"العربي الجديد" يستطلع آراء نخب ليبية حول آلية اختيار السلطة الجديدة

"العربي الجديد" يستطلع آراء نخب ليبية حول آلية اختيار السلطة الجديدة 

17 يناير 2021
وليامز: الآلية أفضل حلّ وسط تم التوصل إليه (الأناضول)
+ الخط -

 

أعلنت رئيسة البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، أمس السبت، توصل اللجنة الاستشارية بملتقى الحوار السياسي إلى توافق بشأن آلية تشكيل السلطة التنفيذية، مشيرةً إلى أن أعضاء الملتقى سيصوتون الإثنين المقبل على الآلية المتفق عليها. 

وحول تفاصيل الآلية قالت ويليامز، خلال مؤتمر صحافي، إثر انتهاء اجتماع اللجنة الاستشارية ليل الأمس، إن "كل مجمع انتخابي من كل إقليم يختار مرشحه للمجلس الرئاسي بتوافق لا تقل نسبته عن 70 في المائة"، مضيفة: "إذا تعذّر ذلك، يتم التوجه إلى تشكيل قوائم، كل واحدة مكونة من 4 أشخاص، وكل مرشح يحدّد المنصب الذي يترشح إليه". 

وتابعت: "ولكي يدخل المرشح قائمة التصويت في القاعة يجب أن يحصل على 17 تزكية، 8 من الغرب، و6 من الشرق، و3 من الجنوب، وتفوز القائمة التي تحصل على 60 في المائة من أصوات القاعة في الجولة الأولى، وإن لم تحصل أي من القوائم على هذه النسبة، تتنافس في الجولة الثانية أعلى قائمتين وتفوز القائمة التي تحقق 50 في المائة + 1". 

وأعتبرت وليامز أن الآلية "أفضل حلّ وسط تم التوصل إليه، فهو يحترم البعد الإقليمي في سبيل تعزيز التفاهم، والوحدة في البلاد، كما أنه يجسّد مبادئ الشفافية والتمثيل العادل عبر الأقاليم ضمن المجموعات السكانية المختلفة". 

وحول كيفية ومكان لقاء أعضاء الملتقى للتصويت على الآلية المتفق عليها، قالت إن "الجلسة العامة للملتقى ستُجرى افتراضياً والتصويت سيكون عبر الهاتف"، لافتة إلى أنه "سيتم الإعلان عن نتيجة التصويت في 19 يناير/كانون الثاني المقبل بعد الانتهاء من فرز الأصوات". 

وبدأ اجتماع اللجنة الاستشارية بملتقى الحوار السياسي، صباح الأربعاء الماضي، بمدينة جنيف السويسرية، وسط تشديد من البعثة على تحديد ولايتها "زمنياً بشكل صارم". وتمثلت المهمة الرئيسة للجنة في مناقشة القضايا العالقة ذات الصلة باختيار السلطة التنفيذية الموحدة، وتقديم توصيات ملموسة وعملية لتقرّر بشأنها الجلسة العامة للملتقى، بحسب بيان للبعثة في افتتاح جلسات الاجتماع. 

وفي وقت لم تصدر فيه أي مواقف رسمية من جانب قادة البلاد، استطلعت "العربي الجديد" آراء عدد من السياسيين والنشطاء والمراقبين للشأن حول النتائج التي أعلنت عنها البعثة، وشكل الآلية. 

ويعبر المحلل السياسي الليبي من مصراته، أحمد روياتي، عن تفاؤله بنجاح الآلية كونها تحقق التوافق النسبي بين كل الرؤى والأطراف المختلفة. ورغم وصفه لمقترح الآلية بأنه "معقد"، إلا أنه يعتقد أنه مقترح حاول المزاوجة بين طالبي المحاصصة ورافضيها من خلال تثبيت حق كل إقليم في تسمية مرشحه للرئاسي. 

ويشرح روياتي في قراءته لمقترح الآلية، خلال حديثه لــ "العربي الجديد"، أنه مُنح للمجمع العام (أعضاء ملتقى الحوار السياسي 75 عضواً) حق اختيار أحدهم من خلال قوائم تضم ثلاثة أسماء إذا ما فشل ممثلو الإقليم في الاتفاق على مرشح واحد. 

ورغم تفاؤله بتمرير هذا المقترح خلال الجلسة المقبلة للملتقى، إلا أن روياتي يعبر عن مخاوفه أيضاً من وجود مجموعة هدفها إفشال أي شيء، وإن كانت محدودة. 

ويتفق وزير التخطيط الأسبق بالحكومة الليبية عيسى التويجر مع روياتي في أنها "آلية معقدة"، لكنه يرى أن البعثة الأممية قد  تفرض من خلالها "توافقاً شبه مفروض". 

ويعلق التويجر، في حديثه لــ"العربي الجديد"، على عمل البعثة بأنها "تحل بفمها ما عقدته بيدها"، معتبراً أنها استطاعت الخروج من مأزقها باختيار لجنة استشارية أكثر مرونة، ويضيف: "لا يمكن تقييم ما يحدث في إطار متطلبات المرحلة السياسية، لأن هذه المرحلة تتطلب قيادات سياسية وطنية رؤيوية قادرة على قيادة البلاد إلى التحول المطلوب". 

من جانبه، يرحب عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، بحذر بمخرجات اللجنة الاستشارية، معبراً عن أمله في قبول جميع الأطراف الخارجية والداخلية بها. 

واستدرك نصيبة  بالقول، في حديثه لـ"العربي الجديد" إن "تشكيل سلطة تنفيذية بدون التوافق على المسار الدستوري وحل مشكلة شرعية السلاح من خلال توحيد المؤسسة العسكرية لن يؤدي إلى حل المشكلة الليبية وإنهاء الصراع بها".

ويذهب نصيبة بعيداً عن خطوة تشكيل سلطة مؤقتة إلى ضرورة الاتفاق أولاً على المسار الدستوري لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، تزامناً مع توسيع نطاق اللجنة العسكرية ليشمل توحيد المؤسسة العسكرية في مدة محددة زمنية قبل إجراء الانتخابات. 

ويرى نصيبة أن "اعتبار مسألة السلطة التنفيذية إنجازا كبيرا يمكن من خلاله حل القضية الليبية مع إهمال قضيتي الدستور وشرعية السلاح سيكرر نفس الأخطاء السابقة".

ويتابع: "الحديث عن الاتفاق على سلطة تنفيذية يتم من خلالها حل باقي القضايا أثبت فشله في الصخيرات وباريس وباليرمو وتونس"، مشدداً على  أنه لا بد من الذهاب مباشرة للقضايا الحقيقة وهي المسار الدستوري وشرعية السلاح مع إعادة تشكيل السلطة التنفيذية. 

أما السياسي الليبي المستقل سليمان البيوضي فيرى أن الآلية قد تلبي أملاً ينتظره الليبي، بل ويعتبر أن الحديث عن الطموح والأمل "بات ترفاً سياسياً في ظل تردي معيشي واختفاء لرغيف الخبز من الأسواق وارتفاع سعره". 

ويرى البيوضي أن ملتقى الحوار بات لا يُعبر إلا عن حالة من النكوص والتلاعب وأصبحت مخرجاته تشبه لحد كبير صفقة مشوهة تتم صناعتها تحت شعارات فضفاضة، وفق تعبيره. 

وأضاف: "لا أتصور أن مسار الحوار القائم سيحقق أي تقدم ذي قيمة في ظل كل هذه الاختلافات، وستكون مخرجاته مشلولة" مشدداً على أن التوافق أو عدمه لن يغير شيئاً في واقع الحال.

ويعتقد الكاتب والباحث السياسي الليبي، علي أبوزيد، أن شكل الآلية المعلن عنها يعكس حالة المغالبة وانعدام الثقة بين أعضاء ملتقى الحوار،إضافة إلى الانقسام والتشظي الذي تعانيه العملية السياسية في ظل غياب مرجعية واضحة لها. 

وفيما يعتبر أبوزيد، في حديثه لــ"العربي الجديد" أن مقترح الآلية يعكس الواقع السياسي الحالي، م شيراً إلى  أن المقترح سيمر ما لم تكن هناك تداعيات داخل ملتقى الحوار بعد تعيين مبعوث أممي جديد يجعل البعض يراهن على فشل هذا المسار وإعادة بنائه من جديد.

ويلفت أبوزيد إلى أن السلطة التي ستخرج  من خلال الآلية ستكون غير متسقة وعملها غير منتظم. 

ويرى أبوزيد أن الآلية قد تواجه صعوبات تتعلق بمواقف دولية أو إقليمية تسعى من خلالها بعض الدول لإيصال شخصيات بعينها للسلطة لضمان أكبر لمصالحها، مشيراً إلى أن تلك المواقف قد تتغير أو تنقلب، وربما يحدث تخلٍّ عن دعم التسوية أو محاولة إفشالها كما حدث بعد الصخيرات من بعض الأطراف الدولية.  

وفي السياق، يرى الباحث في القضايا العربية صلاح القادري، أن مجرد اتفاق اللجنة الاستشارية دليل نجاح لبداية حلحلة الانسداد السياسي، إلا أنه يرى أن المخرجات النهائية لملتقى الحوار السياسي مبنية على عدة معطيات. 

ويوضح القادري في حديثه لــ"العربي الجديد" أن تلك المعطيات داخلية وتتمثل في نجاح النخب الليبية في تفويت الفرصة على من يريد تعطيل الحل السياسي والاستمرار في المرحلة الانتقالية، وأخرى خارجية تتعلق بالمواقف الدولية. 

وبمزيد من التوضيح، يشير القادري إلى دور السياسة الأميركية مع الإدارة الجديدة تجاه ليبيا، بالإضافة للتوافقات والتقاربات الخارجية بين كل من روسيا وتركيا، وبين مصر وتركيا، وأيضا بين تركيا وفرنسا. 

 وشدد القادري على أهمية كبح البعثة الأممية والأسرة الدولية لجماح دولة الإمارات، لافتاً إلى أنها ما زالت مستمرة في دعمها وتحريضها للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على إفشال الحوار والحل السياسي.