استعادة القيارة من "داعش"... الاقتراب خطوة نحو الموصل

استعادة القيارة من "داعش"... الاقتراب خطوة نحو الموصل

24 اغسطس 2016
خاضت القوات العراقية حرب شوارع داخل المدينة(محمد صالح/فرانس برس)
+ الخط -
تمكنت القوات العراقية المشتركة، ممثلة بالجيش وجهاز مكافحة الإرهاب، من توجيه ضربة جديدة لتنظيم "داعش" في محيط مدينة الموصل، بعدما استطاعت، أمس الثلاثاء، من الدخول إلى مدينة القيارة وسط توقعات عسكرية بأن يتم الإعلان رسمياً، اليوم الأربعاء، عن استعادة المدينة بالكامل، في خطوة من شأنها تقليص المسافة التي تفصل القوات العراقية عن الموصل إلى أقل من 50 كيلومتراً.

ونجحت القوات العراقية في خوض معارك عنيفة وحرب شوارع داخل أزقة المدينة، بعدما هيأت عشرات الضربات الجوية التي بدأتها مقاتلات أميركية منطلقة من قاعدة إنجرليك التركية، في ساعات مبكرة من صباح أمس، الطريق أمام تقدمها، بعدما أسفرت عن تدمير مواقع دفاعات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحقول ألغامه.

في المقابل، لجأ التنظيم إلى استخدام الانتحاريين الذين يرتدون أحزمة ناسفة أو سيارات مفخخة كانت مخبئة داخل المنازل والأفرع الضيقة، ما أدى الى إيقاع عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات العراقية. لكن الأخيرة نجحت في امتصاص هجمات التنظيم والتقدم من الأحياء الشمالية للمدينة (ثغرة الدخول العسكري لها إلى قلب المدينة) والسيطرة على أجزاء واسعة منها، ما جعلها بحكم المسيطر عليها عسكرياً.


وساهم العدد البشري الكبير والتفوق في الكثافة النارية للقوات العراقية وقبلها الغطاء الأميركي في تأمين الدخول إلى المدينة وإحداث شلل شبه تام في صفوف عناصر داعش.

وأوضحت مصادر عسكرية، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "مقاومة ضعيفة تبديها عناصر داعش في الأحياء الغربية من المدينة قد تنتهي في غضون ساعات قليلة من صباح اليوم الأربعاء ليتم الإعلان رسمياً عن استعادة المدينة بالكامل".
ووفقا للمصادر ذاتها، فإنه تم تسجيل انسحابات بالجملة لعناصر التنظيم وقياداته وعوائلهم عقب تحقيق الثغرة التي منها نفذت القوات العراقية البرية للمدينة.
وقال قائد عمليات الجيش العراقي في نينوى، اللواء الركن نجم عبد الله الجبوري، في حديث خص بـ"العربي الجديد"، إن "دخول القيارة يقربنا خطوة أخرى من الموصل". وأضاف الجبوري أن "القوات العراقية دخلت المدينة وخاضت معارك طاحنة مع إرهابيي داعش وحصل تفوق كبير عليهم ساهم في انكسار دفاعات التنظيم". ولفت إلى أن "الانتحاريين آخر سلاح لدى داعش وهو متوقع منهم، لكنه لم ينجح في إيقاف تقدمنا". وأشار إلى أن "دور التحالف الدولي في المعركة كان مفصلياً".
وتعد مدينة القيارة من أهم معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى، شمال العراق، وعاصمتها الموصل، وتقع على بعد 60 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من الموصل. وتعتبر إدارياً أكبر ناحية في نينوى ويتجاوز عدد سكانها، حسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية للعام 2011، أكثر من 100 ألف نسمة.
وسميت المدينة بالقيارة كونها محاطة بعيون القار والكبريت المحاذية لنهر دجلة الذي يمر بجوارها فضلاً عن آبار النفط التي تلف المدينة من محورها الشمالي والشرقي. وفيها تم بناء أول مصفى نفطي بالعراق عام 1956 من قبل شركة إنكليزية. وعلى مقربة من المدينة توجد القلعة الآشورية التي تحوي معالم وآثار الحضارة الآشورية التي حكمت البلاد قبل آلاف السنين.

وتكون القوات العراقية بتمكنها من ربح معركة القيارة وطرد التنظيم من المدينة قد قلّصت المسافة بين قطعاتها ومدينة الموصل إلى أقل من 50 كيلومتراً، إذ اندفعت قوات أخرى إلى السيطرة على حقول القيارة والمصفى النفطي فضلاً عن مساحات زراعية واسعة حول المدينة من المحور الشمالي والشرقي والغربي.
وفي السياق، قال العقيد الركن أحمد عبد الرحمن الحمداني، من قوات الفرقة 15 في الجيش العراقي، إن العقدة الأصعب قد انتهت بدخول القيارة. ولفت إلى أنه "في طريقنا إلى الموصل ستكون هناك بلدتا الشورة وحمام العليل ومدينة النمرود قبل الوقوف على أسوار الموصل في حال استمرت الخطة بالتقدم من المحور الجنوبي المباشر إلى الموصل".

وأوضح الحمداني، متحدثاً عبر الهاتف من قاعدة القيارة العسكرية، أن "باقي البلدات التي يسيطر عليها داعش ستكون مهمة السيطرة عليها أسهل بكثير من القيارة كونها مناطق مفتوحة ومنبسطة بين زراعية وسهلة تفتقر للغطاء المطلوب الذي يتمناه التنظيم".
في غضون ذلك، تواصلت التحشيدات العسكرية حول المدينة من اتجاهاتها الأخرى من قبل القوات الكردية وقوات تحرير الموصل المشكلة من قبل أبنائها، فضلاً عن مليشيا الضياغم التي شكلتها عشيرة شمر العربية، إضافة الى مليشيا بابليون المسيحية ومليشيا الثأر الأيزيدية.
في هذه الاثناء، قالت مصادر محلية خاصة لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم باشر عمليات حفر أنفاق وتعزيز دفاعات حول القرى القريبة من الموصل. كما عمد إلى تفجير ثاني جسر قرب المدينة ضمن محاولاته مواجهة سيناريوهات التقدم العسكري نحو المدينة.
وبحسب المصادر، فإن التنظيم "عزز من دفاعته حول المدينة بشكل غير مسبوق وبدأ عمليات تمويه لمركز دفاعاته التي تحوي على مدافع أو مضادات للطيران".
وفي ظل هذه التطورات يزداد القلق في أوساط المدنيين في الموصل مع اقتراب موعد المعركة. ويتواجد نحو مليون وربع مليون شخص داخل المدينة يمنع التنظيم مغادرة أي منهم إلا بإذن من عناصره، الأمر الذي لا يمكن الحصول عليه بسهولة.

المساهمون