غبارٌ في رفوف السينما العربية

غبارٌ في رفوف السينما العربية

27 يونيو 2016
من فيلم بعد الموقعة" لـ يسري نصر الله
+ الخط -

لا تزال مسائل سينمائية عربية عديدة مُعلّقة، تُشكّل للصناعة مآزق، من دون أن يُعثَر على حلولٍ لها. يظنّ كثيرون أن المسائل هذه غير مهمّة، لكنهم لا ينتبهون إلى ضرورتها، وإلى مكانتها الأساسية في صناعة الأفلام الغربية. يعتبرونها عابرة، لكنهم لا يُدركون أن حلولها تُساهم، فعلياً، في تفعيل صناعة متكاملة وسليمة.

لن تتعلّق المسائل بالمضامين الدرامية للأفلام، واشتغالاتها البصرية، وأشكالها الفنية، ولغتها السينمائية. إنها خارج الأطر هذه. فهي تتمثّل بغياب الملفات الصحافية، والصُوَر الفوتوغرافية ذات الجودة الفنية والتقنية العالية، والأشرطة الترويجية السوية.

هذا يعني أنْ لا ملحق صحافياً للمخرج أو الممثل أو لفريق العمل، وإنْ يُكلِّف سينمائيون عديدون، خصوصاً في الأعوام القليلة الفائتة، من يتولّى عملية الترويج الصحافي ـ الإعلامي للفيلم، ولعاملين فيه.

تكليف مختصّ بمهمّة كهذه ينقصه اكتمال الملف الذي يُفترض به الترويج له. فالملفات الصحافية، الخاصّة بالغالبية الساحقة للأفلام العربية، محتاجة إلى ما هو أكثر من تقديم القصّة، ولائحة العاملين، وتفاصيل صغيرة متفرّقة.

صحيحٌ أن الصُوَر، بمعظمها، عالية الجودة. لكن أحداً لا يتقدّم خطوات إضافية باتّجاه تفعيل المهمّة، بالطريقة الغربية. خصوصاً أن ملفات صحافية كهذه موجودة لدى سينمائيين عرب، يحصلون على إنتاج أوروبي، يصنع لهم، من ضمن مهامه، الملفات والأشرطة المطلوبة.

كلامٌ كهذا مُكرَّرٌ، ومتداول بكثرة في أوساط نقدية وصحافية، تعاني نقصاً في المعلومات، والصُوَر المستلّة من الأفلام، أو تلك الخاصّة بعاملين فيها. تزداد المعاناة حدّة، عندما لا يُعثَر على المعلومات المطلوبة لا في الأرشيف، ولا في المواقع الإلكترونية المختصّة، وإنْ وجد في هذه الأخيرة، فإن التأكّد من صحّتها دونه صعوبات جمّة.

أما الأرشيف، الذي يُفترض بمؤسّسات رسمية وخاصّة أن توليه أهمية قصوى، وفقاً للتقنيات الحديثة والتطوّرات الدولية الحاصلة في المجال هذا، فيواجه مأزقين: نقصٌ في المعلومات والمعطيات المطلوبة، وفوضى عارمة في إدارتها وتبويبها وتنظيمها وترتيبها، إنْ تنوجد المعلومات والمعطيات هذه.

يُقال إن بعض التساؤلات يتجنّى على من يهتمّ بالجانبين الترويجي والأرشيفي. ربما. لكن الكتابة النقدية تعجز، غالباً، عن بلوغ المُراد، فتبحث عن سُبل أخرى للحصول على معلومات مؤكّدة، كي لا يقع النصّ المكتوب في الاستسهال والتسطيح.

والبحث عن معلومات خاصّة بأفلام قديمة في بعض الأرشيف يواجه، بدوره، كمّاً هائلاً من الغبار الذي يعلو رفوف المؤسّسات المعنية، إنْ امتلأت الرفوف بهذه المعلومات، أو لا. والاستعانة بالمواقع الإلكترونية لن تفيد دائماً.

هناك تجارب حاصلة. لكن عددها قليلٌ، ما يعني أنها محتاجة إلى تفعيلٍ أكبر، واهتمام أعمق.


المساهمون