قوات النظام تترجم رؤية الأسد عن مناطق "خفض التصعيد"

قوات النظام تترجم رؤية الأسد عن مناطق "خفض التصعيد"

22 اغسطس 2017
تواصل قوات النظام السوري استهداف الغوطة الشرقية (محمد أياد/الأناضول)
+ الخط -
بات واضحاً أن لنظام بشار الأسد فهماً خاصاً لاتفاقيات "خفض التصعيد"، التي رعتها روسيا، إن كان في الجنوب الغربي من البلاد، الذي يضم القنيطرة ودرعا والسويداء، أو في الغوطة الشرقية المجاورة للعاصمة دمشق، أو ريف حمص الشمالي، إذ يعتبر خرق وقف إطلاق النار من قبل النظام ومليشياته، بين الحين والآخر، سمة رئيسية في هذه الاتفاقيات، فلا يكاد يمر يوم إلا ويتم استهداف إحدى تلك المناطق برمايات المدفعية الثقيلة أو راجمات الصواريخ.

ففي ريف حمص الشمالي، قال مدير "مركز حمص الإعلامي"، أسامة أبو زيد، في حديث مع "العربي الجديد"، "تعرضت تلبيسة، يوم الأحد الماضي، إلى قصف مدفعي عنيف، ما أدى إلى سقوط قتيلين وإصابة أكثر من 10 مدنيين، جلهم من الأطفال، بالإضافة إلى تعرض مبان سكنية للتدمير. كما تم قصف الفرحانية ومدينة تلدو في منطقة الحولة، وبلدة الغنطو والزعفرانة وأم شرشوح وسنيسل بقذائف المدفعية الثقيلة والهاون". وأضاف أن "اشتباكات عنيفة دارت بين الفصائل المسلحة المعارضة وقوات النظام على جبهات قرى المشروع والمحطة وسنيسل، وتم التصدي لمحاولة تسلل مليشيات النظام، وسط قصف مدفعي عنيف استهدف منطقة الاشتباكات". وفي درعا، استهدفت قوات النظام، ليل الأحد الإثنين، حي طريق السد بعدة قذائف هاون. وكانت استهدفت الطريق الواصل بين بلدتي الغارية الشرقية والصورة بقذائف المدفعية الثقيلة. كما استهدفت بالمدفعية الثقيلة دوما في الغوطة الشرقية قبل يومين، وهي معقل "جيش الإسلام"، الذي وقع مع الروس على اتفاق "خفض التصعيد"، برعاية مصرية، والذي انضم "فيلق الرحمن" إليه أخيراً، في حين استهدفت حي جوبر وبلدة عين ترما بأكثر من 10 صواريخ أرض- أرض.

وكشف خطاب رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأحد الماضي، عن رؤية النظام لاتفاقيات "خفض التصعيد"، إذ إن الأسد اعتبر، خلال حديثه للمرة الأولى عن هذه الاتفاقيات، أنها "لا تختلف بالخطوط العريضة وبالجوهر عن كل المبادرات التي طُرحت سابقاً بالنسبة إلى وقف الأعمال القتالية"، معتبراً أنها مؤقتة، وأن قواته ومليشياته ستتابع الأعمال القتالية، أو أن على فصائل المعارضة التي تقاتله أن تدخل في عملية مصالحة حصراً، مشيراً إلى أن ما دون ذلك لا يعتبر مقبولاً لنظامه. ولم يأت الأسد بجديد عما يكرره منذ زمن في مواجهة أي محاولة لحل الأزمة السورية، إذ يرى أن جوهر أي محاولة يجب أن يكون "وقف سفك الدماء، وعودة المهجرين، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإعطاء الفرصة للإرهابين للخروج من تحت غطاء الإرهاب وتسوية الأوضاع وبالتالي الانتقال إلى حضن الدولة. هذا هو الشكل العام والهدف النهائي. وطبعاً تهدف أيضاً للوصول إلى المصالحة الوطنية، وبالتالي عودة سيطرة الدولة وخروج المسلحين وتسليم السلاح، أي العودة إلى الوضع الطبيعي الكامل". وذكر الأسد صراحة أنه "لا يوجد أمر واقع، طالما أننا لم نوقف القتال، فطالما أننا مستمرون بضرب الإرهاب على نفس الساحة، فهذا يعني أن الإرهاب سيضعف في المناطق الأخرى. نضربه في مكان فيضعف في كل الأماكن الأخرى. وطالما أن القتال مستمر ضد الإرهابيين فهذا يعني أنه لا يوجد أمر واقع ولا يوجد تقسيم، وهذا الكلام غير مطروح، وبكل تأكيد لن نوافق عليه كحكومة سورية تحت أي عنوان، طبعاً في حال طُرح، ولكنه لم يُطرح".


وبيّن رئيس النظام ما سيحصل مستقبلاً، من وجهة نظره. وقال "عملياً، الشيء الوحيد الذي نقوم به هو تشكيل لجان للحوار من قبل الدولة السورية، وسيتم تشكيل لجان مقابلة من قبل الأطراف، أو من قبل السكان القاطنين في تلك المناطق لمناقشة البنود التي ذُكرت أعلاه بهدف الوصول إلى المصالحة الوطنية كهدف نهائي"، معتبراً أن "أي شيء أقل من خروج الإرهابيين وعودة سيطرة الدولة، لا يسمى مصالحة. وعندها لا نكون قد وصلنا إلى الهدف. لذلك لنا مصلحة في نجاح هذه المبادرة، وسنعمل كل ما نستطيع لكي تنجح، لكن هذا أيضاً يعتمد على الأطراف الأخرى، سواء الموجودة في تلك المناطق، أو الأطراف التي ستؤثر فيها سلباً أو إيجاباً من خارج الحدود السورية. هذا الموضوع يعتمد عليها وعلى مصداقيتها وقدرتها". وترى مصادر معارضة من دمشق، طلبت عدم كشف هويتها، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الأسد يثبت في كل حديث أو خطاب أنه من شبه المستحيل أن يكون شريكاً في إيجاد حل للأزمة السورية، فهو مصر، بعد كل هذه السنوات والدمار، أن يختزل الحل بخروج من يوصمهم بالإرهاب أو استسلامهم، وعودة بسط سيطرته على تلك المناطق، تحت شعار العودة إلى حضن الوطن، في دلالة واضحة أنه لا يريد الاعتراف حتى بمطالب الشعب الذي خرج عليه، ويبتعد بكل الأشكال عن طرح أي نوع من التشاركية أو إشراك الناس بالحكم، أو حتى المساهمة في إدارة شؤونهم، وهذا لن يؤدي إلى نهاية للأزمة السورية ولا إلى أي مصالحة، فالرضوخ لا يمكن اعتباره مصالحة سوى لدى الأسد". ولفتت المصادر إلى أن "الأسد ليس طرفاً في هذه الاتفاقيات، كحال المعارضة، وليس كل ما يتحدث عنه يمكن أن يكون معبِراً عن الواقع، فهو اليوم يوجه حديثه إلى جمهوره في محاولة منه للتخفيف من مخاوفه وصدمته بما يرشح من اتفاق خفض التصعيد، عقب سنوات من الحديث عن المؤامرة الكونية ووصم جميع المناهضين له بالإرهاب، في حين أنهم اليوم قد يستطيعون إدارة شؤونهم، ويقدم لهم ما يحتاجون له للعودة إلى الحياة الطبيعية، من دون أن يفرض الأسد سطوته عليهم".

إلى ذلك، أعلن رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودسكوي، أمس الإثنين، أن قوات النظام السوري تقترب من "إنجاز عملية تحرير المنطقة الوسطى"، مشيراً إلى تنفيذ الطيران الروسي نحو ألف طلعة قتالية منذ بداية أغسطس/آب الحالي لدعم تقدم هذه القوات. وقال رودسكوي، في مؤتمر صحافي، "خلال الشهر الأخير، حدثت تغييرات جذرية في سورية. القوات الحكومية، بدعم من سلاح الجو الروسي، حققت نجاحات كبيرة، وألحقت هزيمة كبيرة بمجموعة داعش وسط سورية، وتم تحرير محافظة حلب بشكل كامل من الإرهابيين". وأكد أن "سلاح الجو الروسي زاد من طلعاته إلى 60-70 طلعة يومياً للقضاء على مجموعات الإرهابيين الذين يحاولون التراجع نحو دير الزور"، مشيراً إلى أن قوات النظام السوري تنفذ هجومها على تنظيم "داعش" في دير الزور من 3 محاور. وتكبدت قوات النظام السوري خسائر بالأرواح والعتاد، جراء استهدافها من قبل "هيئة تحرير الشام" في ريف حلب الشمالي، ومن قبل تنظيم "داعش" في ريف حماة الشرقي. وأعلنت "هيئة تحرير الشام" عن تدمير سيارة لقوات النظام في قرية باشكوي بريف حلب الشمالي شمال البلاد، بعد استهدافها بالمدفعية، الأمر الذي أدى إلى وقوع قتلى وجرحى من عناصر قوات النظام، فيما قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة الأحياء السكنية في مدينة حريتان شمال حلب، وقرية أبو غتة جنوب مدينة حلب موقعة أضراراً مادية.