شكري: إذا تضررت مصالحنا المائية فلا بديل إلا حماية حقوقنا

شكري: إذا تضررت مصالحنا المائية أو تعرضت حصة مصر للخطر فلا بديل إلا حماية حقوقنا

09 يوليو 2021
شكري: مصر لا تزال تمارس ضبط النفس تجاه سلوك إثيوبيا (تويتر)
+ الخط -

قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في كلمته بجلسة لمجلس الأمن الخميس، بشأن سد النهضة الإثيوبي، إن بلاده تواجه تهديداً وجودياً بسبب السد الإثيوبي، ومع ذلك تمارس ضبط النفس تجاه سلوك أديس أبابا، وأكد أنه "إذا تعرضت حصة مصر للخطر أو تضررت مصالحنا المائية فلا بديل إلا حماية حقوقنا".

وقال شكري إن شعب بلاده الذي يصل عدده إلى مائة مليون نسمة، يواجه تهديداً خطيراً، بسبب كيان هائل تم بناؤه بالحديد الصلب على الشريان الذي يمده بالحياة.

كلام شكري جاء خلال جلسة مجلس الأمن، مساء الخميس، والتي عقدت خصيصاً لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبي بدعوة من كل من مصر والسودان.

وأوضح أن "سد النهضة يهدد مصر والمصريين، وكلما كبرت خزاناته مثّل تهديداً أكبر على حياتنا"، مضيفاً أن بلاده "حذرت من السيطرة على نهر النيل ودعت إلى مراعاة مصالح الدول المعنية".

وأضاف أن "الخطوات الإثيوبية أحادية الجانب لا تراعي مصلحة دول المصب"، مؤكداً أن مصر "لا تزال تمارس ضبط النفس تجاه سلوك إثيوبيا".

وتابع شكري أن مصر "أتت إلى مجلس الأمن العام الماضي لتحذر من هذا الخطر المحدق، وبعدها مباشرة شرعت إثيوبيا دون مراعاة للقوانين بالملء المنفرد لسد النهضة". وأضاف: "سبق وحذرنا من مغبة السعي لفرض السيطرة والاستحواذ على نهر يعتمد عليه بقاؤنا".

وندد وزير الخارجية المصري بالموقف الإثيوبي الذي قال إنه "يعكس سوء النية وفرض الأمر الواقع"، مشيراً إلى أن "القرار الإثيوبي الأحادي بملء السد يعبر عن لا مبالاة بالأضرار التي نتعرض لها في مصر والسودان".

وشدد شكري على أن "أي اتفاق بشأن السد يجب أن يضمن حقوق الدول الثلاث"، مشيراً إلى أن "تحقيق الاتفاق المتوازن بشأن سد النهضة ليس أمراً مستحيلاً".

وأضاف أن إثيوبيا "رفضت تضمين أي شكل من أشكال أحكام تسوية المنازعات الملزمة"، وقال إن "العملية بقيادة الاتحاد الأفريقي وصلت إلى طريق مسدود".

كما أشار شكري إلى أن أي اتفاق بشأن السد "يجب أن يضمن حقوق الدول الثلاث"، مشيراً إلى أن "عدم التوصل إلى اتفاق سببه العناد الإثيوبي".

وأوضح شكري أن تعنت إثيوبيا يجعل دولتي المصب أكثر عرضة لمخاطر السد، مشيراً إلى أنه "لا توجد لدينا أية ضمانات مؤكدة بشأن أمان هذا السد وسلامته الإنشائية، وهو ما يعد حكماً، فرضته علينا إثيوبيا، بأن يعيش أكثر من 150 مليوناً من السودانيين والمصريين تحت تهديد محدق نتيجة لهذا السد الضخم وبحيرته العملاقة التي ستخزن 74 مليار متر مكعب من المياه دون وجود ما يطمئننا اتصالاً بسلامة السد وأمانه". 

وأضاف: "لا توجد لدينا أية ضمانات ضد الأضرار التي لا يمكن حصرها، والتي قد تنجم عن ملء وتشغيل السد أثناء فترات الجفاف التي قد تقع مستقبلاً". 

وقال شكري لـ"العربي الجديد"، بعد خروجه من اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، إن على مجلس الأمن الدولي تحمل مسؤوليته في قضية سد النهضة. 

ورداً على أسئلة "العربي الجديد" في نيويورك حول الخطوات القادمة التي ستتخذها مصر في حال لم يتبن مجلس الأمن مشروع القرار الذي وزعته تونس، قال شكري: "على تلك الدول أن تقدم التبرير والسبب وراء عدم تحمل مسؤولياتها. إن قضية السد ليست قضية ماء، وإنما قضية دبلوماسية وقائية وحل لصراع يتعلق بسد النهضة وتهديده الوجودي".

 وأضاف: "إن مشروع القرار يعيد التأكيد على نفس العناصر التي أكدت عليها جميع الدول الأعضاء خلال الجلسة". 

 وردا على سؤال صحافي حول ما إذا كانت مصر سترد عسكرياً في حال لم يتم التوصل لاتفاق على المدى البعيد، قال وزير الخارجية: "إن قضية حماية مصر لحقوق مواطنيها هي أمر تلتزم به أي حكومة مسؤولة، لقد أجرينا مفاوضات لعشر سنوات وبنيّة حسنة، وقدومنا إلى مجلس الأمن يظهر رغبتنا في أن يساعد المجتمع الدولي الدول الثلاث في مفترق الطرق الذي تقف عليه وتشجيع العودة للمفاوضات". 

يُذكر أن المفاوضات حول المشروع التونسي ما زالت مستمرة، ويطالب المشروع، في صيغته الحالية، "مصر وإثيوبيا والسودان بالعودة لاستئناف المفاوضات بدعوة مشتركة من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة...على نص اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الذي يضمن قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة الكهرومائية من سد النهضة مع منع إلحاق ضرر كبير بالأمن المائي لدول المصب". 

تقارير عربية
التحديثات الحية

وينص الاتفاق على أن يتم ذلك بغضون ستة أشهر، كما "يشجع الأطرافَ التي دعيت لحضور المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي كمراقبين، وأي أطراف أخرى قد تقرر مصر وإثيوبيا والسودان دعوتها، على مواصلة المشاركة بنشاط في المفاوضات بهدف معالجة القضايا الفنية والقانونية العالقة". 

وإضافة إلى ذلك، يدعو المشروع الدول الثلاث إلى الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يضر بعملية التفاوض، ويحث إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار في ملء خزان سد النهضة من جانب واحد، كما يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم تقريراً إلى المجلس عن تنفيذه. 

من جانبها، تحدثت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، عن إمكانيات التعاون بين الأطراف الثلاثة، وشددت على أهمية الاتفاق القانوني للملء والتشغيل وحماية الأمن الاستراتيجي للسودان. 

وأكدت المهدي، في الوقت ذاته، على أن "تصرفات إثيوبيا التي لا تراعي حقوق الجيرة واستخدامها لقدرتها المنفردة تهدد حياة ملايين السودانيين".

وأضافت: "وجود سد ضخم كسد النهضة على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السودانية وملؤه دون تنسيق يشكلان خطورة على المجتمعات المحلية والسودان عموما". وأكدت الوزيرة على ضرورة أن يتم التوصل لاتفاق ملزم قانونيا وضمن إطار زمني محدد.

 ورداً على أسئلة لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك حول الخطوات القادمة التي ستتخذها بلادها في حال فشل مجلس الأمن في تبني مشروع القرار التونسي، قالت المهدي: "نشعر بالتفاؤل بأن يقوم مجلس الأمن بتبني مسؤوليته وألا يتخلى عنها. ولقد سمعنا من بعض الدول أن لديها مخاوف من تبني مشروع قرار من هذا القبيل، لأنه سيشكل سابقة وأنها لا ترغب بنقاشه في المجلس. وعلى الرغم من ذلك، يجب أن نقول إنه لا يمكن لهذه المنظمة المهمة ترك هذه القضية المهمة دون معالجة".

وأضافت الوزيرة السودانية: "هذا هو الوقت الذي على مجلس الأمن أن يظهر فيه أنه يمكنه أن يطبق بالفعل الدبلوماسية الوقائية على أرض الواقع، وليس كقوات حفظ السلام، بل دبلوماسية وقائية من أجل بناء الثقة في عدد من الخطوات كتلك التي تتخذ مع الاتحاد الأفريقي ولكن كذلك بناء الثقة بين الدول الثلاث".

 أما وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، فقد تحدث عن أن نقاش المجلس لمشروع السد لتوليد الطاقة الكهربائية غير عادي، مؤكداً أن بلاده تحتاج إلى السد للتنمية وللاستجابة لاحتياجات السكان.

وادعى الوزير الإثيوبي أن اجتماع المجلس جاء لاعتراض كل من مصر والسودان على بناء السد وليس لتهديد أمنهما، وتحدث عن بناء كل من مصر والسودان للسدود دون أخذ موافقة بلاده.

وقال إن الاتحاد الأفريقي هو الأنسب للنظر في الموضوع، زاعماً أن قضية السد هي فنية، ويجب ألا يبت فيها مجلس الأمن، مشدداً على أن بلاده لن تستجيب للضغوطات ولكن ستبقى تتعاون.

وحول ملء السد للعام الثاني، قال الوزير الإثيوبي: "لقد وفرنا المعلومات الضرورية حول أساليب ملء السد والتي تشكل جزءاً من عمليات بنائه، وهي مسألة فيزيائية محضة". وقال إن ذلك يتماشى مع الاتفاقيات المبرمة مع مصر والسودان، مشدداً على أن "مجلس الأمن يجب أن يرفض تحويله للجنة تبت في قضايا الأنهار العابرة للحدود".

وقدم المبعوث الخاص للأمين العام للقرن الأفريقي، بارفيه أونانغا أنيانغا، إحاطته أمام المجلس وقال إن المفاوضات التي جرت منذ آخر اجتماع للمجلس قبل سنة حول سد النهضة لم تحرز تقدماً ملموساً.

وجاءت تصريحاته، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك ليل الخميس لنقاش القضية بطلب من تونس، وبناء على طلب من المجموعة العربية، وعُقدت على مستوى وزراء الخارجية.

وأشار المسؤول الأممي إلى بعض القضايا الخلافية الأساسية بين الدول الثلاث، من بينها آلية تسوية النزاعات وقضية ملء وتشغيل السد في ظل الجفاف.

وتحدث عن الاقتراحات السودانية المتعلقة بطريقة الوساطة، إذ اقترح الجانب السوداني أن تتولى الوساطة أربعة أطراف وهي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأشار إلى أن إثيوبيا رفضت تلك الاقتراحات وأكدت على أنها تريد أن تكون الوساطة بشكل رئيسي بقيادة الاتحاد الأفريقي، كما هو الوضع حاليا. 

وأشار المسؤول الأممي إلى قرار جامعة الدول العربية حول سد النهضة الصادر في الـ 15 من يونيو/ حزيران بعد اجتماع الدوحة. ودعا القرار إثيوبيا إلى الامتناع عن ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، كما دعا مجلس الأمن إلى إجراء مشاورات بهذا الشأن.

وقال المسؤول الأممي إن إثيوبيا اعترضت واعتبرته محاولة لتسييس النزاع وتدويله، وشددت على التزامها بوساطة الاتحاد الأفريقي مع التأكيد على خطتها للمضي قدما في الملء الثاني للسد في يوليو/تموز القادم. وحث عددٌ من الدول، من بينها الصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة، الدول الثلاث على الاستمرار بالمفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.

من جهتها، تحدثت السفيرة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، عن إمكانية "التوفيق بين مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي وسلامة وتشغيل السد وبين احتياجات التنمية في إثيوبيا".

وقالت: "ينبغي أن تعقد المفاوضات تحت قيادة الاتحاد الأفريقي وينبغي أن تستأنف على وجه السرعة"، مشيرة إلى ضرورة أن تستند تلك المفاوضات إلى إعلان المبادئ لعام 2015 الذي وقعته الأطراف، وبيان يوليو/تموز 2020 الصادر عن مكتب الاتحاد الأفريقي، كمراجع أساسية.

وأضافت السفيرة الأميركية: "نعتقد أن الاتحاد الأفريقي هو المكان الأنسب لمعالجة هذا النزاع، والولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة".

وتابعت: "نحث الاتحاد الأفريقي والأطراف على استخدام خبرة ودعم المراقبين الرسميين الثلاثة، جنوب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وكذلك الأمم المتحدة والشركاء الآخرين للمساعدة في تحقيق نتيجة إيجابية".

من جانبه، عبر سفير روسيا للأمم المتحدة، فاسيلي نابنزيا، عن قلق بلاده مما أسماه "تنامي الخطاب العدائي"، مؤكداً على أن بلاده ترى أن التوصل لاتفاق بين الأطراف ما زال ممكناً.

 كما تحدث عن اقتراح زيادة عدد الوسطاء، وقال إن ذلك "لن يساعد بالضرورة على حله"، كما اقترح أن تقوم الأطراف الثلاثة بالاجتماع في نيويورك برعاية الاتحاد الأفريقي، بما أن وزراء الدول الثلاث موجودون في نيويورك.

وأضاف أن "روسيا مستعدة لتقديم صور الأقمار الصناعية لمراقبة مستوى ملء السد إن رغبت الدول".