10 أشهر على الانتخابات العراقية... الأزمة السياسية الأطول

10 أشهر على الانتخابات العراقية... الأزمة السياسية الأطول

10 اغسطس 2022
أنصار الصدر في المنطقة الخضراء، الجمعة الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تدخل الأزمة السياسية العراقية التي أعقبت تنظيم الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، شهرها العاشر على التوالي، من دون أي بوادر تلوح بالأفق بحل قريب خلال الفترة الحالية، بعد تعليق مجلس النواب عمله إثر سيطرة المئات من أتباع التيار الصدري على مبنى البرلمان، الواقع داخل المنطقة الخضراء، في العاصمة بغداد، والاعتصام فيه.

وعلى الرغم من الوساطات وجهود تقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة الأساسيين، وهما التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والفائز الأول في الانتخابات، وقوى "الإطار التنسيقي"، الطرف الحليف والمدعوم من قبل طهران، فإن أي بوادر للحل لا تتوفر حتى الآن في الأفق.


عائد الهلالي: سبب الأزمة هو التلاعب والتزوير بنتائج الانتخابات المبكرة

وبدأت الأزمة السياسية الحالية في العراق، بعد إعلان نتائج الانتخابات المبكرة، وتصدّر الكتلة الصدرية لوائح الفائزين، فرفض "الإطار التنسيقي" الاعتراف بذلك، مسارعاً بالطعن أمام المحكمة الاتحادية.

ثم أعلن "الإطار" بعد ذلك عن تشكيل "ثلث معطّل" لمنع التيار الصدري وحلفائه في تحالف "السيادة"، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، من تشكيل حكومة الأغلبية.

الأمر الذي دفع الصدريين الى تقديم الاستقالة من البرلمان ونزولهم للشارع لمنع قوى "الإطار التنسيقي" من تشكيل أي حكومة جديدة، والمطالبة بحل مجلس النواب، والذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة جديدة. ويحمّل الصدريون القضاء العراقي، وتحديداً المحكمة الاتحادية، جانباً كبيراً من الأزمة السياسية الحالية، فهم يرون أنهم ليسوا طرفاً في تأخير ولادة الحكومة الجديدة أو تعطيل مصالح المواطنين ومشاريع التنمية في البلاد.

الأزمة السياسية الطويلة

عضو بارز في التيار الصدري بمدينة النجف جنوبي العراق، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الأزمة قد تمتد لعام كامل أو أكثر، وهي أفضل من وصول قوى الخراب الأول للسلطة مجدداً"، في إشارة إلى مساعي قوى الإطار التنسيقي تشكيل الحكومة التي يشترطون أنها مقدمة لإجراء انتخابات جديدة وحل البرلمان الحالي.

وأضاف أن "سبب الأزمة قرارات المحكمة الاتحادية، التي فيها أبعاد سياسية واضحة لصالح القوى الخاسرة بالانتخابات، التي تمتلك السلاح والمال، فهي كانت السبب الرئيسي للأزمة، ومنع تشكيل حكومة الأغلبية وفق تفسيرات نفعت الإطار التنسيقي في إفشال مشروع الأغلبية، بعد بدعة الثلث المعطّل الذي سنته في فبراير/شباط الماضي، لتضاف إلى بدعة الكتلة الأكبر عام 2010".

وتابع العضو في التيار الصدري كلامه، مشيراً إلى أن "السبب الآخر للأزمة هو التدخل الإيراني، الذي كان له دور بارز في منع تشكيل حكومة الأغلبية، من خلال الضغط على أطراف في الإطار التنسيقي، وتحديداً زعيم تحالف الفتح هادي العامري، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، الذين كان في إمكانهم الالتحاق بمشروع الأغلبية، لكن الضغط الإيراني منع ذلك، مشدّداً على توحيد موقف هذه الجهات ضمن الإطار التنسيقي، السعي لتشكيل حكومة التوافق".

وبيّن القيادي البارز في التيار الصدري أن "الأزمة السياسية بعد دخولها شهرها العاشر، وصلت إلى طريق مغلق ولا حلول قريبة لها، إلا من خلال حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، على أمل أن يتمكن الصدريون، ومن معهم من حلفاء، الحصول على غالبية مقاعد مجلس النواب المقبل، لضمان تشكيل حكومة الأغلبية".

في المقابل، اعتبر القيادي في "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن سبب الأزمة السياسية هو "التلاعب والتزوير في نتائج الانتخابات المبكرة، التي جرت أكتوبر الماضي، وخلقت أرقاماً ومعادلة جديدة بين الكتل، وهذا كان أساس الخلاف والصراع".


إحسان الشمري: لا حل للأزمة إلا من خلال الذهاب نحو هيكلة النظام السياسي

وأكد الهلالي أن "هناك تدخلاً خارجياً كان وراء التلاعب والتزوير في نتائج الانتخابات المبكرة، بهدف إشعال الفتنة والصراع، خصوصاً ما بين الكتل والأحزاب الشيعية، ومحاولة جرّ هذه الأطراف إلى الصدام المسلح، لكن هذا المشروع فشل بوجود الحكماء، والخلاف اختصر على الصراع السياسي".

وأضاف أن "هناك أسباباً أخرى خلقتها أطراف إقليمية ودولية، عملت على محاولة إقصاء أطراف سياسية لها ثقلها السياسي والبرلماني والشعبي، لتحقيق أجندات خاصة، خصوصاً أن القوى العراقية تقف ضد الوجود الأميركي في العراق، وأرادت تهميشها لتنفيذ مشاريعها في العراق"، من دون أن يسمي تلك الأطراف.

وختم الهلالي بالقول إن "هناك عشرات المبادرات السياسية التي أُطلقت من قبل قوى داخلية وخارجية، لكن جميعها لم تلقَ أي نجاح، والآن المساعي مستمرة للوصول إلى اتفاق وتفاهم لحلّ هذه الأزمة التي طالت كثيراً، لكن في الواقع لا حلول قريبة وفق مواقف الكتل المختلفة، خصوصاً بين التيار الصدري والإطار التنسيقي".

تعقيدات الأزمة السياسية

أما القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مهدي عبد الكريم، فقد اعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأزمة السياسية الحالية هي الأكثر تعقيداً. وأضاف أن "تفسيرات المحكمة الاتحادية العليا، كانت السبب الرئيسي في الأزمة الحالية، خصوصاً أنها نصرت قوى سياسية على قوى أخرى، ولهذا كان الخلاف مشتداً خلال الأشهر الماضية".

وبيّن عبد الكريم أن "إصرار القوى السياسية على تكرار تجربة حكومة التوافق كان هو أساس الخلاف والصراع السياسي، و"الإطار التنسيقي" عمل بكل الطرق لغرض إفشال مشروع حكومة الأغلبية التي كان يرغب بتشكيلها التيار الصدري وحلفاؤه، حتى وصل الأمر إلى تهديد حلفاء من خلال عمليات القصف وضرب مقرات في عدد من المدن العراقية".

وأشار إلى أنه "بعد دخول الأزمة السياسية شهرها العاشر، فهذا يؤكد صعوبة حل هذا الأزمة في القريب العاجل، ولهذا قد تبدو الانتخابات المبكرة الجديدة هي الخيار الوحيد للخروج من المشكلة، لكن هذا لا يعني عدم عودة الخلافات بعد الانتخابات الجديدة".

بدوره، رأى رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأزمة الحالية ليست أزمة آنية، بل تمتد جذورها لأكثر من عقد من الزمان. فمنذ عام 2010 وخروج العملية السياسية عن سياقاتها الدستورية، وصولاً إلى محاولة التمسّك بالسلطة عام 2014 والانقلاب على الدستور الذي حدث في عام 2018، وتحوّل السلطة إلى أداة قمع كما حصل في عام 2019، ومحاولة تثبيت أركان السلطة على حساب مطالب الشعب وتصادم المصالح ما بين الكتل والأحزاب والفساد والمحاصصة، والصراع على الزعامة، فهذه كلها أدت إلى الأزمة العميقة حالياً وحالة الانسداد التام".

ولفت الشمري إلى أن "سبب الأزمة لا يتعلق بفشل تشكيل حكومة الأغلبية أو تشكيل حكومة توافقية، فهذه الأزمة ناجمة عن تراكمات لأخطاء وصراع وخلاف منذ سنين طويلة، ولهذا تفجّرت وأصبحت هي الأطول في تاريخ العراق".

وأضاف أنه "لا حل للأزمة السياسية، إلا من خلال الذهاب نحو هيكلة النظام السياسي في العراق، على اعتبار أن العملية السياسية الحالية أصبحت غير قادرة على إنتاج أي حلول، ولهذا يجب الذهاب نحو نظام سياسي جديد، ولا حل من دون تحقيق ذلك".

وتعد الأزمة الحالية الأطول التي تواجهها العملية السياسية منذ بدايتها عقب الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وتشكيل ما يعرف بمجلس الحكم من قبل الحاكم المدني آنذاك بول بريمر، متقدمة على أزمة عام 2010 التي دامت 9 أشهر بعد فوز "القائمة العراقية"، بزعامة إياد علاوي، وإصرار رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي على ولاية ثانية له، حصل عليها بالنهاية بعد تفسير دستوري اعتُبر مُشوّهاً.

وما زالت العملية السياسية تعاني من آثاره لغاية الآن وهو "الكتلة الكبرى"، والتي اعتبرت فيها المحكمة أن "الكتلة الكبرى" ليست التي تفوز بالانتخابات، بل التي تتشكل داخل البرلمان الجديد.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المساهمون