11 شهراً على العملية الشاملة في سيناء: الأمن مفقود

11 شهراً على العملية الشاملة في سيناء: الأمن لا يزال مفقوداً

31 ديسمبر 2018
تعرّض الجيش المصري لخسائر كبيرة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


على الرغم من إطلاق الجيش المصري للعملية الشاملة في سيناء في فبراير/ شباط الماضي، في محاولة للقضاء على تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف، فلا تزال الاعتداءات الإرهابية تلاحق الجيش في كل أنحاء سيناء، بشكل شبه يومي، موقعةً خسائر مادية وبشرية لم تتوقف منذ بداية العام.

وكان الجيش المصري قد سمّى العملية الشاملة التي تدور رحاها منذ 11 شهراً "سيناء 2018"، في إشارة واضحة ومعلنة إلى رغبته بإنهاء المعركة لصالحه في غضون عام 2018، إلا أن الجيش تعرّض لمئات الاعتداءات منذ بداية العام وحتى أيامه الأخيرة، أدت لخسارته عشرات الضباط والمجندين، عدا عن حصول أضرار مادية كبيرة في المنشآت والآليات، قد تكون فاقت توقعات قيادة الجيش الذي فوضه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استخدام القوة الغاشمة لإنهاء الإرهاب في سيناء.

في المقابل، بقيت قوة تنظيم "ولاية سيناء" حاضرة، رغم كل محاولات إنهائها، وتمكن التنظيم من الضرب في كل مناطق شمال سيناء، وبشتى أنواع الاستهداف للأمن المصري، كالتفجيرات والقنص والكمائن والاختطاف. كذلك طاول الاستهداف المتعاونين مع الأمن المصري، فيما لا يمكن إغفال أن التنظيم تعرض لضربات أفقدته جزءاً غير يسير من قوته المادية والبشرية، إلا أن المسؤولية عن هذه الضربات تتوزع بين الجيش المصري وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يتدخل استخباراتياً وعسكرياً في سيناء منذ سنوات، وتزايد ذلك في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ.

ووفقاً لما كشفت عنه مصادر طبية وحكومية في سيناء لـ"العربي الجديد"، فإن "معدلات الخسائر البشرية التي تعرّض لها الجيش المصري خلال عام 2018 لم تختلف عن السنوات السابقة، على الرغم من العملية العسكرية الشاملة التي يخوضها الجيش باستخدام كافة قدراته العسكرية، وحديثه عن تحقيق إنجازات على حساب تنظيم ولاية سيناء. ولا تتوفر أي إحصائيات دقيقة بأعداد القتلى والجرحى لدى الجهات الطبية في سيناء، إلا أن غالبية الضربات والخسائر البشرية كانت في صفوف الجيش وفاقت نسبة الـ90 في المائة، والبقية من نصيب الشرطة المصرية والمدنيين المتعاونين مع الأمن".

وخسر الجيش المصري عدداً من الضباط ذوي الرتب العالية، وبعضهم من التخصصات الاستراتيجية، فيما تلقى ضربة استخباراتية، بحسب ادعاء تنظيم "ولاية سيناء"، بانضمام عدد من منتسبي القوات المسلحة إلى صفوف التنظيم، وبقائهم في وظيفتهم الرسمية، إلا أنهم قُتلوا أخيراً بضربات جوية مصرية وإسرائيلية، وفق ما أعلن "ولاية سيناء" في إصدار مرئي تم نشره أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تكذبه السلطات المصرية، رغم خطورة الادعاءات التي وردت فيه.



وبناءً على ما سبق، يسود اعتقاد بأن الجيش المصري لن يكون قادراً على إنهاء وجود تنظيم "ولاية سيناء"، من دون وجود ظروف مصاحبة لذلك غير القوة العسكرية، بعد ثبوت فشل الأخيرة في حسم المعركة على مدار 11 شهراً من العمليات المستمرة، خصوصاً في ظل عدم توافر استراتيجية واضحة للتعامل مع ملف سيناء لدى قيادة الجيش والدولة بأكملها، وفي إهمال الحاضنة الشعبية التي تمثل الأرضية اللازمة لبناء أي عمل عسكري ناجح. ويرفض المواطنون في سيناء التعاون مع الجيش المصري في عملياته بعد تعرضهم للكثير من المضايقات والخسائر على يده على مدار السنوات الماضية.

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "الدولة المصرية كانت تطمح إلى إنهاء وجود تنظيم ولاية سيناء بشكل شبه كامل من سيناء خلال العام الحالي. وظنّت أن القدرات العسكرية الشاملة باستخدام القوة الشاملة، وفقاً لحديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، سيكون كافياً لإنهاء الإرهاب في سيناء، إلا أن ظنها خاب في ظل تناسيها للحديث الدائم عن أن الحل الأمني والعسكري في سيناء فاشل، لفقدان الدولة عامل الثقة مع المواطن السيناوي الذي يمثل حجر الزاوية في أي حل لسيناء، بعدما تعرض هذا المواطن لكل صنوف التضييق في الحياة على يد الأمن المصري".

وأضاف الباحث أن "فشل العملية العسكرية الشاملة على مدار عام تقريباً في القضاء على تنظيم إرهابي بحجم ولاية سيناء، يمثل مؤشراً خطيراً على فشل المنظومة الأمنية والسياسية المصرية في إنهاء أزمة سيناء المتواصلة منذ خمس سنوات. وهذا يستدعي الوقوف ملياً على قدرة الجهات الحاكمة في مصر على الوقوف في وجه الأزمات المصيرية في الدولة، وباتت سيناء معضلة حقيقية لا يمكن التخلص منها بفعل فشل التعامل مع ملفها على مدار السنوات الخمس الماضية. ومن المؤكد أن ملفها سيبقى ساخناً عاماً جديداً، في ظلال النهاية السيئة التي لم تكن لصالح الجيش المصري بالتأكيد، مع تواصل هجمات التنظيم التي لم تتوقف".

ولفت إلى أن "هذه النهاية لعام 2018 تعطي شعوراً بالإحباط لدى أهالي سيناء، وكذلك لقوات الجيش العاملة في الميدان ولقياداتها التي روّجت إعلامياً بأن العملية الشاملة ستمثل نهايةً للإرهاب في سيناء، بينما لم يبدِ التنظيم قلقاً من العملية، وامتصّ الضربات الأولى، ورتّب أوراقه مجدداً، إلى أن عاد ليضرب بشكل شبه يومي، وفي كافة المناطق الجغرافية في سيناء، بما فيها رفح التي هُجّر أهلها منها منذ أشهر طويلة، والعريش مغلقة أمنياً بشكل كامل. كما أنه في مناطق جديدة استطاع التنظيم فتح الجبهة فيها، كوسط سيناء التي شهدت كميناً محكماً لقوات حرس الحدود أخيراً".


المساهمون