الضفة الغربية تنتصر لجنين المحاصرة

الضفة الغربية تنتصر لجنين المحاصرة

19 ابريل 2022
فرض الاحتلال الإسرائيلي رزمة عقوبات على جنين (عصام الريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

أطلق ناشطون فلسطينيون حملة شعبية لمواجهة قرار الاحتلال الإسرائيلي فرض عقوبات اقتصادية على مدينة جنين، بعد موجة العمليات الفدائية التي نفذها أبناؤها في الداخل الفلسطيني المحتل، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الإسرائيليين.
وتحث الحملة أبناء الضفة الغربية المحتلة على زيارة جنين ودعم تجارها ومطاعمها عبر تناول وجبات الإفطار فيها والتسوق استعداداً لعيد الفطر أوائل الشهر المقبل، وذلك للرد على قرار وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس فرض رزمة عقوبات تشمل منع دخول وخروج الفلسطينيين منها والتوجه إليها، وكذلك التجار وحتى حملة التصاريح.
ويقول الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد إن "سلطات الاحتلال منعت أبناء محافظة جنين من العمل في الداخل المحتل، ووزعت منشورات على المعابر تحذر من التعامل مع أي عامل من المدينة". ويوضح أن قيمة خسائر عمال المحافظة من القرار لا تقل عن 120 مليون شيكل (37.19 مليون دولار) شهرياً، مشيراً إلى  أن عمالاً اشتروا أخيراً تصاريح من "سماسرة" بقيمة 2000 و3000 شيكل (619 و929 دولاراً)، لكنهم منعوا من العمل في إسرائيل.
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي شادي حمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جنين تعتمد مثل مدن فلسطينية أخرى قريبة من أراضي عام 1948 على فلسطينيي الداخل الذين يقصدونها بسيارتهم ويشترون من أسواقها ويتناولون طعام إفطار رمضان في مطاعمها. ويمضي بعضهم الليل في المقاهي ويعودون إلى بيوتهم قبل الفجر نظراً إلى قرب المسافة، ما يحرّك عجلة اقتصادها". يتابع: "يدرك الاحتلال هذا الواقع ومدى تأثيره على حركة الشراء، لذا أصدر قراراته العقابية في إطار محاولاته الدائمة الاستفراد بمنطقة دون أخرى، وهو ما يفعله منذ سنوات في قطاع غزة لخلق حالة من التذمر لدى الشارع، خصوصاً قطاع التجار والباعة، لكن التجارب السابقة أثبتت فشل هذه السياسات، وأكبر دليل رد الفعل الشعبي الذي دعم جنين من خلال إعلان حملة لكسر الحصار، ودعوة أهالي الضفة إلى زيارة المدينة ومخيمها".

ويذكر رئيس نقابة العاملين في بلدية نابلس، ضرار طوقان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ البلدية ستسيّر بالتنسيق مع مؤسسات المدينة حافلات للتسوق في جنين من أجل تعويضها عن الخسائر الناجمة من قرارات الاحتلال. ويقول: "بالطبع هذا أقل من القليل، فما تقدمه جنين لا يُقدر بثمن، وواجبنا في نابلس وباقي المدن أن نقف إلى جانب أهلها". ويشير إلى أنّ الحملة ستستمر طوال الشهر الفضيل، وستتكثف في الأيام التي تسبق عيد فطر كي يشتري المواطنون حلويات وملابس من جنين.
كما أعلنت بلدية سلفيت عن تسيير حافلات على نفقتها كل خميس إلى جنين. ويقول رئيسها عبد الكريم زبيدي لـ"العربي الجديد": "لن تكون جنين يوماً محاصرة أو منبوذة، وستبقى نبراساً يضيء سماء فلسطين. سنواجه إجراءات الاحتلال وسنكسر قراراته. وأدعو باقي بلديات الضفة إلى نصرة جنين، وأنا أكيد أنها لن تقصّر". يضيف: "لو تحركت حافلة واحدة تضم كباراً وصغاراً ونساءً ورجالاً من كلّ مدينة وبلدة وقرية لغصت شوارع جنين بالزوار، وأيقن الاحتلال أنّ قراراته حبر على ورق".

يحاول الاحتلال الإسرائيلي خلق حالة من التذمر لدى الشارع (عباس موماني/ فرانس برس)
يحاول الاحتلال الإسرائيلي خلق حالة من التذمر لدى الشارع (عباس المومني/ فرانس برس)

وستنسق بلديتا نابلس وجنين مع باقي المؤسسات، مثل الغرفة التجارية وملتقى رجال الأعمال والجمعيات النسوية ومؤسسات المجتمع المدني لحشد أكبر عدد ممكن من المواطنين، وإنجاح مبادرة كسر الحصار الاقتصادي على جنين. وعلى منصات التواصل، دعا مغردون سكان محافظات رام الله والبيرة ونابلس والخليل وطولكرم وقلقيلية وأريحا وسلفيت إلى تخصيص يوم الخميس للشراء من محلات جنين وأسواقها وشركاتها وتجارها، وللإفطار في أحياء مخيماتها". وكتبت الصحافية فيحاء خنفر على صفحتها على "فيسبوك": "يمكن يا كرام أن تكون وجهتكم جنين في الأيام المقبلة. زوروها، وتجولوا وتسوّقوا فيها. ستُسقط وقفتنا إغلاق معبر الجلمة ومحاربة الاحتلال أرزاق أهل جنين". وعززت منشورها بوسم "فلسطين تنتصر لجنين".
أما مراسل قناة "رؤيا" الأردنية حافظ أبو صبرة فقال: "ليس خطأ أن يأخذ شخص عائلته للتسحر أو تناول شاورما الحبش في جنين التي لا مثيل لها في أي مكان آخر في الضفة الغربية". تابع في إطار حثه الناس على زيارة جنين: "اجلبوا حلوى الهريسة الأصلية من جنين. تسوّقوا وادعموا أهلها وقولوا لغانتس إنّ الورقة التي كتب عليها قراراته وإجراءاته العقابية لا قيمة لها". وختم منشوره بوسم "كلنا مع جنين".

بدوره، يؤكد الناشط عصام كببجي من مدينة نابلس أنّ "العقاب الجماعي الذي ينتهجه الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، سواء بإغلاق المدن أو هدم المنازل أو دفع الغرامات الجماعية كما يحصل اليوم في جنين وغيرها، ليس إلا امتداداً لممارسات الاحتلال البريطاني، ويستند في كثير منه إلى قوانين وأوامر صدرت خلال الحقبة البريطانية التي كانت تمارس فيها كلّ أنواع الجرائم ضد الإنسانية".
أما تاجر الملابس مؤيد أبو غزالة فيطالب السلطة الفلسطينية بدعم التجار وأصحاب المحلات الصغيرة والكبيرة في جنين، وعدم تركها تواجه الأعداء لوحدها: "يجب أن تدعم كلّ الضفة جنين عبر الذهاب إليها والشراء منها".
ويطالب المهندس نضال صبوح السلطة الفلسطينية بأن تعيد النظر في كلّ الضرائب "على أهلنا" في جنين، "فهذا واجب وطني وأقل ما يمكن فعله لمواجهة العقوبات عليها، وتعزيز صمود أهلها في مخيم جنين عبر إعفائهم من فاتورة الكهرباء والماء".