وثيقة مسربة: ناشطون فلسطينيون في قائمة التحريض على السلطة

وثيقة مسربة: ناشطون فلسطينيون في قائمة التحريض على السلطة

29 يناير 2018
استياء من مراقبة ناشطين فلسطينيين على فيسبوك (Getty)
+ الخط -
حمل تقريرٌ بدا وكأنه مسرّبٌ من إحدى دوائر جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية، أسماء العديد من الناشطين والسياسيين والصحافيين الفلسطينيين، يتهمهم فيه إنهم يمارسون أشكالاً من التحريض على السلطة الفلسطينية.

ويركز التقرير المسرّب على أحداث قضية محاكمة الشهيد الفلسطيني باسل الأعرج والتي جرت في الثالث عشر من شهر مارس/ آذار العام الماضي، أمام مجمع المحاكم في مدينة رام الله، إذ احتجّ الناشطون حينها على محاكمة الأعرج ورفاقه الخمسة، أربعة منهم معتقلون لدى سلطات الاحتلال الإسرائيل، وذلك بعد استشهاد الأعرج في السادس من الشهر نفسه، على يد القوات الإسرائيلية وسط رام الله، إضافة إلى الوقفات والاحتجاجات التي ينظمها الناشطون الفلسطينيون.

ويقول التقرير إنّ جهاز الأمن الوقائي رصد عبر خلاياه الإلكترونية أسماء من اعتبرهم "يحاولون المساس بالسلطة الفلسطينية وتعطيل مسيرة المشروع الوطني الفلسطيني"، وذلك بعد تتيع ورصد الأحداث الميدانية في الضفة الغربية المحتلة، ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي، والاحتجاجات ضد ممارسات الأمن الفلسطيني. وحوى التقرير على أسمائهم وأماكن السكن الخاصة بهم وحتى الأعمار، والخلفية السياسية، والأصدقاء الذين يتعاطون معهم. 

وضم ّالتقرير مصطلحات مثل "أجندة خارجية"، و"أجندة حزبية"، إضافةً إلى مصطلحات متعلقة بالتحريض، والفئوية، والشخصية، بالإضافة إلى أنه احتوى أرقام البطاقات الشخصية للناشطين والذين أكدوا أن تلك الأرقام هي بالفعل أرقام بطاقاتهم.


المحامي في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فريد الأطرش، والذي ذكر اسمه ضمن المشاركين في الاحتجاجات على محاكمة الشهيد باسل الأعرج، يقول لـ"العربي الجديد" إنه حتى اللحظة لا يوجد تأكيد أو نفي من الأجهزة الأمنية الفلسطينية للتقرير المسرب، والعمل يجري للتأكد منه.

وإن صح التقرير المسرب، بحسب الأطرش، فهذا يعتبر انتهاكاً صارخاً لحرية الرأي والتعبير واعتداء على خصوصية المواطنين، إضافةً إلى أنه يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان ومخالف للقوانين.

ويؤكد أنه لا يجوز التجسس بهذه الطريقة على المواطنين، وكذلك لا يجوز متابعتهم، وتصنيفهم. ويقول: "عندما نمارس حقنا في حرية الرأي والتعبير لا يعني أننا نقوم بعملية التحريض على السلطة وعلى الأجهزة الأمنية، هذه معلومات مغلوطة وكيدية الهدف منها النيل من الأشخاص المذكورة أسماؤهم وملاحقتهم وتشويههم".

ويطالب بضرورة إيقاف هذا السلوك، كونه غير قانوني ومخالفاً لحقوق الإنسان، في الوقت الذي توجد فيه علامات استفهام حول توقيت النشر، والجهة المسربة وما الهدف من نشره. وفي حال ثبتت صحة التقرير، يقول الأطرش، إنه من حق كل مواطن أن يتخذ الإجراءات التي يراها مناسبة ضمن القانون لمتابعة نشر اسمه بهذه الطريقة.

من جانبه، يؤكّد الناشط في تجمّع "شباب ضد الاستيطان" عيسى عمرو لـ"العربي الجديد" أنه سيتقدم شخصياً بشكوى قانونية ضد تسريب تلك المعلومات، لمعرفة المسرب ومحاسبته ومطالبته بتعويض مالي، ولمجرد ذكر اسمه بتقرير غير صحيح وبمعلومات غير دقيقة، كونه يجب محاسبة الأداء السيئ لأي أحد.

ويقول عمرو إنّ "التقرير المسرّب يتهم الناقدين أنهم يحملون أجندات خارجية وأنهم ضد الشرعية، ومشبوهون، وفيه إساءة لسمعة الشباب الذين يعملون على الإصلاح ويطالبون به، وينتقدون أي نوع من أنواع الخروج عن القانون الفلسطيني".

ويرى أن التسريب انتهاكٌ لخصوصية المواطن والناشط الفلسطيني وينزع الثقة بالمؤسسة الأمنية الفلسطينية حول وجود قضايا من الممكن أن يتم نشرها أو تسريبها، وتؤثر على المواطن الفلسطيني.

في المقابل، يراها رسالة تهديد للناشطين، ومحاولة إخافة ونزع جميع المقومات التي من الممكن أن يمتلكها المواطن الفلسطيني، وهي أيضاً انتهاك واضح لحرية التعبير وحرية الرأي وحرية الانتقاد وحرية التظاهر السلمي.

ويلفت عمرو إلى "وضوح قلة المعلومات في التقرير وعدم دقتها"، وأضاف "يتم البناء على معلومات غير دقيقة بأخذ قرارات مصيرية بحق المذكورة أسماؤهم في هكذا تقارير". وأشار إلى أن "ثمة توجهات سياسية للأجهزة الأمنية خارج إطار عملها الأمني البحت، كونه يجدر بالأجهزة الأمنية أن تكون قريبة من الجميع ولا يكون لها أي انحياز لأي أحد بسبب انتمائه السياسي، وتحمي جميع المواطنين بالقانون الفلسطيني، لا أن تكون محرضة وتستخدم عبارات خارجة عن المفهوم العربي والفلسطيني مثل الأجندة الخارجية وغير الشرعية وتأطير الناس حسب انتمائهم السياسي، لأن ذلك يعبر عن وجود مشكلة حقيقية عندهم".


وانتشرت على "فيسبوك" ردود أفعال لناشطين وصحافيين وردت أسماؤهم في التقرير، منهم من كان متفاجئاً أو مصدوماً أو ساخراً. وكتبت الصحافية نيبال فرسخ عبر حسابها: "تفاجأت بوجود اسمي على تقرير مسرب عن جهاز الأمن الوقائي خلال أحداث محاكمة الشهيد باسل الأعرج، بتهمة انني أقوم بـ(التحريض) وتحت قائمة الانتماء السياسي مكتوب غير معروف، أودّ أن أقول لكم ان انتمائي قلبا وقالبا هو لفلسطين وحدها ولشهدائها وأسراها وجرحاها.. رجاء في المرات القادمة ضعوا بجانب اسمي فلسطينية وتفتخر".

وفي منشور آخر كانت ساخرة حول ذكر اسم القيادي في الجبهة الديمقراطية مرة قيس عبد الكريم ومرة أبو ليلى في ذات التقرير: "يبدو ان المناديب مش شغالين صح قيس ابو ليلى هو نفسه قيس عبد الكريم وجب التنويه يا مناديب الاسم بزبطش يكون في نفس التقرير مرتين".

أما الصفحة الناقدة والساخرة "مش هيك" سخرت من القضية في منشور: "النشطاء اللي ما طلع اسمهم بتسريب تقرير الوقائي زعلانين، يلا بسيطة بكرا بنسربلكم تقرير المخابرات".

بينما نشر الناشط علاء أبو دياب: "الشباب متعاملة مع تسريب الامن الوقائي زي تقرير السوشيال ميديا.. كله بده يحطوا اسمه".

أما الشابة رلى أبو دحو فعلقت: "بخصوص تقرير الامن الوقائي المسرب.. وقبل اما احكي عليه، على الاقل يعني للمرة الاولى موجوده بتقاريرهم باسمي الشخصي (رلى ابو دحو) وليس (زوجة وسام الرفيدي) يعني هذه المرة بحييكم الوعي الجندري عندكم متحسن. ما عدا ذلك أداء بخزي تقرير على رأي ستي لا منظر ولا محضر".

المساهمون