أفغان ضحيّة "طالبان" والحكومة

أفغان ضحيّة "طالبان" والحكومة

26 فبراير 2017
لا كهرباء (شاه ماراي/ فرانس برس)
+ الخط -
مؤخّراً، كشفت قناة "شمشاد" الأفغانية المحليّة أنّ الحكومة الأفغانيّة تسيطر على 20 في المائة من أراضي إقليم قندوز الواقعة في شمال أفغانستان، والمحاذية لحدود دول آسيا الوسطى. وبيّنت أنّ حركة "طالبان" تتعامل مع عامة المواطنين كحكومة رسمية، من خلال جمع الضرائب ومعاقبة المجرمين وجباية فواتير الكهرباء وغيرها، كما هو الحال في الجنوب، حيث أنشأت محاكم تابعة لها.

وبعد مضي يوم على نشر التقرير الإعلامي، أكّد حاكم الإقليم، محمد عمر، أنّ الحكومة والقوات المسلّحة تسيطر على 30 في المائة من أراضي إقليم قندوز، وأن 60 في المائة من أراضي الإقليم ليست في يد الحكومة ولا طالبان.

وكانت مصادر قبليّة قد ذكرت في الآونة الأخيرة أنّ حركة طالبان تجمع فواتير الكهرباء من المواطنين في عدد من الأقاليم الأفغانية في شمال وجنوب أفغانستان، وتحديداً في إقليمي قندوز وهلمند. وقالت المصادر نفسها إن "طالبان" تحصل على الملايين شهريّاً من خلال جمع فواتير الكهرباء عنوة من المواطنين، الأمر الذي جعل الأفغان في حرج دائم، إذ إن إدارة الكهرباء أضحت تهدّد بقطع الكهرباء عن القرى بأكملها، بعدما بدأت "طالبان" بجمع فواتير الكهرباء منها، من دون أن تحصل الإدارة على شيء.

في هذا السياق، يقول زوال خان، أحد سكّان قندوز، إنّ "المواطن المسكين واقع بين سندان طالبان ومطرقة الحكومة". يضيف أنّه في حال رفض المواطن دفع رسوم الكهرباء إلى طالبان، قد يهدّد ويعذّب. في الوقت نفسه، تهدّد الإدارة بقطع الكهرباء وتطلب من المواطن دفع الفواتير في المصارف. يضيف أنّ فقدان الأمان في البلاد، وسيطرة "طالبان" على بعض المناطق، في مقابل سيطرة الحكومة على مناطق أخرى، كلّها عوامل جعلت المواطنين في حرج. يضيف أنّ المواطن هو من يدفع الثمن لا غير، إذ إنّه يضطر إلى أن يدفع لطالبان كي يتخلّص من عصاها، وللحكومة كي يحصل على الكهرباء.

من جهته، يقول رئيس إدارة الكهرباء في إقليم قندوز، حميد الله، إنّ طالبان تحصل على أموال طائلة من المواطنين، في وقت تطلب منهم رفض مطالب المسلّحين والتوجه إلى المصارف الخاصة لدفع فواتير الكهرباء. ويأسف لما يواجهه المواطن من صعوبات في هذا الإطار، مشيراً إلى أنّ كهرباء أفغانستان مستوردة، وإدارة الكهرباء تشتري الكهرباء من دول آسيا الوسطى، وبالتالي لا بد أن تدفع لها. وترى أنّ الحل الوحيد هو جمع الفواتير في مقابل توفير الكهرباء للمواطنين.

بدوره، يقول مسؤول أمن الإقليم، عبد الحميد حميدي، إنّ القوّات المسلحة الأفغانية تسعى إلى تطهير كافة مناطق قندوز من قبضة المسلحين، حتّى يعيش المواطن بأمان بعيداً عن تهديد حركة "طالبان" والمسلحين جميعاً.



لم يكتف المسلحون بجمع فواتير الكهرباء فحسب، بل هم يجمعون الأموال من المواطنين بشتى الطرق والسبل، منها العشر والزكاة، بالإضافة إلى الضرائب وغيرها. كل هذه الأمور تقلق المواطنين، الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن إيجاد أية حلول.

وكما في الشمال، يتكرّر الأمر في الجنوب، لا سيما في هلمند، إذ يواجه المواطنون المشكلة نفسها، وتجمع "طالبان" فواتير الكهرباء من المواطنين، وهم مضطرون إلى دفع الفواتير للحكومة كي يحصلوا على خدمة الكهرباء. ويقول رئيس إدارة الكهرباء في هلمند، قدرت الله دلاوري، إنّ المسلّحين يجمعون فواتير الكهرباء في المناطق التي يسيطرون عليها، لافتاً إلى أنّ الإدارة في الوقت نفسه في حاجة إلى جمع فواتير الكهرباء، ما يعني أن المواطن في مشكلة دائمة. يضيف أنّه في بعض المناطق النائية والمتوتّرة أمنياً، يتولّى تنظيم "طالبان" إرسال فواتير الكهرباء إلى المواطنين، وقد فرض نظاماً خاصاً لجمع الفواتير، بعدما تحوّلت إلى مصدر دخل له.

كذلك، يؤكّد دلاوري أنّ هذا الأمر لا يقتصر على إقليم دون آخر، لافتاً إلى أنّه امتد في الآونة الأخيرة إلى إقليم قندهار وإقليم فارياب، بالإضافة إلى إقليمي قندوز وهلمند. ويشدّد على أن الحكومة تسعى إلى إيجاد حلّ للمشكلة، كون المواطن يدفع الثمن.
تجدر الإشارة إلى أنّ مشكلة جمع الفواتير وغيرها من المشاكل ترتبط بالأزمة الأمنية في البلاد ارتباطاً وثيقاً. وما دام المسلّحون يسيطرون على بعض المناطق، فلن تحلّ المشكلة، إذ إن لطالبان نظامها، وللحكومة أيضاً، ما يعني أن المواطنين باتوا ضحيّة بين نظامين.