ليز تراس تعتذر عن الإجابة على مخاوف الناخبين البريطانيين

ليز تراس تعتذر عن الإجابة على مخاوف الناخبين البريطانيين

30 اغسطس 2022
تراس تنسحب من مقابلة تلفزيونية مساء الثلاثاء(Getty)
+ الخط -

تواصل وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس محاولاتها للوصول إلى "داونينغ ستريت" في الخامس من سبتمبر/أيلول، رئيسة للوزراء وزعيمة لحزب المحافظين. ومع أن نتيجة السباق وفقاً لاستطلاعات الرأي شبه محسومة لصالحها ضد منافسها وزير المالية المستقيل ريشي سوناك، إلا أن تراس لن تطمئن حتى يتم الإعلان عن النتيجة بعد أقل من أسبوع. 

ربما عدم الراحة هذا دفعها على الأرجح إلى الانسحاب من المقابلة التلفزيونية التي كان من المقرّر أن تجري في وقت الذروة، مساء اليوم الثلاثاء، على "بي بي سي" مع الإعلامي المخضرم نيك روبنسون. 

ويتزامن اللقاء الإعلامي المتفق عليه مسبقاً مع أزمة معيشية غير مسبوقة وأسئلة صعبة وأساسية ومصيرية لا تمتلك حيالها تراس أي إجابات واضحة ومدروسة. 

وأمس الإثنين، أعلنت مصادر مقرّبة من تراس عدم نيّتها تقديم المزيد من الدعم المباشر لمساعدة ملايين البريطانيين في تغطية تكاليف فواتير الطاقة الباهظة وأنها ستكتفي بدراسة تخفيض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المائة مما قد يوفّر على الأسرة المتوسطة سنوياً مبلغ 1300 جنيه استرليني (1 جنيه إسترليني يساوي 1.17 دولار أميركي).

 تأتي هذه التسريبات في الوقت الذي وصلت فيه إلى هواتف البريطانيين ملايين الرسائل من شركات الكهرباء تنذرهم بأن فواتير الطاقة سترتفع بنسبة 80 بالمائة اعتباراً من الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وأشار استطلاع حديث للرأي أن واحدا من أربعة بريطانيين ينوي الاستغناء عن تدفئة منزله خلال الشتاء المقبل. فكيف ستجيب تراس على الأسئلة المتعلّقة بمخاوف ملايين الناخبين في حين أنها لم تنجح حتى اليوم في الإجابة على مخاوف 150 ألف ناخب من حزب المحافظين. ومن صوّت لها منهم فكان ولاؤها لزعيمهم "المخلوع" بوريس جونسون هو الدافع الأساسي وليس الكفاءة. 

تقول مصادر مقرّبة من المحافظين، لـ"العربي الجديد"، إن تراس لو فازت كما هو متوقع فلن تحصل على دعم كبير بين أعضاء البرلمان مقارنة بأي زعيم آخر.

وبحسب المصادر، فإن 200 من أصل 357 عضوا في البرلمان عن الحزب تحفّظوا عن إعلان تأييدهم ودعمهم لها. 

وتقول المصادر المقرّبة إن الخلافات بين تراس ومنافسها سوناك حول القضايا المفتاحية وحول كيفية التغلّب على أزمة غلاء المعيشة، أجّجت الانقسامات في الحزب.

وبحسب المصادر فإن المحافظين المتشدّدين كانوا مأخوذين في البداية بـ"الطعنة" التي وجّهها سوناك لزعيمهم عبر استقالته من منصبه وكانت الإطاحة به هي أولويتهم القصوى. اليوم، أدركوا أن معركتهم ليست في الإطاحة بسوناك لأن فوز تراس سيعرقل بقاءهم في الحكم في الانتخابات العامة المقبلة المقرّرة بعد سنتين على أبعد تقدير. 

وليست فواتير الطاقة سوى واحدة من عشرات الأسئلة التي لم تجب عليها تراس بعد ولم تقدّم لها الحلول. الحكومة معطّلة والإحساس بالعجز والشلل يرتخي على "داونينغ ستريت" والإجابات مؤجّلة حتى إعلان اسم الفائز وكأن مفاتيح الأزمة مرهونة بتلك اللحظة التي ينطق فيها رئيس مجلس العموم باسم رئيس الحكومة الجديد. 

وليس من المبالغ به القول إن ملايين الناخبين لا يكترثون وليسوا في انتظار الخامس من أيلول/ سبتمبر ولا يعنيهم اسم رئيس حكومتهم بشيء. حيث إنهم متعبون وخائفون ومشدوهون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية قبل فواتير الطاقة، ولم يكن مستغرباً أن تشهد مهرجانات موسيقية دورية مثل مهرجان "ريدينغ" و"ليدز" و"نوتينغ هيل" أعمال عنف وإحراق خيام وحالات طعن وتدخّلا مسلّحا للشرطة ووفاة مراهق وموت حصان تابع للأمن "أثناء أدائه للخدمة" كما ورد حرفياً. فأين يذهب الملايين بغضبهم إن كان المرشّح الأوفر حظّاً لإدارة شؤونهم غير معني ومنكفئ ولا يمتلك خططاً تخفّف من وطأة الشتاء ومن الكارثة التي يعيشها القطاع الصحي؟ 

فضّلت تراس الانسحاب من لقاء تلفزيوني محرج في سياق نضالها للفوز. وكأنها تدرك أن أي كلمة إضافية قد تطيح بها هي أيضاً من صفوف حزب يعيش حرباً أهلية. 

وقبل ثلاثة أسابيع فقط "حشرت" مذيعة "سكاي نيوز" كاي بورلي، المرشحة ليز تراس، إذ واجهتها بالتناقضات التي تطغى على مواقفها من القضايا الأساسية (كانت ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثم أضحت من أشدّ المؤيّدين له، كانت ضد الملكية والعرش ثم بدّلت موقفها، كانت مع توجّه البريطانيين إلى أوكرانيا للقتال مع شعبها ثم تراجعت، أعلنت عن خطة لتخفيض رواتب موظّفي القطاع العام في المناطق الأشد فقراً ثم ألغت الخطة..".

مذيع "بي بي سي" نيك روبنسون راكم على الأرجح أسئلة مشابهة مستوحاة من أزمة المعيشة وأسعار الطاقة والمواد الغذائية وورطة القطاع الصحي الذي سيزيد فصل الشتاء من أعبائه وتقصيره والجفاف وتصاعد العنف والفقر والتضخّم، فانسحبت تراس في اللحظات الأخيرة، لتنجو ربما. ارتجلت "صمتاً انتخابياً" في لحظة مصيرية يواجهها الملايين ومعهم "حزب المحافظين".  
 

المساهمون