"أوبرا الصابون"... دراما الواقع الاجتماعي والسياسي

"أوبرا الصابون"... دراما الواقع الاجتماعي والسياسي

22 مايو 2016
Knots Landing إنتاج 1991 (Getty)
+ الخط -
هويّة فنيّة خاصّة ارتبطت بها المسلسلات التجارية التي انتشرت بصورة كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا منذ مطلع ثلاثينيات القرن العشرين. وقد أطلقوا عليها "مسلسلات الصابون" أو (Soap opera)، حيث اقترنت هذه النوعية من الأعمال الدراميّة في أوّل الأمر بشركات الصابون والمنظفات، التي كانت تروّج منتجاتها، من خلال الفواصل الإعلانيّة الطويلة، كون أن جمهور هذه المسلسلات غالبيتهم كانوا من ربات البيوت أيضاً.


اتّخذ مصطلح "أوبرا" ليشير إلى الطابع الميلودرامي، فبناء المسلسل وعناصره الرئيسيّة ليست سوى الحياة الطبيعيّة والقصّة المفتوحة المستمرّة، فكلّ حلقٍة تنتهي بوعد باستكمال الحكاية في حلقة قادمة. وكلما ظنّ المشاهد أن "الحدوتة" في طريقها للنهاية، تولدت أخرى، وهكذا دواليك. وقد تميَّزت تلك المسلسلات بعرض قصص حياة عديد من الشخصيات، مُركّزةً على العلاقات العاطفيّة. كان المسلسل الإذاعي "أحلام مرسومة" الذي عرض سنة 1930، هو أول مسلسل من هذا النوع، وكان يعرض في الولايات المتحدة خمس مرات أسبوعياً.


وكان يستهدف ربات البيوت، لذلك كانت إعلانات الصابون هي الراعي الرسمي له. كانت تلك المسلسلات تعرض نهاراً، ووفقاً للطابع الميلودرامي الذي يتسم بالمبالغة في التعبير عن العواطف والانفعالات؛ فقد كانت الشخصيّات الأميركيّة التي تظهر بالمسلسل، تكون غالباً جذّابة ومغرية وبرّاقة وثريّة. وفي بريطانيا وأستراليا كان التركيز منصباً على الواقع الاجتماعي المتمثل في المواقف اليومية وسلوك الشخصيات، مثل الخلافات الأسرية وانهيار الزواج والمشكلات المالية، كما اعتنت بالطبقات العاملة ومشكلاتها. أيضاً، لم تغفل المسلسلات البريطانية العنصر الكوميدي، في مقابل ضعف الكوميديا بالمسلسلات الأميركية.

قامت "أوبرا الصابون" بدورٍ سياسيّ كبير في الحرب العالميّة الثانية، حيث استغلّته بريطانيا من خلال شبكة "البي بي سي" سنة 1941، لتبثّ مسلسلاً موجَّهاً للأسرة في أميركا الشمالية؛ لتشجيع التدخل الأميركي إلى جانب بريطانيا التي تعاني من ضغوطِ النازيّة وتقدُّمها في أوروبا. وقد ظلت "البي بي سي" تذيعُ "أوبرا الصابون" التي حظيت برواج كبير. وفي أوائل الخمسينيات، كان المسلسل قد استقطبَ حوالي خمسة ملايين مستمع. أما المسلسلات التلفزيونيَّة فقد بدأت في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وخلال ثلاث سنوات، تم إنتاج 148 حلقة. وكان العمل الدرامي يذاع على الهواء مباشرة، ولم يتبق منه محفوظاً في الأرشيف سوى حلقات معدودة تم تسجيلها. ثم كان مسلسل "آي تي في عنبر الطوارئ رقم 10" أول مسلسل تلفزيوني صابوني، يذاع بانتظام مرتين أسبوعياً في الفترة من 1957 وحتى 1967.



أما شبه القارة الهنديَّة؛ فقد دخلت عالم هذا النوع من الدراما في الثمانينيات، حين اتَّسعت أعداد من يمتلكون أجهزة التليفزيون. ومع بداية القرن الجديد، أصبحت هذه المسلسلات جزءاً من الثقافة الهندية. حيث ركّزت المعالجات الدرامية على النزاع بين الحب والزواج الذي ترتبه العائلات في الهند، والصراع بين الحموات وزوجات الأبناء. وقد أنتجت المسلسلات الهندية باللغات الهندية والتاميلية والبنجابية والجوجارتية والبنغالية والكنادا والتلوغو والمالايام.
أصبحت الهند منتجاً رئيسياً لـ"أوبرا الصابون"، حيث ظهرت المسلسلات تحت رعاية العديد من العلامات التجارية والشركات الكبيرة لإصدارات بمختلف اللغات. وأصبحت أعداد كبيرة من المسلسلات الهندية تعرض في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة وبعض أجزاء أوروبا وجنوب أفريقيا وأستراليا. كما بدأت عدد من الدول الدخول إلى حلبة المنافسة، مثل أستراليا والنرويج وهولندا وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وتركيا ودول أميركا اللاتينية؛ فانتشرت العديد من تلك المسلسلات الناجحة ذات الحلقات الطويلة.


الجديد في عالم "أوبرا الصابون" هو أنَّه مع التقدُّم التقني؛ ظهرت عدة مسلسلات من "أوبرا الصابون" التي تم إنتاجها خصيصاً للعرض على الأجهزة الإلكترونية، وترويجها عبر شبكة الإنترنت. فظهرت مسلسلات صغيرة جداً، تتكون من ستة أو سبعة صور، يصاحبها نص مكتوب.

المساهمون