انتخابات سيناء تحت وقع الرصاص والحصار

انتخابات سيناء تحت وقع الرصاص والحصار

26 مارس 2018
إقبال ضعيف على الانتخابات (العربي الجديد)
+ الخط -
تجري الانتخابات الرئاسية المصرية في ظروف استثنائية تمر بها محافظة شمال سيناء، التي ترزح تحت حصار مشدد من قبل الجيش المصري، الذي يخوض عملية عسكرية واسعة النطاق منذ 9 فبراير/ شباط الماضي، فيما يعاني آلاف السكان من نقص شديد في المواد الغذائية والأدوية؛ مما انعكس سلبا على المشاركة في الانتخابات.

وتتزامن الانتخابات مع استمرار الجيش المصري في حملات دهم واعتقال عشوائية في صفوف المواطنين بدأت منذ انطلاق العملية العسكرية الشاملة، فيما يتواصل هدم منازل المواطنين في مدينتي رفح والعريش، حيث أزالت قوات الجيش أكثر من 120 منزلا في مدينة رفح وحدها منذ بدء العملية العسكرية، مما أدى إلى تهجير مئات المواطنين دون تقديم المساعدات الإنسانية أو التعويضات اللازمة لإيجاد بديل عن المنازل المهدمة.

وفي خارطة المراكز الانتخابية، فإن مدينة رفح خلت من المراكز الانتخابية بشكل كامل لأول مرة في تاريخها، فيما اقتصرت المراكز الانتخابية في مدينة الشيخ زويد على مركزين فقط، أما في مدينة العريش، التي تمثل عاصمة محافظة شمال سيناء، فكان الإقبال ضعيفا للغاية– على غير العادة- إذ اقتصرت المشاركة في الاقتراع على الموظفين الحكوميين، وأعداد قليلة من كبار السن والنساء.

وشدد الجيش المصري من إجراءاته في محيط المراكز الانتخابية في مدن محافظة شمال سيناء؛ على إثر التهديدات التي أطلقها تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، بنيته استهداف مراكز الانتخابات، خلال إصداراته المرئية التي نشرت خلال الأسابيع الماضية، مما أوجد حالة من الذعر لدى المواطنين من إمكانية تعرضهم للخطر في حال مشاركتهم في الانتخابات.

ويشار إلى أن الجيش المصري بدأ عملية عسكرية واسعة في 9 فبراير/ شباط الماضي، بمشاركة كافة أذرعه، بهدف القضاء على التنظيم.

ووفقا لإحصائيات الجيش، فإن 22 عسكريا، بينهم ضباط، قتلوا، فيما أعلن عن قتله لـ157 مسلحا، إلا أن إحصائيات حصل عليها "العربي الجديد" تشير إلى مقتل وإصابة أكثر من 140 عسكريا من قوات الجيش والشرطة.

وقال أحد وجهاء مدينة الشيخ زويد، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "المشاركة في الانتخابات جاءت بناء على وعود قدمت لهم من قبل مجلس المدينة ونواب في مجلس الشعب عن المحافظة بأن يجري تسهيل دخول المواد الغذائية والأدوية إلى المدينة بعد الانتهاء من العملية الانتخابية بشكل كامل، حيث تعاني المدينة وجارتها رفح من أزمة إنسانية خانقة أكثر من بقية مدن المحافظة".

وأضاف الشيخ القبلي، لـ"العربي الجديد"، أن "مدينة رفح لم تكن بها أي انتخابات لأول مرة في تاريخها، إذ رفض مجلس المدينة إقامة أي مركز انتخابي لمنْ تبقى في المدينة من مواطنين؛ نظرا لحالة السخط الشديد لدى المواطنين، نتيجة عدم وصول أي مواد غذائية منذ بدء حصار الجيش قبل أكثر من شهر ونصف، رغم المناشدات المتتالية التي وجهت للمحافظة والجهات الحكومية بضرورة التحرك لإنقاذ المدينة من كارثة إنسانية حقيقية".


وللتغطية على الإقبال الضعيف على الانتخابات، عمدت الصفحات السيناوية المؤيدة للنظام المصري على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نشر صور للانتخابات الرئاسية السابقة وانتخابات مجلس الشعب، على أنها صور للانتخابات الحالية، إلا أن أحد أعضاء مجلس مدينة العريش أكد لـ"العربي الجديد" أن حالة من الاستنفار تسود مقر المحافظة منذ أمس؛ بناءً على تعليمات بضرورة إظهار صور مشاركة واسعة للمواطنين خلال أيام الانتخابات.

وفي أول أيام الانتخابات، وقعت قوة عسكرية من الجيش المصري في كمين محكم لتنظيم "ولاية سيناء" غرب مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، مما أدى لمقتل وإصابة ثمانية عسكريين، بينهم ضباط، مما يشير إلى استمرارية صعوبة الوضع الأمني في سيناء، رغم حديث الجيش المصري عن تحقيق تقدم ملموس، ما يضع علامات استفهام أخرى على مدى قدرة النظام المصري الحالي، بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي من المؤكد فوزه في الانتخابات الحالية، على "إنهاء أزمة الإرهاب في سيناء".

ورصد "العربي الجديد" آراء بعض المواطنين في مدينة العريش؛ تعقيبا على عقد الانتخابات في ظل الأوضاع الأمنية والإنسانية الصعبة، فقال المواطن يوسف غالي، الذي يعمل مدرسا: "انتخابات إيه في حالة منيلة زي دي، لا أكل ولا دوا ولا دراسة، دولة بتضحك على نفسها بتعمل انتخابات وهي داخلة حرب مخلصتش من شهر ونص، ومحافظة بكاملها محاصرة!"، مضيفا أنه لن يشارك في الانتخابات لعدم اقتناعه بجدوى المشاركة؛ بحجة أنها محسومة بفوز السيسي.

أما الحاجة يسرى نور، فأكدت لـ"العربي الجديد" أنها في انتظار كراتين المواد الغذائية والخضروات، وليس صناديق الانتخابات، وشددت: "احنا عايزين لقمة العيش نأكّل أولادنا، وأدوية لمرضانا، مش عايزين نشارك في انتخابات، السيسي عريسها"، في إشارة إلى حتمية فوز الرئيس الحالي فيها.

وتشير الحاجة نور إلى أنها بحاجة إلى سفر عاجل إلى القاهرة لاستكمال العلاج؛ فيما يحول إغلاق الطريق من وإلى المحافظة دون الذهاب للعاصمة.

وتعقيبا على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء– طلب عدم الكشف عن اسمه- إنه "من الغرابة واللامنطق أن تقيم دولة عملية انتخابية في ظل خوضها حربا طاحنة ضد الإرهاب في سيناء، كما يدعي نظام السيسي، إضافةً إلى عدم وجود تقدم في العملية العسكرية الشاملة من شأنه أن يشكل ارتياحا سياسيا وتهيئة لأجواء للعملية الانتخابية القائمة حاليا في مصر".

وأضاف الباحث، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، إذ أراد النظام أن يكون هناك نصر في سيناء على الإرهاب، يكون منصة يقدم من خلالها السيسي نفسه للانتخابات الحالية، وتشكل دعاية كافية لدى المصريين الذين يكنون للجيش المصري مكانة خاصة، حيث تعمد السيسي لبس البزة العسكري أكثر من مرة خلال تفقد سير العمليات العسكرية للجيش في سيناء".