إسرائيل تواصل قصف محيط دمشق... وروسيا صامتة

إسرائيل تواصل قصف محيط دمشق... وروسيا صامتة

18 فبراير 2022
عنصر من النظام السوري في العاصمة دمشق (سيرغي بوبيليف/Getty)
+ الخط -

لم يمضِ سوى أسبوع واحد على آخر قصف إسرائيلي في سورية، حتى عاود الجيش الإسرائيلي استهداف مواقع يُعتقد أن إيرانيين يتمركزون فيها في محيط العاصمة السورية دمشق، في ظل صمت روسي عن هذه الغارات التي تحاول الحد من النفوذ الإيراني في جنوب سورية.

ونقلت وكالة أنباء النظام "سانا" عن مصدر عسكري قوله، إنه "حوالي الساعة 11:35 من مساء الأربعاء نفذ العدو الإسرائيلي ضربة بعدة صواريخ أرض - أرض من منطقة الجولان السوري المحتل، مستهدفاً بعض النقاط في محيط بلدة زاكية جنوب دمشق"، مدّعياً عدم مقتل أحد في هذا القصف.

قصف مواقع إيرانية وللنظام في دمشق

من جهتها، ذكرت شبكة "صوت العاصمة" الإعلامية التي تواكب ما يحدث في دمشق وريفها، أن انفجارين حصلا في موقعين عسكريين، يتبعان لـ"الفرقة السابعة"، التابعة لقوات النظام وتنتشر ألويتها وكتائبها بين بلدات خان الشيح وزاكية بريف دمشق.

وأكدت أن الصواريخ استهدفت "كتيبة الكيمياء" بالقرب من مقر قيادة الفرقة، و"كتيبة الدفاع الجوي" الواقعة في منطقة العباسة، بين بلدتي زاكية وخان الشيح.

وبيّنت الشبكة أن المليشيات الإيرانية "تسيطر على مواقع ومستودعات، في النقاط التي تعرضت للقصف"، مشيرة إلى أن هذه المليشيات "كثفت وجودها وسيطرتها على الثكنات التابعة للفرقة السابعة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة".

وتقع بلدة زاكية التي تتبع لناحية الكسوة إلى الجنوب الغربي من دمشق بنحو 23 كيلومتراً، وتنتشر في محيطها العديد من الألوية والكتائب التي تتبع لفرق في قوات النظام.

ويُعتقد أن الحرس الثوري يتخذ من هذه الفرق أماكن تمركز لمليشياته صاحبة النفوذ الواسع في جنوب دمشق، حيث تقع بلدة السيدة زينب وهي المعقل الرئيسي لعشرات المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني.

وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش الإسرائيلي مقرات "الفرقة السابعة"، إذ قصفها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فشهدت في حينه سلسلة انفجارات عقب انفجار مستودع الأسلحة، استمرت لأكثر من ساعة. كما استُهدفت مقرات هذه الفرقة في نوفمبر 2020، ما يؤكد أن هذه الفرقة باتت قاعدة إيرانية في جنوب دمشق.


أصبحت الفرقة السابعة قاعدة إيرانية في جنوب دمشق

الباحث في مركز "جسور" للدراسات، والمتابع لملف القصف الإسرائيلي لمواقع في سورية، وائل علوان، أشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الجانب الإسرائيلي استهدف مواقع لـ"حزب الله" ضمن ثكنات "الفرقة السابعة" التابعة للنظام.

وأضاف: "القصف كما العادة هو ضمن متابعة إسرائيل لجميع تحركات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، سواء المباشرة أو تحركاتهما من خلال الوحدات التابعة للنظام والموالية لهما مثل الفرقة السابعة والحرس الجمهوري والفرقة الرابعة".

ورأى علوان أن القصف الإسرائيلي في سورية "لا يهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني في سورية"، مضيفاً: "هذا النفوذ تضاعف في العامين الماضيين بدلاً من أن يتراجع مع استمرار القصف الإسرائيلي".

وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل تركز في عمليات القصف فقط على نقل وتطوير الأسلحة النوعية كالصواريخ الذكية وعلى منظومات الاستطلاع ومنظومات الدفاع الجوي والطيران المسيّر.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف في 9 فبراير/شباط الحالي، مواقع في محيط العاصمة دمشق، أبرزها مركز علمي في جمرايا شمال غربي دمشق، يُعتقد أن الحرس الثوري الإيراني يجري عمليات تطوير للأنظمة الصاروخية داخله.

ومنذ مطلع العام الحالي، شن الجيش الإسرائيلي العديد من الهجمات على مواقع أغلبها في محيط دمشق، ولكن الجانب الروسي لم يفعّل أياً من منظومات الدفاع الجوي التي نشرها في أكثر من مكان في مناطق نفوذه في سورية.

وأثار الصمت الروسي عن القصف الإسرائيلي حفيظة واستياء الشارع السوري الموالي للنظام، خصوصاً أن الطيران الإسرائيلي قصف في الشهر الأخير من العام الماضي ميناء اللاذقية مرتين، على الرغم من أن القاعدة الروسية الكبرى في سورية (حميميم) لا تبعد سوى عدة كيلومترات عن الميناء.

ووثّق فريق "صوت العاصمة"، نحو 38 غارة جوية شنّتها طائرات إسرائيلية في دمشق وريفها خلال عام 2021، استهدفت فيها 25 موقعاً للمليشيات الإيرانية والنظام السوري.

تفاهمات روسية ـ إسرائيلية في سورية 

ولكن من الواضح أن موسكو وتل أبيب توصلتا لتفاهمات خلال لقاء جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مدينة سوتشي، تتيح للإسرائيليين استهداف أي تحرك إيراني في سورية يمكن أن يكون مصدر قلق لهم.

وقال بينت بعد الزيارة في كلمة خلال اجتماع للحكومة الإسرائيلية: "توصلت مع الرئيس الروسي إلى تفاهمات جيدة ومستقرة بشأن سورية".

وأضاف: "ناقشنا الوضع في سورية بالطبع. بطريقة ما الروس هم جيراننا في الشمال (سورية)، ومن المهم أن ندير الوضع الدقيق والمعقد هناك بسلاسة ومن دون وقوع حوادث".

وتشير المعطيات إلى أن الاستهداف الإسرائيلي لأهداف إيرانية يخدم توجهاً روسياً للحد من نفوذ طهران خصوصاً في دمشق ومحيطها.


لم يرد الروس على قصف إسرائيلي أودى بحياة 8 من جنودهم

وفي هذا الصدد، رأى مدير وحدة تحليل السياسات في مركز "الحوار السوري" للدراسات، محمد سالم، أن الجانب الروسي "لن يدخل في حرب مع أحد نيابة عن النظام وعن إيران تحديداً، على اعتبار أن القصف الإسرائيلي في الغالب يستهدف النفوذ الإيراني، وهو ما يتقاطع في المصلحة مع الروس أيضاً".

وأضاف في حديث مع "العربي الجديد": هناك تنسيق عالي المستوى بين الروس والإسرائيليين لقصف الإيرانيين، ولكن قد تخرج بعض الغارات الاسرائيلية عما يريده الروس أحياناً ويؤدي هذا إلى إحراجهم، ويردون ببيانات وإظهار الانزعاج، لكن ليس لدرجة الصدام مع الإسرائيليين.

ولفت إلى أنه "عندما ضرب الإسرائيليون طائرة نقل عسكرية روسية وقتلوا ثمانية عسكريين قبل عامين لم يردّ الروس عسكرياً"، مضيفاً: الروس يعولون على الاسرائيليين لضمان نجاح تدخلهم في سورية، ويعول الإسرائيليون على الروس كضامن جديد لأمنهم في ظل احتمالية انسحاب أميركي جزئي من المنطقة.

المساهمون