مصر بعد "جريمة منتصف الليل": حشد نيابي لإقالة الحكومة

مصر بعد "جريمة منتصف الليل": حشد نيابي لإقالة الحكومة

06 نوفمبر 2016
مصريون ينتظرون دورهم للحصول على الوقود (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جلس وزير البترول المصري طارق الملا أمام لجنة الطاقة في مجلس النواب، عارضاً خطة وزارته على اللجنة، والتحديات التي تواجه قطاع البترول، مؤكداً عدم تحريك أسعار الوقود. لم يستمرّ الوضع طويلاً، إذ فوجئ أعضاء اللجنة، من وسائل الإعلام، يوم الخميس، بقرار رفع الدعم عن الوقود، من دون إخطار أو تشاور، على الرغم من حضور رئيس الحكومة شريف إسماعيل، وعدد من وزرائه أمام المجلس النيابي، قبل قرارات "الخميس الأسود" بنحو 72 ساعة، وإلقاء بيان خلا تماماً من أي حديث عن تحرير سعر الصرف، أو زيادة أسعار المحروقات.

في هذا السياق، دعا رئيس لجنة الطاقة طلعت السويدي، إلى اجتماع طارئ للجنة البرلمانية، اليوم الأحد، لمعرفة ملابسات الزيادة في أسعار البنزين والسولار، بشكل مفاجئ، من دون مناقشة مع البرلمان، مع استدعاء وزير البترول.

وأشار السويدي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "علمنا بزيادة أسعار الوقود من المواقع الإلكترونية، مثل بقية المواطنين، وكأننا غير معنيين بالأمر، في استمرار لتجاهل استشاراتنا من قبل الحكومة حول قرارات يترتب عليها ارتفاع في كافة أسعار السلع والخدمات، وتمسّ محدودي الدخل بشكل مباشر".

وأضاف أن "وزير البترول خدع اللجنة، بعد نفيه المتكرر لأعضائها وجود نية لدى الحكومة لتحريك سعر الوقود، ما دفع النواب للتأكيد أمام ناخبيهم على عدم زيادة الأسعار لطمأنتهم. وعند صدور تلك القرارات بدت رسالة الحكومة جلية إلى البرلمان بأنه (مالوش لازمة)".

بدوره، دعا أمين سر اللجنة علاء سلام، الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى "إقالة الحكومة على خلفية تجاهلها للبرلمان، وإصدار قراراتها برفع أسعار البنزين والبوتاغاز في توقيت خاطئ، وما تبعها بالضرورة من زيادات كبيرة في أسعار وسائل النقل والسلع المهمة".

ووصف سلام ما حدث بـ"جريمة ارتكبت بليل في غفلة من البرلمان، ولا يصح الصمت إزاءها"، متابعاً "كل يوم تُعرض على المجلس التشريعي اتفاقيات للتنقيب والكشف عن الغاز والبترول، ونوافق عليها، ولم نر إنجازاً واحداً ملموساً بقطاع البترول، والذي لن يتطور إلا بعد القضاء على منظومة الفساد داخله".

في سياق متصل، رأى عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، محمد عمارة، أن "هناك استخفافاً واضحاً من الحكومة بحق المجلس، وتعمّداً في عدم عرض قراراتها الهامة على نوابه، لإحراجهم أمام دوائرهم، والظهور أمام ناخبيهم كآخر من يعلم، خاصة مع ربط مواقفهم السابقة، المؤيدة لجميع قرارات الحكومة".



ولفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن "البرلمان فقد مصداقيته في الشارع، بعد أن أصبح لديه انطباع بأنه تحصيل حاصل، لا وجود أو تأثير له، في ظل هيمنة الحكومة على القرارات المصيرية، والتي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وسط معاناة المواطن الأمرّين من الغلاء وضيق اليد".

وتابع أنه "يجب أن يعلم نواب الأكثرية أن دور البرلمان الدفاع عن الشعب، ومصالحه، لا الانحياز الدائم إلى الحكومة، والتي لا تعبأ بالمواطنين، وتتحرك وفق خطتها للتحرير الكلي للدعم، من دون دراسة تداعياتها على محدودي الدخل، وعدم مواكبة التضخم لنسب الزيادة البسيطة بمرتبات ومعاشات العاملين في القطاعين الحكومي والخاص".

بالنسبة إلى عضو لجنة الشباب والرياضة، طارق السيد، فإن "تغيير الحكومة بات واجباً، لعدم مصداقيتها، وتضليلها ممثلي الشعب، بعد أن ألقى رئيسها بياناً أمام المجلس النيابي الأسبوع الماضي، من دون توجيه إشارة واحدة للبرلمان عن اتخاذ تلك القرارات، أو أخذ موافقته الضمنية عليها".

وأردف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القرارات تتعارض بشكل واضح مع مطالبات النواب للحكومة بعدم تحميل محدودي الدخل فاتورة برنامجها للإصلاح الاقتصادي، خصوصاً أن رفع سعر المحروقات مثّل صدمة للمواطنين، وأثّر سلباً على قطاعات عريضة، بعد زيادة أسعار وسائل النقل، والخدمات المقدمة من الشركات والمطاعم". وحذّر السيد من "انفجار محتمل في وقت قريب للمواطنين، جراء الأعباء الإضافية، بدءاً من فرض ضريبة القيمة المُضافة، مروراً بتحرير سعر الصرف، وانتهاء برفع أسعار البنزين والسولار".

بدوره، اعتبر عضو لجنة القوى العاملة، خالد شعبان، أن "عدم إعلام البرلمان بقرارات الحكومة قبل اتخاذها، استهانة واضحة، خصوصاً أنها جاءت في توقيت غير مناسب، وتهدف إلى ضرب محدودي الدخل، والذين يعانون من توحش الغلاء".

وأشار شعبان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحكومة رضخت تماماً إلى كل شروط وإملاءات صندوق النقد الدولي للحصول على قرضه البالغ 12 مليار دولار، بغض الطرف عن تداعياتها السلبية على المواطنين، والاقتصاد المصري".

من جهة أخرى، اتفق عشرات النواب على الاجتماع في البرلمان، ظهر اليوم، للقاء رئيس المجلس علي عبد العال، ومطالبته بعقد جلسة طارئة غداً الإثنين، رداً على القرارات الاقتصادية الصادرة، من دون الرجوع إلى البرلمان، وما تبعها من آثار سلبية على المواطنين. إلا أن مصدراً مطلعاً بهيئة مكتب البرلمان، أفاد بأن "عبد العال سيتحفظ على مطالب النواب المعارضين للقرارات، دعماً لحكومة السيسي".

وأضاف المصدر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "عبد العال سيحاول تهدئة النواب الغاضبين، وإقناعهم بالانتظار إلى الموعد المحدد للجلسة المقبلة في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، استناداً إلى نصّ اللائحة المنظمة بانعقاد المجلس النيابي أسبوعاً بعد أسبوع، وتجاوز تظاهرات 11 نوفمبر/تشرين الثاني التي تحمل شعار ثورة الغلابة".

وأردف المصدر أن "رئيس البرلمان سيبرر للنواب رفضه انعقاد المجلس، تحت دعاوى استغلال أنصار جماعة الإخوان المسلمين، المعارضين للسلطة الحاكمة لحالة الغضب الشعبي لدى المواطنين من جراء ارتفاع الأسعار، وحثهم على النزول للتظاهر، ما يتطلب وقوف المجلس مع قرارات حكومة السيسي إعلاء لمصلحة البلاد، وحفاظاً على أمنها القومي".

وكان تكتل (25-30) البرلماني، المعارض من داخل النظام، قد دعا إلى اجتماع طارئ للنواب اليوم، لمطالبة عبد العال بعقد جلسة عاجلة، يطالب خلالها النواب السيسي بإلغاء القرارات الاقتصادية الأخيرة، وإقالة الحكومة الحالية، وعرض تشكيل وزاري جديد على مجلس النواب.

كما تقدم المتحدث باسم كتلة حزب الوفد، محمد فؤاد، أمس السبت، بطلب من رئيس البرلمان لاستدعاء وزير التنمية المحلية، أحمد زكي بدر، ومطالبته بالتصدي لعمليات الزيادات العشوائية في تعريفة النقل للسيارات الأجرة، من خلال تفعيل دور أجهزة الوزارة، والأجهزة المحلية، بعد حدوث مشادات عنيفة بين المواطنين بالمحافظات المختلفة.

وانتقد فؤاد عدم التزام الحكومة بالقانون رقم 88 لسنة 2003، والذي يُلزم البنك المركزي بإخطار المجلس النيابي بأي تغيير في السياسة النقدية، والتي أضرت بخزانة الدولة، وزادت من عجز الموازنة معدلات التضخم إلى نسب غير مسبوقة.

المساهمون