مصر: مؤشرات بارتفاع معدلات الجريمة بعد الأزمة الاقتصادية

مصر: مؤشرات بارتفاع معدلات الجريمة بعد الأزمة الاقتصادية

01 سبتمبر 2016
يشكو المصريون عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم المعيشية(مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش مصر حالة اقتصادية متردية بفعل سياسيات النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، ما دفع إلى اتباع إجراءات تقشفية وفرض مزيد من الضرائب ورفع الدعم عن السلع الأساسية، فضلاً عن موجة التضخم. وصاحب هذه الأزمة وارتفاع الأسعار حالة غضب شعبي كبيرة خصوصاً بسبب عدم قدرة المواطنين على الوفاء بالتزاماتهم المعيشية في ضوء ما يعتبرونه "جباية" من الدولة لتعويض فشلها في إدارة الملف الاقتصادي.
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية بدأت تنعكس سلباً على الناحية الأمنية في ظل معطيات بارتفاع معدلات الجريمة التي ترتبط بدوافع اقتصادية.
وتكشف مصادر أمنية عن ارتفاع معدلات الجرائم التي قد يكون دافعها اقتصادياً. وعلى الرغم من أن هذه المؤشرات خطيرة بالنسبة للأمن العام، لكن لا يتم الإعلان عن تلك المعدلات لما ينضوي عليه من مخاطر تهدد الأمن والاستقرار في المجتمع.
وفي السياق، تقول المصادر لـ"العربي الجديد" إنه خلال الأشهر القليلة الماضية تزايدت معدلات البلاغات عن السرقات، سواء بشكل ممنهج عبر عصابات أو بصورة فردية، في محافظات عدة، لا سيما في المدن. كما تشير إلى أن معدلات النصب والاحتيال تزايدت هي الأخرى، في تعبير عن تأثر الحالة الأمنية عامة بالأزمة الاقتصادية. وعلى الرغم من محاولات السيطرة على ارتفاع هذه النوعيات من الجرائم إلا أن تزايدها بشكل مطرد يصعب من عمليات مواجهتها.



وبحسب المصادر، فإن هذه النوعية من الجرائم كانت قد انخفضت خلال العام الماضي بشكل كبير مع بداية عمل الشرطة مرة أخرى، لكنها عادت في التزايد مرة أخرى خلال الأشهر القليلة الماضية.
وتؤكد على أن رجال الشرطة والمباحث العامة يصعب عليهم التحرك للتحقق من كل البلاغات المقدمة، لكن يتم اتباع أسلوب البحث والتحري للإيقاع بالعصابات المنظمة التي تتواجد في منطقة ما، وتحليل الدلائل في محاولة للحدّ من انتشار مثل هذه الجرائم.
وحول انتشار عمليات الخطف خلال الفترة الماضية بغرض تجارة الأعضاء، توضح المصادر أنه لا يمكن إنكار هذا الأمر، لكنه ليس بالصورة التي يتحدث عنها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على متابعة كل ما يكتب عن الحالة الأمنية للتحقق منه. وتقول إن مسألة الخطف بغرض تجارة الأعضاء ليست من الجرائم المعتادة التي يمكن العمل عليها بشكل شخصي مثلاً، لكنها تعتمد على عصابات كبيرة منظمة، وهناك عمليات تحرٍّ مستمرة حولها للإيقاع بها. وتشير إلى أن أغلب العصابات تستغل الشباب غير المتمرّس في عمليات السرقة وغير المسجل لدى وزارة الداخلية بفعل الأزمات الاقتصادية.
ووفقاً للمصادر فإن أسهل أمر الآن السرقة بواسطة الدراجات النارية، وهو أسلوب قديم لكن بات منتشراً كثيراً ويصعّب من ملاحقات الشرطة، نظراً للاعتماد على تنفيذ عمليات السطو خارج نطاق إقامة السارقين.
وبحسب المصادر، يوجد بلاغات عديدة بعمليات سرقة من المقاهي من خلال المتسوّلين، مستغلين الازدحام الشديد خلال مشاهدة المباريات الرياضية المهمة على سبيل المثال. وتذهب إلى أن ما يتم رصده لا يتعلق فقط بالبلاغات، لأنه ليس بالضرورة أن يتوجه الشخص الذي يتعرض للسرقة إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن سرقة هاتف محمول أو حقيبة سيدة أو مشغولات ذهبية ليست بمبالغ كبيرة. وتشدد على أن هناك محاولات من قيادات وزارة الداخلية لوضع خطة تحرك لمواجهة هذا التزايد في معدلات الجريمة، لما له من انعكاس سلبي كبير على استقرار المجتمع.
وبدأت تظهر بوادر قلق وخوف لدى قطاع من الشعب المصري في ظل تزايد الأخبار عن حالات السرقة والاختطاف بالآونة الأخيرة في عدد من المحافظات. وعادة ما ترتبط أوضاع اقتصادية سيئة في دولة ما، بانتشار جرائم من نوع خاص، مثل السرقة والخطف لطلب الفدية، بحسب مراقبين. ويعتبر هؤلاء أن انتشار جرائم بعينها أمر وارد في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها مصر، وبعض المشاركين فيها ليس بالضرورة أن يكونوا معتادي الإجرام ومسجلين خطرين.
من جهته، يفسر خبير في المركز القومي للبحوث الاجتماعية مسألة التوسع في الجرائم خلال الفترة الأخيرة بوجود حالة اقتصادية سيئة وانخفاض مستوى المعيشة لدرجة كبيرة. وفقاً للخبير نفسه فإن المجتمعات التي تشهد هزّات اجتماعية أو اضطرابات أو أزمات اقتصادية، يكون لها انعكاس على ارتفاع معدلات الجرائم المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية، مثل السرقة والنصب والخطف لطلب الفدية. ويوضح أن ارتفاع معدلات الجريمة ليس معناه لجوء الطبقات الفقيرة إلى السرقة والنصب، لكن يكون هناك توسع في نشاط العصابات المنظمة، فضلاً عن إمكانية ضم عناصر جديدة لها استغلالاً لظروفها السيئة. ويشير إلى أن الدوافع الاقتصادية في الجريمة حاضرة بقوة، لكن للطبقات المهمشة تماماً، فلا يمكن أن يقدم فرد في أسرة متوسطة أو فقيرة على السرقة، لكن في المستوى الأدنى من المعيشة ربما يجد أن الاتجاه إلى الجريمة أسهل الطرق لتوفير مستوى معيشة جيد.
وكان تقرير مصلحة الأمن العام للعام 2013، أكد ارتفاع معدلات الجريمة بشكل كبير. وبلغ عدد جرائم السرقة بالإكراه 2611 جريمة، بنسبة 350 في المائة زيادة في معدل الجريمة. أما الخطف، فكان عدد الجرائم المسجلة 258، بنسبة 145 في المائة زيادة في معدل الجريمة. وبلغ عدد السرقات المهمة للمساكن 9284 جريمة، بنسبة زيادة بلغت 130 في المائة، فيما أظهر التقرير تراجعاً في عمليات الضبط لحالات الجرائم المختلفة.

المساهمون