين المكلفين بتغطية المنتدى كان لافتًا، حيث أفردت جميع الصحف والمواقع والقنوات التلفزيونية مساحات كبيرة لتغطية المنتدى، وأرسلت أكثر من صحافي ومصور للتغطية الميدانية.

منسقة المؤتمر ومعارضته

نهى النحاس، هي المستشارة الإعلامية لمنتدى شباب العالم، وهي في الأصل مديرة النادي الإعلامي التابع للمعهد الدانماركي في مصر. وهي نفسها من شاركت في مؤتمر الشباب الرابع الذي أقيم في الإسكندرية في يوليو/تموز الماضي، وانتقدت تعامل الدولة مع وسائل الإعلام، وقالت "الدولة تفقد وعي مواطنيها في اللحظة التي تغلق فيها القنوات والمواقع المنتمية لمنظومة الإعلام الوطني"، معتبرة أن "مرحلة الدولة الهشّة تسبق مرحلة الدولة الفاشلة وهي مرحلة تأتي بعد صراع عسكري أو أزمات سياسية طويلة الأمد.. وهذه الدول والأنظمة السياسية ترى أحيانًا التضحية بحرية الإعلام في سبيل دعم الدولة".

كان السؤال الأبرز في هذه الملاحظة "هل انتهى حجب المواقع والقنوات وانتهت مرحلة الدولة الهشة التي انتقدتها سابقًا؛ كي تُقْدم النحاس على المشاركة في منتدى شباب العالم كمستشارة إعلامية؟ أم أنها المعارضة التي تُصنع على عين النظام؟".

من قضايا الفساد لتنظيم المنتدى

أثار ما كتبه الصحافي المصري، محمد الجارحي، عن أن أحد منظمي "منتدى شباب العالم" الرئيسيين هو شريف سالم، رئيس هيئة المعارض السابق ورئيس مجلس إدارة الشركة الدولية للمعارض الحالي، رغم ما أثار جدلاً واسعاً حوله من قضايا فساد ورشوة وقتل متظاهرين.

وكتب الجارحي "حكايتي مع شريف سالم بدأت عام 2012.. كنت حينها رئيس تحرير برنامج مانشيت بقناة أون تي في.. وأعددت إحدى الحلقات ليكون ضيفها مستشار رئيس هيئة المعارض للحديث عن ملف فساد شريف سالم. وبدافع المهنية اتصلت بشريف سالم وهو لا يزال في منصبه وقلت له شوف الحلقة ولو عاوز ترد تحت أمرك.. ولو عاوز تيجي ضيف تاني تحت أمرك. وقلت له بعضا مما يحتويه ملف المستندات، كان هذا قبل الحلقة بدقائق.. والنتيجة أن الحلقة ألغيت".

وتابع الجارحي "مارس الباشا سلطاته وألغى الحلقة! كان اليوم ده من أصعب أيام حياتي.. إزاي بعد الثورة حد يقدر يعمل كده! قررت بعد الحلقة الملغاة مباشرة إني أنشر الصور ومستندات الفساد الخاصة به على تويتر. اتصل بي بعدها الباشا.. وفي المكالمة دي أقسمت له مش ح أسيبه وهافضح فساده في كل حتة.. ورغم ثورتي ضده لكن لقيته بكل برود بيطلب مني أقابله وطبعا رفضت". وأضاف "بعد 3 أسابيع من نشر المستندات تمت إقالة شريف سالم، وكان هناك عدد من البلاغات المقدمة ضده في جهات عديدة".

كانت المستندات التي حصل عليها الصحافي المصري عبارة عن "صور له يقود مسيرة إلى ميدان التحرير يوم موقعة الجمل. ورشى بآلاف الجنيهات لضباط في أمن الدولة. وقرارات تعيين لقيادات في نيابة أمن الدولة والنيابة الإدارية كمستشارين له. وفساد بشراء سيارات مرسيدس. وفساد بترسية عقود بمبالغ كبيرة على شركات بالأمر المباشر. ومكافآت فلكية لمستشارين وقيادات بالهيئة".

"حفظ الله الملكة"

على ما يبدو، أُعجب القائمون على تنظيم المنتدى بموسيقى النشيد الوطني البريطاني "حفظ الله الملكة"، وتصوروا أنه مقطوعة موسيقية كلاسيكية فخمة تليق باستقبال الرئيس فور وصوله لافتتاح المنتدى، فوجدوا في النشيد الوطني البريطاني ضالتهم ليكون في استقبال السيسي لافتتاح المؤتمر.

"كُفتة 2"

في واحدة من جلسات المنتدى، قاطع شاب مصري المنصة الرئيسية، وفرض نفسه على الحديث من وسط الحضور، مدعيًا بأنه "زويل الثاني" (العالم أحمد زويل)، حتى استدعاه السيسي وأعطاه الكلمة من خلال الميكروفون، ليقدم نفسه وفكرته.

وقال الشاب "أنا بلا فخر زويل الثاني.. معي اختراع سيقضي على الفشل الكلوي الذي تسبب في موت والدي.. وأريد أن أتحدث عن اختراعي".

وفي حوار صحافي أجراه مع صحيفة "المصري اليوم"، قال "الجهاز اسمه "HMK" يعمل مثل الكلية الطبيعية ويزيل الفضلات والأملاح من الدم"، قبل أن يتكتم عن باقي التفاصيل لحين التواصل مع الرئاسة للإعلان الرسمي عن المشروع.

الاختراع أعاد لذاكرة المصريين "جهاز الكفتة" الذي اخترعه إبراهيم عبدالعاطي، وأعلن عنه في مؤتمره الصحافي الذي نظمته القوات المسلحة المصرية حينها، للإعلان عن اكتشاف جهاز لـ"علاج" فيروس سي والإيدز" أن الجهاز صالح للاستخدام خلال ستة أشهر تنتهي في 30 يونيو/حزيران عام 2014، ثم تم مدّ أجل العمل بالجهاز ستة أشهر إضافية، ثم تم ترحيل الميعاد إلى انتهاء الدراسات والتجارب ولم يظهر ثانية إلى اليوم.