"يوم وليلة"... معالجة سطحية لقضايا كثيرة

"يوم وليلة"... معالجة سطحية لقضايا كثيرة

02 فبراير 2020
الفيلم من بطولة الممثّل المصري خالد النبوي (فيسبوك)
+ الخط -
ينتمي "يوم وليلة" (2020)، لأيمن مكرم، إلى نوعٍ سائدٍ في السينما المصرية في الأعوام الـ15 الأخيرة، يُعرف بـ"أفلام اليوم الواحد والمكان الواحد". نوع يشتمل على شخصيات كثيرة، مختلفة ومُعبّرة عن المجتمع، تتقاطع صدفة في سياق الفيلم. من تلك الأفلام، هناك "كباريه" (2008)، و"الفرح" (2009)، و"سوق الجمعة" (2018)، وكلّها لسامح عبد العزيز، و"واحد صفر" (2009)، لكاملة أبو ذكري، وصولاً إلى "يوم وليلة" مطلع العام الجاري.
كما عنوانه، يتّخذ الفيلم إطاراً زمنياً محدّداً، يوم وليلة المولد، في منطقة السيدة زينب الشعبيّة في القاهرة، مُنطلقاً من شخصية أمين الشرطة منصور الذهبي (خالد النبوي)، وكيفية إدارته أمور الحي الذي يقيم فيه، وداخل قسم الشرطة وخارجه، مقابل حصوله على المال لتسديد مصاريف مدرسة ابنة شقيقته، المُصابة بـ"متلازمة داون". ثمّ تبدأ الصورة بالاتّساع شيئاً فشيئاً، فتظهر حبكات فرعية: الطبيبة "ميرفت" المطلّقة التي تريد المال لأبنائها أيضاً، والبلطجي "محمود" وسرقاته، و"إفْلن" الموظّفة الحكومية، المحتاجة إلى المال لإجراء عملية لوالدتها المحتجزة في المستشفى؛ قبل ظهور أكثر من 15 شخصية درامية (من دون مبالغة) في ساعة ونصف الساعة فقط، هي مدّة الأحداث الدرامية.
الجملة الأخيرة توضح جانباً أساسياً من المشاكل الكثيرة التي يُعانيها "يوم وليلة": كَمّ من الفوضى في الشخصيات، وتداخل الحبكات والصدف الدرامية. فرغم انطلاقه من فكرة مركزية، قادرة على صُنع فيلم جيد ذي رؤية، بفضل متتاليات من "الحاجة المادية" التي تدفع الشخصيات المتقاطعة إلى قهر بعضها البعض، إلا أنّ هذا النمط يُصبح ضعيفاً ومتوقّعاً بعد مرور فترة من مسار الأحداث، بسبب تكراره، وعدم إخلاص كاتب السيناريو يحيى فكري والمخرج أيمن مكرم لحبكات محدّدة يتحرّك فيها وبينها الفيلم، بقدر ما "يتقافز" بين الشخصيات في مواقف متشابهة، يجمعها قهر أحدهم للآخر.
تزداد الأمور سوءاً نظراً إلى "القضايا" العديدة التي يتناولها الفيلم، كالفقر والسلطة والبطالة، والإرهاب والاضطهاد الديني المتبادل، وكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة، وعلاقة الحبّ بين مسيحي ومسلمة، وعلاقة أخرى بين مسيحي ومسيحية غير مطلّقة، ورغبة أحدهم في السفر والعيش خارج مصر بسبب الخوف، لكن هذا الـ"أحدهم" يظهر في 3 مَشاهد فقط، آخرها (قبيل نهاية الفيلم) يتضمّن مونولوغاً خطابياً عن صعوبة العيش في مصر. لا يسعى "يوم وليلة" إلى ابتكار شخصيات حقيقية يرتبط المُشاهد بها، رغم وجود أرضية مناسبة لذلك، أو حبكات قصصية تُثير رغبة متابعة أحداثها، بقدر ما يجعل أبطاله نماذج لقضايا اجتماعية يتناولها بعشرات الـ"كليشيهات" الميلودرامية المعتادة في الأفلام المصرية منذ خمسينيات القرن العشرين. لكن، وخوفاً من ألا تصل "رسائله"، السطحية والواضحة أصلاً، يدفع شخصياته إلى قولها عُنوةً في حوارات ضعيفة للغاية، كشكوى الطالب الجامعيّ من عدم وجود فرصة عمل، أو تساؤل الشاب المسيحي (الذي يُرافق حبيبته/ صديقته المسلمة إلى بيته القائم في منطقة شعبية، في مشهد غير واقعي حقاً نسبة إلى الوضع في مصر) عن سبب عدم قبول المجتمع صداقة شخصين، كلّ واحد منهما ينتمي إلى دين مختلف.
هذا يحصل في السياق السرديّ كلّه. 
"يوم وليلة" أحد أضعف الأفلام المصرية في هذا النوع. لا يفتقد مساحة سينمائية أو طموحاً فنياً فقط، ولا يعيبه الاعتماد على "الزعيق" والقضايا "الجامدة" فقط، بل يفقد الصدق في معرفة شخصياته، وطبيعة المجتمع الذي يحكي عنه.

دلالات

المساهمون