باتيستوتا (نجم صنع نفسه) 1...جسد ممتلئ وبدين..وغريفا المكتشف

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سوياً إلى الكتاب الخاص بالنجم الأرجنتيني غابرييل باتيستوتا، (نجم صنع نفسه).

لا تتشابه بداية قصة غابرييل باتيستوتا مع كل ما كتب عن غيره من اللاعبين، فهذه ليست القصة التقليدية عن الفتى الذي لم يكن يحلم بشيء من الصغر سوى كرة القدم، وساعدته عائلته على ذلك، حيث تختلف الأمور هنا كثيراً.

ويُعد خورخي غريفا هو صاحب الفضل الكروي على باتيستوتا، حيث اكتشفه، حينما كان يعمل في قطاع الناشئين في فريق "نيوليز أولد بويز" الأرجنتيني. والمثير في الأمر أن عائلة "باتي" كادت تنهي مستقبله الكروي قبل أن يبدأ.

يقول غريفا "لعب معي في فريق الشباب، شاهدته يلعب في روساريو في بطولة محلية تدعى الكأس الذهبية بين منتخبي مقاطعة روساريو ومنتخب سانتا فيه الذي كان يضم لاعبين من منطقة ريكونكيستا.. باتيستوتا لم يكن من ريكونكيستا، بل من حي قريب منها، ولكنه كان يمثلها"، ويتميز غريفا بموهبته الكبيرة في البحث عن المواهب، حيث تلتقط عيناه ما لا يراه الآخرون، لقد كان يبحث، دائماً، عن مشاريع مستقبلية بسبب نظرته الثاقبة، والتي تذهب إلى ما هو أبعد من المنظر الخارجي.

ويضيف غريفا لاستكمال قصة استكشاف باتيستوتا "شاهدته وأعجبني على الرغم من أنه كان بديناً بعض الشيء، جسده ممتلىء وثقيل وبطيء نوعاً ما، ولكنه كان لديه تلك العدائية والقوة الملحوظة"، وهبط غريفا بعد تلك المباراة إلى غرف الملابس بحثاً عن باتيستوتا، وهو يظن أنه سيكون هنالك الكثير من الأشخاص الذين يسألون عنه، فمثل هذه البطولات تشهد وجود كشافين من الأندية لاصطياد المواهب الصغيرة، ولكن يبدو أن الكثيرين لم يتشاركوا وجهة نظره حيث لم يجد أحداً.

يواصل الأب الكروي لباتيستوتا القصة "اقتربت منه وسألته إذا ما كان يرغب في اللعب لنيولز وأجابني بأنه سيروق له هذا الأمر، ولكن المشكلة في عائلته لأنهم يعارضون الفكرة ويرغبون في ألا يؤثر الأمر على دراسته"، بعد ذلك الحوار حصل غريفا على رقم والد باتيستوتا واتصل به وعرض الأمر عليه، ولكن العائلة لم يكن لديها أي اهتمام بأن يحترف ابنها كرة القدم، كانوا يعتبرونها مجرد تسلية وشيئاً لا يتعلق بالمسؤولية.

لم ييأس المدرب الأرجنتيني، وواصل محاولات إقناع العائلة، حتى توصل لاتفاق معهم بقدوم باتيستوتا لمدة عام مع مواصلة الدراسة لمعرفة كيف تسير الأمور، ويتابع غريفا "تزامن قدوم باتيستوتا مع الفترة التي كنا نعمل فيها على تأهيل مجموعة من اللاعبين مع مارسيلو بييلسا. انطلق ذلك المشروع حينما طلبوا مني في بوكا جونيورز تولي قطاع الناشئين، ولكنني رفضت لأنني كنت أدرك وجود شيء مميز لدى هؤلاء اللاعبين".

هذه كانت بداية واحد من أقوى المهاجمين في تاريخ الأرجنتين وأميركا اللاتينية، فالأمر هنا لم يكن يتعلق بأحلام البحث عن العظمة أو أفضل لاعب في العالم، بل من أجل تمضية الوقت وحتى دون دعم عائلي لبدء مسيرة احترافية. في المقابل يسمع جماهير الكرة آلاف المرات عبارة "كرة القدم هي كل شيء بالنسبة لي" من أفواه لاعبين مختلفين، باتيستوتا لم يقل هذا الأمر أبداً، فهو في الأصل كان يحب كرة السلة، ولكن هذا لم يمنعه من التألق في مسيرته الكروية التي مرت بالكثير من المراحل الصعبة.