جولة أمير قطر اللاتينية: مرحلة جديدة من الشراكات الاستراتيجية

جولة أمير قطر اللاتينية: تدشين مرحلة جديدة من الشراكات الاستراتيجية

06 أكتوبر 2018
الشيخ تميم اختتم جولته في الأرجنتين (فرانس برس)
+ الخط -
تواصل دولة قطر مسيرة انفتاحها السياسي والاقتصادي على العالم، عبر نموذج ناجح لدبلوماسية عقلانية عابرة للقارات، تسعى إلى توسيع المساحة الجغرافية لعلاقات الدوحة الاقتصادية والسياسية وشراكاتها الاستراتيجية مع مختلف دول العالم.

في السياق، دشّنت جولة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى 4 دول في أميركا اللاتينية، التي بدأها يوم الإثنين الماضي بالإكوادور ثم بيرو وباراغواي، واختتمها اليوم السبت بالأرجنتين، مرحلة جديدة من الشراكات الاستراتيجية، التي تعكس التوافق في الرؤى تجاه كثير من القضايا الإقليمية والدولية.

وتكتسي هذه الجولة أهمية من كون تلك الدول كانت سبّاقة باتخاذ موقف واضح تجاه حصار قطر والدعوة إلى حل الأزمة الخليجية عبر الحوار.

وتؤكد الجولة التي شهدت توقيع عشرات اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم في المجالات الدبلوماسية والتعليمية والاقتصادية والرياضية وغيرها، أن قطر نجحت في محاصرة الحصار، البري والبحري والجوي الذي فرضته عليها السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى مصر، منذ 5 يونيو/ حزيران 2017.

الجولة الجديدة هي الثامنة في جولات وزيارات أمير قطر الخارجية بعد الحصار، آخرها كانت زيارة ألمانيا في أوائل سبتمبر/ أيلول الماضي، وفي يوليو/ تموز الماضي كانت زيارة فرنسا، بينما في مارس/ آذار الماضي نفّذ جولة أوروبية شملت بلجيكا وبلغاريا.

وفي منتصف فبراير/ شباط الماضي حضر مؤتمر ميونيخ للأمن وألقى خطاباً في الجلسة الافتتاحية، وقام الشيخ تميم بن حمد بجولة أفريقية شملت 6 دول في ديسمبر/ كانون الأول 2017.

أما في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه فقد توجه حاكم أكبر دولة موردة للغاز الطبيعي المسال في العالم نحو دول "النمور الآسيوية"، وزار ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا، بينما كانت أولى جولاته بعد الحصار صوب القارة الأوروبية في منتصف سبتمبر/ أيلول 2017، حيث زار تركيا وألمانيا وفرنسا.

أما الجولة الأخيرة إلى أميركا اللاتينية فهي الثالثة إلى هذه القارة خلال 3 سنوات، إذ كانت الأولى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وشملت كلاً من كوبا والمكسيك وفنزويلا، بينما كانت الثانية زيارة إلى كولومبيا والأرجنتين في أواخر يوليو/ تموز 2016.

كيتو المحطة الأولى... المنتجات الزراعية والحيوانية

كيتو كانت المحطة الأولى لجولة أمير قطر، وقد شهد خلالها مع الرئيس الإكوادوري لينين مورينو التوقيع على اتفاقية في مجال حماية البيئة والطبيعة، تهدف إلى توسيع وتنمية التعاون المشترك في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة، ومذكرة تفاهم للتعاون لإنشاء اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، وكذلك التوقيع على إعلان نيات مشترك للتعاون في المجال الزراعي بين وزارة البلدية والبيئة القطرية ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية في الإكوادور، تهدف إلى تطوير التعاون لزيادة حجم تبادل المنتجات الزراعية.

وبحث وزير الاقتصاد والتجارة القطري، الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، خلال اجتماعه بوزير الاقتصاد والمالية الإكوادوري، ريتشارد مارتينيز ألفارادو، وبوزير التجارة والاستثمار الإكوادوري، بابلو كابانا سايز، العديد من الفرص الاستثمارية بين البلدين، التي تمحورت حول مشاريع الطاقة الكهرومائية، والسياحة والخدمات، وناقش الاجتماع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، التي اتُّفق على توقيعها في أقرب فرصة ممكنة، كما نوقشت الترتيبات الخاصة بعقد اللجنة الوزارية القطرية الإكوادورية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين قطر والإكوادور خلال عام 2017 نحو 31 مليون ريال (8.5 ملايين دولار)، ويرتبط البلدان باتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني وُقّعت في يناير/ كانون الثاني 2013، بالإضافة إلى اتفاقية الخدمات الجوية، كذلك تسيّر الخطوط الجوية القطرية 3 رحلات أسبوعية للشحن الجوي إلى الإكوادور.

ليما... تعدين وطاقة وبنى تحتية

ليما كانت المحطة الثانية لأمير قطر وشهد خلالها مع الرئيس البيروفي مارتين ألبرتو بيسكارا التوقيع على عدد من الاتفاقيات غير الاقتصادية، فيما بحث وزير الاقتصاد والتجارة القطري، أحمد بن جاسم آل ثاني، مع وزير التجارة الخارجية والسياحة في بيرو، سبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية في مجالات التعدين، ومشاريع الطاقة الكهرومائية، والعديد من مشاريع البنية التحتية والمواصلات، وناقش الوزيران عدداً من مشاريع الاتفاقيات، التي من شأنها دعم العلاقات الاستثمارية كاتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي.

ويربط بين قطر وبيرو كثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة، ومنها اتفاقية للتعاون في المجال القانوني، ومذكرة تفاهم في مجال التعدين، ومذكرة تفاهم بين غرفة تجارة وصناعة البلدين، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري، ومذكرة تفاهم لإنشاء لجنة وزارية مشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني.

وقد ازداد النشاط الاقتصادي في بيرو 5.4% في الربع الثاني من العام الجاري، كما تجاوزت قيمة الصادرات في بيرو مبلغ 28 مليار دولار منذ بداية هذا العام وحتى يوليو/ تموز الماضي، ومن المتوقع أن تجذب بيرو 8% من الاستثمار العالمي في مشاريع التنقيب عن المعادن بحلول عام 2021.

أسنسيون... سياحة ونقل

المحطة الثالثة لجولة أمير قطر اللاتينية، كانت أسنسيون، وشهد خلالها مع رئيس باراغواي، ماريو عبدو بينيتيز، التوقيع على 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين حكومتي البلدين، وفي ما يخص الجانب الاقتصادي منها اتفاقية خدمات جوية تهدف إلى تسهيل عمليات النقل الجوي وتنظيمها بين البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجالين السياحي وفعاليات الأعمال، تهدف إلى استكشاف أوجه السياحة، وتبادل الخبرات بين الجانبين. وتربط قطر وباراغواي مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، منها اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة.

اختتام جولة أمير قطر في بوينس آيرس

اختتم أمير قطر جولته اللاتينية في بوينس آيرس، وشهد والرئيس الأرجنتيني، ماوريسيو ماكري، يوم الجمعة، التوقيع على 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات عدة، منها مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة البلدية والبيئة القطرية، ووزارة الإنتاج والعمل الأرجنتينية، تهدف إلى إقامة مشاورات وتعاون في مجال الزراعة والثروة الحيوانية والثروة السمكية والقطاعات الزراعية، بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة.

وقال وزير خارجية الأرجنتين، خورخي فوري، في تصريحات نشرتها صحيفة "الشرق" القطرية، إن الأرجنتين ترغب في تعزيز علاقاتها الثنائية مع قطر، من خلال زيادة وتنويع صادراتها، مشيراً إلى أن الجانبين سيبدآن علاقة مثمرة في قطاعات الزراعة والطاقة والاتصالات والسياحة والبنية التحتية وغيرها من المجالات.

كذلك شدّد على أن بلاده ترغب في إقامة علاقة قوية مع الدوحة في المجال الرياضي، وخاصة في ما يتعلق ببطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وأشار الى أن هناك فرصاً كبيرة أمام المستثمرين القطريين في الأرجنتين، وتوقع بدء علاقة مثمرة أكثر في القطاعات الاستراتيجية مثل الصناعة الزراعية والتعدين والتمويل والاتصالات والطاقة المتجددة والبنية التحتية والنفط والغاز والبرمجيات.

وفي يونيو/ تموز الماضي وقّعت "قطر للبترول" مع شركة "إكسون موبيل" الأميركية اتفاقية لشراء حصة تبلغ 30 % من أسهم شركتين تابعتين للأخيرة تملكان حقوقاً للاستكشاف الهيدروكربوني في سبع مناطق في حوض فاكا مويرتا في مقاطعة نيوكوين بالأرجنتين، وذلك في أول استثمار لـ"قطر للبترول" هناك.

المساهمون