برامج الفضائح: ماذا فعلت بالإعلام؟

برامج الفضائح: ماذا فعلت بالإعلام؟

20 فبراير 2015
انتُقِد خليفة وقيل إنّه يبتعد عن المعايير الإعلامية
+ الخط -

في الأعوام الأخيرة انطلق، بشكلٍ مضبوط، نوع من البرامج يعتمد على منطق البحث والتحرّي حول كل قضية شائكة أو حساسة أو معقّدة يمكن أن تهزّ الرأي العام... اليوم تدور معظم البرامج الاجتماعية حول هدف أساسي: البحث عن فضيحة!

عام 2008، قرر طوني خليفة تقديم برنامج "للنشر"، معتبراً أنّ عليه إعطاء المشاهدين ما يريدونه، وهم يريدون الفضائح. يومها انتُقِد خليفة، وقيل إنّه يبتعد عن المعايير الإعلامية. في تلك الفترة، كان الشاب جو معلوف يصنع لنفسه شهرةً من خلال "جرأة" كبيرة عبر محطّة "الجرس". أيضاً يومها كان هذا البرنامج يحصد الكثير من المتابعة، ويُراشَق بالكثير من الانتقادات. وبما أنّ كلّ الأمور غير المعتادة تصبح مجرّد أمر عادي حين تتمكّن من تخطّي عقبة الانتقادات، هكذا صار هذا النوع من البرامج محطّ أنظار المحطات التلفزيونية في لبنان.

محطّة "أم تي في" طلبت من جو معلوف أن يقدّم على شاشتها برنامج "إنتَ حر"، عنوان يشبه "أنا حرّ" الذي كان يقدّمه عبر أثير إحدى الإذاعات. البرنامج توقّف فيما بعد بسبب "تهديد انتخابي".

عمّ هدوء نسبي الشاشات، قبل أن تعود العاصفة بقوّة لتسيطر مساء كل إثنين على معظم المحطّات اللبنانية: "طوني خليفة 1544" على الـ"أم تي في"، "للنشر" مع ريما كركي على "الجديد"، "حكي جالس"، مع جو معلوف على الـ"أل بي سي".

ماذا فعلت هذه البرامج بالإعلام؟ ببساطة- مع أنّ الأمر ليس بسيطاً أبداً- قلبت هذه البرامج مقاييس كثيرة في عالم الإعلام، فخفّ وهج كلّ برنامج لا يفتح ملفات ساخنة، ولا يقتحم الحفلات الماجنة، ولا يفضح فساد الغذاء، ولا يصوّر التلاعب بالدواء، ولا يحقّق في هوية قاتل أطفال، ولا يتحرّى عن كيفية هدر الأموال، ولا يشرح تفاصيل الاغتصاب، ولا يحلل أسباب ضعف الانتصاب، ولا ينبش القبور ولا يكشف المستور، ولا يصوّر عمليات المؤخّرات والصدور!

هذه البرامج حوّلت المادّة الإعلامية الجدّية إلى ما يشبه مادة ترفيهية "يتسلّى" الناس أثناء مشاهدتها، أو يتسلّون بالحديث عنها في اليوم التالي. هذه البرامج جعلت "أحمر بالخط العريض" مع مالك مكتبي يبدو برنامجاً كوميدياً، و"بلا طول سيرة" مع زافين قيومجيان جعلته يبدو "دقّة قديمة".

وهنا نجد أنفسنا أمام إشكالية كبيرة: هل تَحوّل "البحث عن فضائح" إلى الخطّ الإعلامي الجديد الذي يجب اتّباعه؟ وهل ننظر إلى كلّ رافضٍ لهذا الخط مثل شخص يرفض أن يحمل هاتفاً خلوياً؟ أو أنّ هذه الموجة، مهما علت، سرعان ما ستنكسر على صخرة الإعلام الرصين أو ستختفي على شاطئ النسيان؟

الثابت هو أنّ للإعلام دورا مهما في نشر التوعية وفي المحاسبة، ولم يُدعَ "السلطة الرابعة" عن طريق الصدفة. ولكن يبقى تحديد: أي توعية ينشر؟ وكيف يحاسب؟
 

دلالات

المساهمون