تقرير: أوضاع الإعلام في مصر مرهونة بعلاقاته مع السلطات

تقرير: أوضاع الإعلام في مصر مرهونة بعلاقاته مع السلطات

05 سبتمبر 2016
الصحافيون المخفيون يتعرضون للتعذيب الشديد (محمد الراعي/الأناضول)
+ الخط -

أصدرت مؤسسة "المرصد المصري" ومرصد "صحافيون ضد التعذيب" تقريران حول أوضاع الإعلام في مصر. وتناول التقريران علاقة الإعلاميين بالسلطة التنفيذية، ودور نقابة الصحافيين، بالإضافة إلى موضوع الدعاوى القضائية، وحالات الاختفاء القسري.

الإعلام والسلطة التنفيذية

تقرير مؤسسة "المرصد المصري" حلل أوضاع الإعلام في مصر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأشارت فيه إلى أنه "لا يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي حقيقي أو حياة سياسية سليمة من دون رفع القيود التشريعية والتنفيذية والإدارية والأمنية عن حرية إبداء الرأي والتعبير، والتي يعتبر وجود الإعلام المستقل والحر بشكل جدي ضمانة رئيسية لممارسة هذا الحق".

وأفاد التقرير بأنّ السلطة التنفيذية ترى أن مهمة الإعلام الرئيسية هي التعبئة العامة للمواطنين نحو ما تراه في مصلحة الشعب، وبث الروح الوطنية في المواطنين، عبر إبراز حجم الإنجازات، واستدعاء خطر المؤامرات لمنع توجيه أي انتقادات للسلطة، مشيراً إلى أنّ تصريحات بعض الأطراف من السلطتين التشريعية والتنفيذية تؤكد هذا الأمر.

إذ قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في حوار تلفزيوني أخيراً: "أناشد الإعلاميين مراجعة أنفسهم حتى لا يضروا الوطن من دون قصد"، و"أناشد وسائل الإعلام تسليط الضوء على الإيجابيات والإنجازات التي تقدمها السلطة التنفيذية".

كما أشار التقرير إلى تصنيف مصر في مؤشر حرية الإعلام عن 2015، إذ احتلت المرتبة 156 من أصل 177 دولة، بينما كانت في المرتبة 127 في عهد الرئيس السابق، حسني مبارك، مما يؤكد حالة التدهور والظروف التي يعمل فيها الصحافيون والإعلاميون في مصر.

التنظيم النقابي وحرية الإعلاميين

أشار التقرير إلى أن أبرز ما رصدته نشرة المرصد الشهرية، في شهر مايو/أيار الماضي، كانت واقعة إلقاء القبض على كل من عمرو بدر ومحمود السقا من مقر نقابة الصحافيين. اتهم مجلس نقابة الصحافيين حينها أجهزة الأمن باقتحام مقر النقابة.

في المقابل، اتهمت أجهزة السلطة التنفيذية وأنصارها وجزء من الجماعة الصحافية، بعض الأعضاء في مجلس النقابة بتسييسها، فقامت النقابة باعتصام مفتوح، مطالبة باعتذار رئيس الجمهورية وإقالة وزير الداخلية، واتخذت قراراً يقضي بتجاهل الأخير وتشويه صورته، لكن لم تلتزم الصحف كلها بالقرار.

تضامنت بعض القوى السياسية والنقابية والمدنية مع النقابة، فيما هاجمها البعض الآخر. وانتهى الأمر بإحالة نقيب الصحافيين، يحيى قلاش، وعضو المجلس، خالد البلشي، في آخر شهر مايو الماضي، إلى محكمة جنح قصر النيل بتهمة إيواء مطلوبين في مقر النقابة.

وخلص التقرير إلى أن نقابة الصحافيين خاضت معركة قاسية في مواجهة السلطة التنفيذية. لكن، يعاني الإعلاميون، في الوقت نفسه، من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المؤسسات الصحافية والقنوات الفضائية، ويعانون من الاستغلال والفصل التعسفي، لافتاً إلى أن دور أي نقابة في الأصل هو التفاوض الجمعي لتحسين شروط المهنة وتطويرها.

تمركز الدعاوى القضائية ضدّ الإعلاميين حسب المحافظات 

وثق مرصد "صحافيون ضد التعذيب" 93 جلسة عبر 34 دعوى قضائية ضد الحريات الإعلامية، موزعة على 8 محافظات مختلفة، خلال النصف الأول من العام الحالي.

وتتمركز معظم هذه القضايا في محافظتي القاهرة والجيزة بـ63 جلسة خلال 21 قضية، لافتاً إلى أن شهري يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران، شهدا العدد الأكبر من الجلسات، بعدد 19 و18 جلسة على التوالي، تليهما الإسكندرية والقليوبية والمنوفية والإسماعيلية، ومحافظتا بني سويف ودمياط، أخيراً، بقضية واحدة فقط.

وأبرز التهم التي توجّه إلى الصحافيين هي الانضمام إلى جماعة غير قانونية، والسب والقذف، وتهم جنائية مرتبطة بتظاهرات، بالإضافة إلى إجراءات أخرى للتنكيل بالصحافيين من خلال إجراءات روتينية كالحبس الاحتياطي طويل المدى من دون مبررات، والتأجيل الإداري للجلسات لعدد كبير من المرات.

ولفت التقرير إلى أن أغلب الصحافيين يواجهون مصير السجن بسبب تحريات مكتبية روتينية بواسطة الأمن الوطني تفيد انضمامهم لهذه الجماعة أو تلك، من دون أي أدلة، فينكر دور الصحافي، وتصادر معداته وآلات التصوير، متجاهلين اللوائح والقوانين التي تنظم العمل الصحافي في مصر والضمانات القانونية والدستورية للصحافيين.

الاختفاء القسري

وحول الاختفاء القسري، لفت تقرير المرصد إلى أنه انتشر بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، إذ أصبح من المعتاد القبض على الصحافيين بواسطة أفراد تابعين لجهات أمنية، وإخفاؤهم في أماكن غير معلومة لمدة طويلة من دون توجيه اتهامات أو عرضهم على جهات التحقيق المختصة، مما يعد احتجازاً من دون وجه حق، وهو ما يجرمه القانون بكل وضوح.

وأشار التقرير إلى أن قوات الأمن المصرية قامت بالقبض على الصحافي في موقع البديل الإخباري، صبري أنور، من منزله في دمياط، فجر يوم 21 فبراير/شباط الماضي، وتم إخفاؤه قسراً داخل جهة غير معلومة بالمخالفة القانونية، ثم تم عرضه على النيابة بعد مرور شهر كامل من اختفائه من دون إثباتات رسمية، حيث تم ترحيله للنيابة بمحضر مُؤرخ حسب يوم عرضه، بتهمة الانضمام لجماعة غير قانونية ونشر أخبار كاذبة.

كما يتعرض، حالياً، صحافي آخر من جريدة "صوت الأمة"، أحمد منسي، للاحتجاز من دون وجه حق ومن دون عرض على جهات التحقيق المختصة، منذ إلقاء القبض عليه في 5 يوليو/تموز الماضي، وتقدَّم ذووه ببلاغ رسمي إلى النائب العام يوم 12 يوليو/تموز من دون أي جدوى.