منح الحصانة لولي العهد السعودي في واشنطن: بداية ترطيب للعلاقات؟

منح الحصانة القضائية لولي العهد السعودي في واشنطن: بداية ترطيب للعلاقات؟

19 نوفمبر 2022
رأت جهات مختلفة أن إعلان وزارة الخارجية مشوب بتغليب الحسابات السياسية (Getty)
+ الخط -

إعلان وزارة الخارجية الأميركية الخميس الماضي أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتمتع بـ"الحصانة السيادية" في محاكمته أمام القضاء الأميركي بقضية قتل الصحافي جمال خاشقجي في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 أثار جدلاً وشكوكاً في واشنطن حول جدارة القرار. 

ورأت جهات مختلفة أن إعلان وزارة الخارجية الأميركية مشوب بتغليب الحسابات السياسية فيه على حيثياته القانونية، مع أنه عموماً يتماشى ويتسق مع حالات سابقة أميركية ودولية عملاً بالأعراف السارية والمستقاة من القانون الدولي، لكن التشكيك طغى على قراءة الخطوة من باب أنها تراجع آخر في موقف بايدن المعروف من ملف خاشقجي، كما في سياسته المتذبذبة تجاه المملكة التي تأرجحت مؤخراً بين الساخن والبارد في آن واحد.

وبدأت القصة في يوليو/ تموز الماضي، عندما توجهت محكمة فيدرالية في واشنطن تنظر في دعوى رفعتها خديجة جنكيز؛ خطيبة جمال خاشقجي، ضد ولي العهد السعودي، بسؤال إلى وزارة العدل حول ما إذا كان ينبغي منح الأمير "حصانة" ضد المحاكمة، كما طلب محاميه.

وفي سبتمبر/ أيلول الفائت، وقبل انتهاء فترة رد الوزارة، صدر أمر ملكي بتعيين ولي العهد رئيساً للحكومة، وبذلك صار رسمياً في موقع القيادة الذي يتمتع صاحبها عادة بالحصانة.

وعلى هذا الأساس، جرى إبلاغ المحكمة أمس الخميس بالقرار عن طريق وزارة الخارجية التي جاء في تعليلها أن "رئيس حكومة المملكة يملك الحصانة في هذه الدعوى"، وشددت على أن العمل بهذا الامتياز "لا علاقة له بجدارة القضية من الناحية القانونية"، بل هو "منبثق فقط من موقع ولي العهد".

هذا التسويغ تعذر تسويقه على ما يبدو من الردود السياسية والإعلامية التي جاءت تعليقاتها مثقلة بالغمز من زاوية الإدارة وحيثيات خطوتها. 

وتجلّى ذلك في الإحاطة الصحافية اليوم الجمعة بوزارة الخارجية، والتي دار معظمها حول هذا الموضوع، والذي بدا من شروحات المتحدث فيدنت باتيل أن الإدارة وجدت نفسها في خط دفاعي ضعيف عن خطوتها، خاصة أن الدعوى "ليست مرفوعة ضد الحكومة" السعودية، بل ضد شخص ولي العهد.

وزاد الارتباك عندما رفضت الخارجية التأكيد على التزامها بهذه القاعدة إزاء أي قيادي أجنبي بمن فيهم "الرئيس السوري أو الفنزويلي؟"، بزعم أن ذلك حالة "افتراضية" غير مطروحة وأنها بالنهاية متروكة "لوزارة العدل"، وكأن منح الحصانة تدبير استنسابي، على الأقل هكذا كان الانطباع.

يُذكر أن المحكمة تبقى صاحبة القرار النهائي، إذ ليس ثمة ما يجبرها على الأخذ برأي وزارتي العدل والخارجية، ولو أنه من المستبعد وقوفها ضد فتوى الجهة العدلية – الدبلوماسية التي استشارتها في القضية.

والسؤال الذي تركته هذه الخطوة يدور حول ما إذا كانت "الحصانة" بداية ترطيب للعلاقات التي كررت الخارجية اليوم بأن الإدارة ما زالت تنظر في "إعادة تقويمها".

والمعروف أن الإدارة تواجه الكثير من الضغوط، سواء من الكونغرس، وبالذات من الديمقراطيين، أو من جانب وسائل الإعلام المؤثرة التي انقلبت على الرئيس بايدن في موضوع العلاقات مع الرياض، وبشكل خاص منذ زيارته في يوليو الماضي إلى المملكة و"سلام القبضة" الشهير بين الرئيس والأمير محمد بن سلمان عند مدخل القصر الملكي وما أثارته من انتقادات.