ما دلالات الهدوء النسبي في البحر الأحمر وخليج عدن؟

ما دلالات الهدوء النسبي في البحر الأحمر وخليج عدن؟

09 مايو 2024
مقاتلون حوثيون في صنعاء، مارس الماضي (محمد حمود/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تهدئة غير معلنة بين الحوثيين والتحالف الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن، رغم التصعيد في الخطابات، مع تساؤلات حول أسبابها بين نجاح التحالف في الحد من قدرات الحوثيين أو حسابات إقليمية.
- انخفاض عدد الهجمات ضد السفن على الرغم من إعلان الحوثيين عن تصعيد، مما يعكس تأثير الضربات الأميركية والبريطانية، بينما يؤكد الحوثيون على استمرار قدرتهم على العمليات.
- تراجع الهجمات الحوثية مرتبط برغبة في التوصل إلى اتفاق سلام مع السعودية وهدنة في غزة، مع التأكيد على استمرار الحوثيين في سعيهم لتحقيق أهدافهم رغم الضربات.

برزت تهدئة غير معلنة في البحر الأحمر وخليج عدن بين الحوثيين والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، على الرغم من التصعيد المستمر في نبرة الخطابات والتصريحات وإطلاق التهديدات من قبل جماعة الحوثيين، وهو ما زاد من حجم التساؤلات عن أسباب هذه التهدئة التي ربطها البعض بحسابات أطراف إقليمية، فيما اعتبر البعض الآخر أن سببها نجاح التحالف الدولي في الحد من القدرات العسكرية للحوثيين عبر الهجمات التي نفذها ضد مواقع الحوثيين خلال الأشهر الماضية.

وكانت القوات المسلحة التابعة للحوثيين قد أعلنت في الثالث من مايو/أيار الحالي بدء تنفيذ المرحلة الرابعة من التصعيد، تنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وأوضحت هذه القوات أنها "ستبدأ مرحلة استهداف كافة السفن المخترقة لقرار حظر الملاحة الإسرائيلية، المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من البحر الأبيض المتوسط في أي منطقة تطاولها يداها". وأكدت أنه "إذا اتجه العدو الإسرائيلي لشن عملية عسكرية عدوانية على رفح، فسنفرض عقوبات شاملة على جميع سفن الشركات التي لها علاقة بالإمداد والدخول للموانئ الفلسطينية المحتلة من أي جنسية كانت". وعلى الرغم من إعلان الحوثيين الانتقال إلى مرحلة جديدة من التصعيد، إلا أن الملاحظ هو انحسار عدد العمليات التي نفذتها الجماعة أخيراً، في مقابل انحسار الهجمات الأميركية البريطانية ضد مواقع عسكرية تابعة للجماعة.


بن عامر: الهجمات مرتبطة بمستوى وجود السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة

هدوء في البحر الأحمر

وسجّل شهر إبريل/نيسان الماضي العدد الأقل لهجمات الحوثيين بـ17 هجوماً فقط، وقوبل ذلك بمغادرة حاملة الطائرات "آيزنهاور" والمدمرة "يو أس أس غرايفلي" البحر الأحمر في ظل توقعات بأن يتم استبدالهما، وهو الأمر الذي علق عليه زعيم الحوثيين بالقول إن "انسحاب عشر قطع حربية أميركية وثمان أوروبية من البحر الأحمر يعود إلى الشعور باليأس والإخفاق في منع عملياتنا أو الحد منها". في المقابل، شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا 14 غارة فقط على مناطق سيطرة الحوثيين خلال إبريل الماضي، 12 منها في محافظة الحديدة، وغارتان في محافظة تعز، كما أعلنت الولايات المتحدة تدمير نظام صواريخ أرض - جو متنقل في مناطق الحوثيين، وفقاً لبيانات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم).

ورأى بعض المراقبين أن انحسار عدد الهجمات التي ينفذها الحوثيون ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، جاء نتيجة الضربات الأميركية والبريطانية التي استهدفت الترسانة العسكرية للجماعة، تحديداً مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما أثر سلبا على قدرات الجماعة العسكرية. لكن البعض الآخر رأى أن تدني عدد الهجمات الحوثية أخيراً ليس أكثر من تكتيك عسكري، في ظل إعلان الجماعة الانتقال إلى المرحلة الرابعة من التصعيد، ونفيها وجود أي صفقة لإيقاف الهجمات.

وفي الثاني من الشهر الحالي، أعلن عبد الملك الحوثي في خطاب أن إجمالي العمليات المنفذة منذ بداية معركة "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بلغت 156 عملية في البحر وجنوبي فلسطين المحتلة، وأن 107 إجمالي عدد السفن المستهدفة المرتبطة بالعدو الإسرائيلي والأميركي، وأن العمليات ضد السفن نفذت بـ606 صواريخ بالستية ومجنحة وطائرة مسيّرة. كما أشار الحوثي إلى أن الاعتداءات الأميركية ـ البريطانية على اليمن بلغت 452 عملية غارة جوية وقصف بحري، وبلغ عدد الضحايا "في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس 40 شهيداً والجرحى 35 جريحاً".

وتعليقاً على ذلك، قال نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات التابعة للحوثيين، العميد عبد الله بن عامر، لـ"العربي الجديد"، إن هجمات جماعته لم تتوقف أو تتراجع، فالهجمات مرتبطة بمستوى وجود السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، مشيراً إلى أن استمرار العمليات يؤكد قدرة اليمن على الاستمرار في تنفيذ العمليات، وأن "العدوان الأميركي البريطاني لم يحقق أي نتائج، وفشل في تحقيق أهدافه". وأضاف بن عامر أن العمليات العسكرية خلال الأشهر الماضية حققت نجاحاً كبيراً، بدليل تراجع نسبة السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من الملاحة في البحر الأحمر إلى الصفر في فترات معينة، مشيراً إلى حدوث محاولات بين الحين والآخر لمرور سفينة أو سفينتين تم التصدي لها.

ولفت إلى أن "ميناء إيلات متوقف ولم تدخل إليه السفن خلال الفترة الماضية باعتراف الإسرائيلي، وأيضاً يمكن الاعتماد على تقارير تتحدث عن نسبة تراجع الملاحة في البحر الأحمر أو تحولها إلى رأس الرجاء الصالح، بمعنى أن العمليات لم تتراجع، والتراجع هو للحضور الإسرائيلي نتيجة العمليات اليمنية". وأكد بن عامر أنه "لا يوجد اتفاق لخفض التصعيد، وهناك عروض أميركية عبر الوسطاء، لكن اليمن أكد على موقفه، وربط توقف عملياته برفع الحصار ووقف العدوان على غزة، وهذه النقطة يدركها الأميركي جيداً".


سنان: الحوثيون راغبون في التوصل لاتفاق سلام مع السعودية

أسباب تراجع الهجمات

من جهته، لفت المحلل السياسي سنحان سنان في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تراجع الهجمات الحوثية على البحر الأحمر مرتبط بملفين أساسيين، أولهما الرغبة الأميركية في الوصول لهدنة في غزة، وثانيهما رغبة الحوثيين في التوصل إلى اتفاق سلام مع السعودية في ضوء تحركات المبعوث الأممي (هانس غروندبرغ) الأخيرة، إذ اعتبر الحوثيون ذلك تتويجاً للمكاسب العسكرية التي حققوها في السنوات الماضية".

وأضاف أن "الضربات الأميركية والبريطانية استهدفت الترسانة العسكرية للجماعة متمثلة في استهداف القوة الصاروخية، وورش صناعة المسيّرات، ومقرات القوات البحرية، واغتيال بعض قياداتها، لكن الجماعة اعتادت هذا النوع من الخسائر في ظل حربها مع التحالف العربي لتسع سنوات مضت". وأشار سنان إلى أن مستقبل التصعيد في البحر الأحمر مع إعلان زعيم الجماعة الحوثيين التحضير للمرحلة الرابعة، متعلق بالجهود الدبلوماسية للوصول إلى هدنة ووقف إطلاق النار في غزة مع بدء جيش الاحتلال اجتياح مدينة رفح، وكذلك التصعيد مرهون بالمساعي الدبلوماسية لإحياء المسار السلمي في اليمن، وكل هذا أصبح مرتبطاً برغبات واشنطن في التعجيل وحسم الملفات الساخنة من حرب إسرائيل على غزة وحرب اليمن.