ليبيا: إسقاط طائرة إماراتية مسيّرة في محيط قاعدة الوطية

ليبيا: إسقاط طائرة إماراتية مسيّرة بمحيط قاعدة الوطية وتدمير منظومتي دفاع جوي

17 مايو 2020
"الوفاق" تكثف ضرباتها على قاعدة الوطية (جون موري/Getty)
+ الخط -
كثّفت قوات حكومة الوفاق الليبية من ضرباتها الجوية على قاعدة "الوطية"، جنوب غرب طرابلس، وفي محيطها، صباح اليوم الأحد، في وقت يرجّح فيه مراقبون تغيراً في المشهد بعد عودة اهتمام حلف "الناتو" بالملف الليبي.

وقال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، إن عملية "بركان الغضب" تمكنت من إسقاط طائرة إماراتية مسيّرة من نوع "Wing Loong" في محيط قاعدة الوطية، فجر اليوم.

وقال إن "إسقاط الطائرة المسيرة تزامن مع غارة جوية أخرى نجحت في تدمير منظومة دفاع جوية ثانية من نوع "Pantsir S1" روسية الصنع، مشيراً إلى غارة سابقة نفّذها سلاح الجو، مساء أمس السبت، استهدف منظومة مماثلة فور وصولها إلى القاعدة بالقرب من إحدى الدشم داخل القاعدة.

وأضاف أن "الغارة الأولى تمكنت من تدمير المنظومة والدشم وسبع سيارات بينها أربعة مسلحة وأكثر من 12 قتيلا من مليشيات حفتر كانوا بالقرب من الدشمة".

ويرى الخبير الأمني الليبي، الصيد عبد الحفيظ، أن العمليات الجوية الأخيرة أفشلت مساعي قيادة حفتر لإحياء القاعدة وإعادتها للعمل، لافتاً إلى أن إقلاع طائرة مسيرة قبل استهدافها مؤشر على سعي حفتر وحلفائه إلى إعادة القاعدة للعمل.



ويشير عبد الحفيظ، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "محاولة إدخال منظومات دفاع جوي وإقلاع طائرة مسيرة، يؤكد استمرار وجود قوة داخل القاعدة من ناحية، ويدل بشكل واضح أيضاً على أن مليشيات حفتر كانت تعتمد على القاعدة بشكل كبير في عملياتها في محيط طرابلس". 

ويرى أن بقاء القاعدة خارج سيطرة قوات الحكومة سيجعلها مصدراً مستمراً للخطر، وقد يدعم ذلك عودة نشاط المليشيات في محيط طرابلس وترهونة.

حلف "الناتو" قلق من قتال مرتزقة "فاغنر" مع حفتر

يأتي إعلان قوات "بركان الغضب" عن تدمير منظومات دفاع جوي روسية الصنع، تزامناً مع تأكيد أمين عام حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينس ستولتنبرغ، لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، أمس السبت، على قلق الحلف من قتال مرتزقة "فاغنر" الروس في صفوف مليشيات حفتر.

وفي الوقت الذي عبّر فيه، ستولتنبرغ، خلال اتصال هاتفي مع السراج بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، عن رفض الحلف لاستهداف المدنيين والبنى التحتية في طرابلس، قال المستشار الإعلامي لوزارة الصحة في حكومة الوفاق، الأمين الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن ضحايا القصف الذي طاول مقراً للنازحين في منطقة الفرناج بطرابلس، مساء أمس السبت، قد ارتفع إلى سبعة مدنيين و14 جريحاً.

وكان الهاشمي قد أعلن، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، عن سقوط خمسة مدنيين وإصابة ثمانية آخرين جراء قصف مليشيات حفتر لمقر للنازحين في منطقة الفرناح بطرابلس، مساء أمس.

وبشأن تأكيد ستولتنبرغ، خلال اتصاله بالسراج، على "ضرورة تطبيق حظر ووصول السلاح براً وجواً وعدم الاكتفاء بتطبيقه بحراً فقط"، يؤكد الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، لـ"العربي الجديد"، أن الأمين العام للناتو يقصد عملية "ايريني" الأوروبية التي أعلنت عن اقتصارها على مراقبة الشواطئ الليبية من دون باقي منافذ البلاد، معتبراً أن هذا الموقف بمثابة "معارضة ضمنية من قبل الناتو للمساعي الأوروبية للتشويش على الاتفاق البحري والأمني بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق، ويُفهم منه أيضا تأييد لتقارب تركيا مع الحكومة في طرابلس". 

واعتبر الحداد صدور مثل هذا التصريح من أمين حلف الناتو، الذي تُعتبر تركيا أبرز أعضائه، قد يترتب عليه إفشال العملية الأوروبية البحرية.

ويرى الأكاديمي الليبي أن عودة نشاط الحلف إلى الملف الليبي بعد غياب منذ عام 2011 يحمل بوادر تغيرات جديدة تطرأ على المشهد، مضيفاً أن "تصريحات ستولتنبرغ التي تحمل دعماً ضميناً للتحالف بين تركيا وحكومة الوفاق تشير إلى وجود أميركي وراء هذا التغير، خصوصاً أنها الوحيدة التي عبّر مسؤولوها أكثر من مرة عن انزعاجهم من الوجود الروسي في صفوف حفتر".

من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات الليبية، إلياس الباروني، أن الملف الليبي لا يمثل أولوية لدى واشنطن، فهي تعمد إلى سياسة منح إدارة هذا الملف لحلفائها، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "واشنطن بعد أن شعرت بعجز إيطاليا عن إدارة هذا الملف، منحته لتركيا، وكان من ثماره الاتفاقية الثنائية بين الحكومتين الليبية والتركية".

ويرى أن واشنطن كانت تدعم حكومة الوفاق في الظاهر وتغمض عينيها عن حفتر، لافتاً إلى أن التحرك الأميركي يتسارع ويتصاعد عندما تُثار مسألة المرتزقة الروس في الأزمة الليبية.

وفي وقت يرى فيه مراقبون أن تصريحات ستولتنبرغ قد تكون تماهياً مع مواقف واشنطن غير الفاعلة التي لا ترى في وجود "فاغنر" في ليبيا أكثر من مصدر "قلق"، يؤكد وزير التخطيط الأسبق في الحكومة الليبية المؤقتة، عيسى التويجر، لـ"العربي الجديد"، أن استراتيجية روسيا في ليبيا تهدف إلى ضمان استمرار مكانها، سواء من خلال دعم حفتر أو من خلال تقاربها مع رموز النظام السابق، لا سيما مع ميلها الشديد لإبراز سيف الإسلام نجل القذافي للمشهد السياسي مجدداً.

ويؤكد أن روسيا التي تدعم حفتر بشكل غير مباشر من خلال شركة مرتزقة تنظر إليه على أنه "حليف مرحلي مؤقت سيساعدها في إعادة وجوه النظام السابق للواجهة، وقد نجحت في خلق تحالف بين حفتر وقيادات من النظام السابق على هذا الصعيد".

لكن الحداد يرجح أن تكون واشنطن قد منحت حلف "الناتو" مهمة الإشراف على الملف الليبي، متسائلاً "وإلا ما أسباب هذه العودة وبكثافة وبشكل مفاجئ، في وقت تسعى فيه أوروبا لإفشال التقارب التركي مع حكومة الوفاق من خلال عملية بحرية".

وتابع "تصريحات ستولتنبرغ عن استعداد الناتو لتدريب قوات حكومة الوفاق، رسالة غير مباشرة موجهة لمن يقف وراء عملية "ايريني" التي تسعى لحصار حكومة الوفاق ومنع الأسلحة عنها، في الوقت الذي تغضّ الطرف فيه عن منافذ البلاد البرية والجوية التي تستقبل الدعم العسكري بمختلف أشكاله لحفتر".​