تحقيقات انفجار بيروت... فضيحة جديدة لـ"نواب النيترات"

تحقيقات انفجار بيروت... فضيحة جديدة لـ"نواب النيترات"

21 يوليو 2021
لا تزال العدالة مغيّبة (حسين بيضون)
+ الخط -

وقّعَ نوابٌ لبنانيون على طلب اتهام الوزراء السابقين (النواب الحاليين) علي حسن خليل، غازي زعيتر، نهاد المشنوق، فضلاً عن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، وإعطاء الإذن بملاحقتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء "المُعطَّل"، وذلك للاشتباه بتورطهم في انفجار مرفأ بيروت، في خطوةٍ وصفتها "المفكرة القانونية" بأنها بمثابة "مناورة احتيالية لتهريب هؤلاء من قبضةِ المحقق العدلي طارق البيطار".

وتوالت ردود الفعل الشعبية الغاضبة التي وصفت الموقعين على العريضة "العار" بـ"نواب النيترات"، واتهمتهم بتأمين الحصانة للمجرمين والمشاركين والمتواطئين بالتفجير الذي بات على مسافة أيام من الذكرى السنوية الأولى لوقوعه، وعمد ناشطون وصحافيون وأهالي الضحايا إلى نشر أسماء النواب مرفقة بصورهم، مجددين الدعوة إلى "رفع الحصانات الآن"، كما خرجت دعوات باستقالة جميع النواب.

وتطاول العريضة وزراء سابقين هم نواب حاليون سبق للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار أن طلب رفع الحصانة عنهم، وما زال البرلمان يرفض ذلك ويطالب البيطار بالأدلة التي استند اليها، في حين لم يعطِ وزير الداخلية محمد فهمي الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

وندّد تجمّع نقابة الصحافة البديلة بـ"عريضة تحويل النواب المطلوب إذن ملاحقتهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي لم يجتمع يوماً"، واعتبره "فضيحة بحدّ ذاتها وإدانة للنواب الموقعين على العريضة وشراكة في عرقلة التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت".

من جهته، يشير المحامي أيمن رعد، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المحقق العدلي لم يطلب إذن مجلس النواب للادعاء على الوزراء كونه يستند إلى المادة 189 من قانون العقوبات التي تنص على أن "الجريمة تعد مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل إذا كان توقع حصولها فقبل بالمخاطرة"، وتالياً يعتبر أنه يحق له الادعاء عليهم مباشرة ومقاضاتهم أمام المجلس العدلي.

المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لم ينعقد منذ تاريخ إنشائه في عام 1990 وهو غير موجود فعلياً وهناك استحالة لتوفير الغالبية المطلوبة لانعقاده

أما عريضة النواب، فيقول رعد، إنها "للالتفاف على توجه البيطار بملاحقة الوزراء، وتتذرع بالمادتين 70 و71 من الدستور لناحية ارتكاب دياب والوزراء جرم الإخلال بالواجبات الوظيفية وتمهّد حتماً للالتفاف على موضوع الحصانات النيابية".

ويضيف: "كذلك اعتمد النواب الموقعون على كتاب البيطار المرسل حول الحصانات النيابية لتطبيقه على الوزراء ومحاكمتهم بالتالي أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي لم ينعقد منذ تاريخ إنشائه في عام 1990 وهو غير موجود فعلياً وهناك استحالة لتوفير الغالبية المطلوبة لانعقاده أي ثلثي النواب، مع العلم أن هناك أسماء أخرى قد يتهمها المحقق العدلي لاحقاً وقد تطاول كتلاً حزبية لم توقع العريضة".

ويوضح أن المادة 71 تنص على ما حرفيته "لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء..."، بمعنى أن الصلاحية ليست حصرية، وللقاضي أن يتحرك في حال لم يتحرك مجلس النواب، وكذلك في حال تحرك القضاء لا ضرورة عندها لمجلس النواب في التحرّك وللقاضي إذاً أن يحاكمهم أمام القضاء العدلي أو العادي ولو قرر مجلس النواب محاكمتهم أمام المجلس الأعلى".

من ناحية ثانية، توقف رعد عند طلب فتح تحقيق موازٍ لتحقيق بيطار، معتبراً أن "مجلس النواب لن يقوم بتحقيقات أهم من تلك التي تجريها الأجهزة الأمنية والقضائية وكيف لنواب لا يعرفون سبيل التشريع أن يتولوا التحقيقات بالانفجار؟".

ويؤكد رعد أن الحصانة النيابية المعطاة للنائب ليست مطلقة بل محصورة زمنياً بـ"انعقاده"، "ومهما حاولوا العرقلة فإنه بمجرد تشكيل حكومة جديدة تسقط الحصانة تلقائياً بقوة الدستور إذ لا يعود مجلس النواب بحال انعقاد، والحصانة الوزارية ستسقط بدورها إذ لا مجال لتطبيق المادتين 70 و71، وإذا أراد القاضي البيطار أن يسير بالاتهام وفق المادة 189 عقوبات".

أما "الإذن النقابي"، لناحية نقابة المحامين فسيعطى حتماً بحسب رعد باعتبار الوزير المعني علقت عضويته خلال توليه منصبه، كما أن الاتهام الملاحق به لا علاقة له بالمهنة.

وبالنسبة إلى إعطاء الإذن بملاحقة القادة الأمنيين، يرى رعد أن المسار سيكون حكماً مرتبطاً بموقف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات حيال اللواء إبراهيم سواء بإعطاء الإذن، أو رفضه، أو التزام الصمت أي الموافقة الضمنية، ويوم الثلاثاء سيتّضح كل شيء عند انتهاء المهلة المعطاة له.

وينضوي النواب الموقعون تحت كتل: "المستقبل" برئاسة سعد الحريري، علماً أنه كان دعا إلى تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المسؤولين عن الانفجار (أسوةً بجريمة اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري)؛ و"التنمية والتحرير" ويتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري؛ و"الوفاء للمقاومة" التي تمثل "حزب الله" برلمانياً؛ إلى جانب النائب نقولا نحاس عن كتلة "الوسط المستقل" (يترأسها رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي المطروح اسمه لتكليفه تشكيل الحكومة)؛ وعدنان طرابلسي عن "جمعية المشاريع"؛ والنائبين عن "الحزب السوري القومي الاجتماعي" ألبير منصور، وسليم سعادة الذي عاد وأعلن عن سحب توقيعه على العريضة، علمًا أن عددًا من النواب بدأوا بسحب توقيعهم بعد الهجمة الواسعة عليهم.

في سياق متصل، تحدّى رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، في إطار دفاعه عن "يده اليمنى" ومستشاره يوسف فنيانوس، القاضي البيطار أن "يقول ما لديه، ومن أتى بالنيترات ومن سحب منها".

وارتكز كلام فرنجية (أبرز حلفاء حزب الله)، اليوم، بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، على منطق المؤامرة والاستهداف السياسي، ملوحاً بأن "الوزير مش شغلتو يعرف إذا النيترات بينفجر"، نائياً بفريقه عن المسؤولية، ومؤكداً في المقابل أن "فنيانوس سيمثل أمام القضاء".

ويؤكد المتحدث باسم لجنة أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط، لـ"العربي الجديد"، أن مطلبهم الوحيد "أن تبقى تسير التحقيقات بشكل عادل، ولا حصانات أمام دماء الشهداء، وبجريمة بحجم الوطن"، معتبراً إن كلام فرنجية "معيب ومقزّز جداً"، مشيراً إلى إن تحركاً سيقام يوم الجمعة أمام النيابة العامة التمييزية للضغط باتجاه إعطاء الإذن بملاحقة اللواء إبراهيم كما سيكون حال غيره من القادة الأمنيين ولتأكيد إسقاط جميع الحصانات.