مهرجان "غيون ماتسوري" الياباني

مهرجان "غيون ماتسوري" الياباني

03 يونيو 2016
من المهرجان (getty)
+ الخط -
بعد انقضاء الربيع، تحتفل بلدة غيون اليابانية، حصرياً، ولمدة شهر كامل، هو شهر يوليو/ تموز، بمهرجانها السنوي. وهي مناسبة دينية عريقة، اتّخذت ثوباً عصرياً لم يفقدها بهاءها القديم. تقع بلدة غيون في مقاطعة كيوتو الشهيرة المطلة على المحيط الهادي.

للمهرجان قصة أسطورية تعود إلى حوالى ألف عام، ففي عصر "الهيان" (694-1185)، عانت كيوتو من سلسلة من الكوارث الطبيعية والأوبئة، ونسبت تلك الكوارث لثلاثة من آلهة الطبيعة الهائجين، وهم: سوسانو وشقيقه وشقيقته، الذين عاثوا في الأرض فساداً، وكانوا على هيئة الوحش الخيالي، "غودزيلا" في الحجم والقوة، إذ نشروا الأمراض الفتاكة والأوبئة والأعاصير والزلازل والبراكين، وسيطروا على البحر والعواصف والشمس والقمر. وفي إحدى وسائل استرضاء الطبيعة، والتخفيف من غضبها؛ أقام الياباني القديم مراسم التطهر وأسماها "غيون"، وفيها جمعت الرماح التقليدية من أنحاء اليابان، وجيء بالقباب المحمولة لتقديم الاحترام وتبجيل الآلهة واستعطافهم، وتكررت هذه الطقوس مع تكرار الكوارث، حتى جاء عهد "شوغون" 1533 الذي أصدر مرسوماً بحظر جميع التجمعات الدينية، وعلى الرغم من الحظر؛ استطاع شعب كيوتو الحفاظ على تقليده ومراسمه الخاصة.


"غيون ماتسوري"، اليوم، هو أحد أشهر مهرجانات اليابان، وهو يتوج بمسيرتين. الأولى، في السابع عشر من شهر يوليو/تموز. والثاني، في الرابع والعشرين من شهر يوليو/ تمّوز. وخلال الليالي التي تسبقُ المسيرات، فإن عدداً من البيوت التي يمتلكها كبار تجار "الكيمونو"، تفتح مداخلها للجمهور كي يشاهد الزوّار موروثات الأسرة، من المتاع الأثري التقليدي للأسرة، في معرض مفتوح يطلقون عليه اسم "بيوبو ماتسوري"، أو "مهرجان الشاشة القابلة للطي"، الأمرُ الذي ُيعدُّ فرصةً ذهبيّة لرؤية اليابان القديمة، والمنازل التقليدية التي لم تزحف إليها المدنيَّة الغربيَّة بعد.


طوال أيام الشهر، تُقام سلسلة كبيرة من الفعاليّات والأنشطة، والمدونة في جداول معلّقة على الطرقات، ليتعرف الزوار على أماكن الفعاليّات وأوقاتها. كل واحدة من تلك الفعاليات، تُعدُّ مهرجاناً صغيراً مُتخصّصاً. فيوم الاحتفال بالشاي، يسمونه "مهرجان الشاي"، وتُعرض فيه تقاليد تقديم الشاي العريقة، والعادات المرتبطة بهذا المشروب، مثل تنظيف الإناء ثلاث لفّات في اتجاه عقارب الساعة، قبل أن يُرْتَشف الشاي الفاخر جداً. وهي عادات تمتد جذورُها لترتبط عميقاً بالديانة البوذية، وتشكل هوساً لدى العديد من الباحثين على مرّ العصور. وكما يعقد يومٌ مُخصّص للزهور يسمّى "مهرجان الزهور" الذي تُرى فيه باقات الزهور المُنسَّقة، والملفوفة بعنايةٍ ساحرة.


التقليد الرئيسي في المهرجان، في يوم يشبه "الليلة الكبيرة" في الموالد المصرية؛ يتمثل في فقرة "شيغو"، حيث تتعلق العيون على طفل معلق بين السماء والأرض يطلقون عليه اسم "شيغو"، وهو طفل يُخْتار بعناية ليمثل الصفحة المقدسة للآلهة. ويوضع الطفل على رأس قبّةٍ محمولة في الهواء، حيث لا يلامس الأرض طوال عرضه. يتم تزيين الطفل، إذ يرتدي رداء "الشنتو"، وهي ديانة يابانية قديمة، ويعلو رأسه تاج يمثل طائر الفينيق الذهبي، ويلعب "الشيغو" دوراً حيويا في "غيون ماتسوري"؛ وهو قطع الحبل المقدس الذي يسمى "شيمناوا" بضربة واحدة من سيفه، وهذا الدور يتطلب تجهيز هذا الصبي لمدة أسابيع قبل بدء المهرجان.

المساهمون