البرلمان اللبناني يفشل في انتخاب رئيس للبلاد للمرة الـ11

البرلمان اللبناني يفشل في انتخاب رئيس للبلاد للمرة الـ11

19 يناير 2023
حمل نواب تغييريون من بينهم فراس حمدان صور ضحايا مرفأ بيروت في البرلمان (حسين بيضون)
+ الخط -

فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد، للمرة الـ11، وذلك في جلسة عقدها، صباح اليوم الخميس، بعد انقطاع لشهر. 

ولم تسجل الجلسة أي جديد، باستثناء إعلان نواب "الحزب التقدمي الاشتراكي" (يتزعمه وليد جنبلاط) تعليق مشاركتهم في الجلسات المقبلة، في حال استمرار السيناريو نفسه، داعين القوى السياسية إلى كسر الجمود والخروج بحلٍّ لملء الشغور الرئاسي المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

كذلك، أعلن النائب ملحم خلف، باسمه واسم النائبة نجاة عون صليبا (يمثلان قوى التغيير)، قرارهما عدم الخروج من قاعة مجلس النواب والبقاء بداخلها من أجل الدفع لانتخاب رئيس للجمهورية بدورات متتالية من دون انقطاع، في خطوة أشارا إلى أنها ستلقى انضمام عددٍ من النواب، وتدخل في إطار الاعتصام حتى كسر الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى.

وعقد البرلمان صباحاً جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، واقتصرت على الدورة الأولى، إثر انسحاب نواب "حزب الله" من القاعة بعد انتهائهم من عملية التصويت، ليسقط بعدها نصاب الدورة الثانية، ويرفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة، في سيناريو متوقع، في ظل غياب التوافق السياسي وعدم نضج أي تسوية محلية وخارجية لانتخاب رئيس، وعلى وقع الاشتباك السياسي الحاصل، الذي دخل أخيراً على خطّ الفريق الواحد، ولا سيما بين "التيار الوطني الحر" (يرأسه النائب جبران باسيل)، و"حزب الله".

ولم يسجّل أي خرق على مستوى الأصوات، حيث ما زال "التيار الوطني الحر" يتريّث في دعم مرشح للرئاسة، وينوّع بين الورقة البيضاء والتصويت بشعارات، بعدما زادت جلسات عقد الحكومة الشرخ بينه وبين "حزب الله"، وفي ظل تمسّك الأخير بدعم ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، دون غيره، في خيار يرفض رئيس التيار جبران باسيل السير به.

وتوزّعت الأصوات في الجلسة الـ11، بين مرشح الأحزاب المعارضة وبعض النواب المستقلين والتغييريين، النائب ميشال معوض الذي نال 34 صوتاً (من أصل 128)، والورقة البيضاء التي حازت 37 صوتاً، وهي تعبّر عن موقف "حزب الله" وحلفائه، فيما نال الباحث والمؤرخ عصام خليفة 7 أصوات بدعم من بعض نواب "قوى التغيير".

وصوّت نواب مستقلّون لشعار "لبنان الجديد"، الذي حاز 14 صوتاً، كذلك نال وزير الداخلية الأسبق زياد بارود صوتين، والناشط في الحراك المدني ميلاد أبو ملهب صوتاً أيضاً، وقد طلب رئيس البرلمان نبيه بري عدم إدخاله إلى القاعة في الجلسة المقبلة، بعد صراخه إثر قراءة اسمه، فيما نال النائب السابق صلاح حنين صوتاً واحداً، مع اعتبار 37 ورقة بيضاء بحكم الملغاة.

اعتصام لأهالي ضحايا مرفأ بيروت بالتزامن مع الجلسة

وبالتزامن مع الجلسة، نفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت اعتصاماً في محيط البرلمان، شارك فيه بعض النواب قبل دخولهم إلى القاعة، وقد علت الأصوات المطالبة باستكمال التحقيقات وكفِّ السياسيين يدهم عن الملف، والتوقف عن عرقلته منذ أكثر من سنة، ملوّحين بتدويل الملف مع استمرار تعطيل عمل القضاء المحلي ومنعه من القيام بمهامه باستقلالية لتحقيق العدالة.

ووقّع بعض النواب المنتمين إلى "قوى التغيير" وحزب "الكتائب اللبنانية" (يتزعمه النائب سامي الجميل)، ومن الذين انضموا إلى التحرك، تعهّداً مكتوباً من قبل الأهالي، لاستكمال التحقيقات والعمل على إحداث خرق في الملف تشريعياً، بغية الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة.

ودخل بعض النواب "التغييريين" الجلسة، حاملين صور ضحايا الانفجار، الأمر الذي لم يعجب بعض النواب الذين يمثلون المنظومة السياسية، إذ عبّر النائب عن "حركة أمل" قاسم هاشم عن امتعاضه من طريقة تعاطي هؤلاء النواب، و"متاجرتهم بدم الشهداء"، حسب وصفه، معتبراً، في تصريحات إعلامية، أنّ "القضية وطنية بامتياز، وليست قضية خاصة، ورفعهم الصور بهذا الشكل وفي غير موقعه، ما هو إلا استثمار رخيص لدماء الشهداء".

وينتمي النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر المدعى عليهما بانفجار مرفأ بيروت، إلى "حركة أمل"، إذ صدرت بحق الأول مذكرة توقيف غيابية، فيما يُتهم النائبان بعرقلة التحقيقات من خلال الدعاوى التي انهالا فيها على المحقق العدلي القاضي طارق بيطار لكفّ يده، من جهة، وعلى كل قاضٍ ينظر بالدعاوى المُحالة عليه.

والانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس/ آب 2020، خلّف أكثر من 215 قتيلاً و6500 جريح، ونجم -وفق السلطات- عن تخزين كميات ضخمة من نترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة، ولم يحركوا ساكناً.

بري يلتقي السفيرة الفرنسية لدى لبنان

في السياق السياسي، يلتقي، اليوم الخميس، رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو، في لقاء يتزامن مع دخول محققين فرنسيين على خطّ التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، خصوصاً في ظل وجود مواطنين فرنسيين في عداد الضحايا، ما دفع السلطات القضائية الفرنسية إلى فتح تحقيق لم تتعاون معه السلطات اللبنانية حتى الساعة، في ظل تعليق التحقيقات المحلية وكف يد القاضي بيطار منذ ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وقال مصدرٌ دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ اللقاء "يندرج في إطار اللقاءات المتواصلة مع الرئيس بري للحث على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، والكف عن تعطيل المؤسسات والاستحقاقات الدستورية، والتنبيه إلى خطورة المماطلة وتأثير الشغور الرئاسي في عمل باقي السلطات التنفيذية والتشريعية".

وأشار المصدر إلى أنّ اللقاء "سيتطرق حتماً إلى عمل الوفد القضائي الفرنسي، سواء على صعيد ملف انفجار مرفأ بيروت الذي على القادة السياسيين تسهيل طريقه لا عرقلته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التحقيقات الأوروبية التي تجري حول الملف المالي العائد لحاكم مصرف لبنان (رياض سلامة) وسط شبهات بالفساد المالي وتبييض الأموال والتحويلات الخارجية".

والتقى وفد قضائي فرنسي، أمس الأربعاء، مرّتين القاضي طارق بيطار، الذي أطلعهم على مسار الملف ومراحل التحقيق، لكنه رفض الحديث عن مضمونه أو تزويدهم بأي مستند متصل بالانفجار والتحقيقات، ولا سيما أنّ يده مكفوفة مؤقتاً عن النظر بالدعوى، ولا يمكنه القيام بأي إجراء أو خطوة متصلة به إلى حين البت بالدعاوى المرفوعة بوجهه.

وكرّر بيطار تأكيده أنه لن يتنحى عن الملف من تلقاء نفسه، أو بإرادة منه، تاركاً للقضاء الحكم، والتحرك سريعاً للبت بالدعاوى من أجل استئناف مهامه.

المساهمون