جوع في منبع نفط دير الزور

جوع في منبع نفط دير الزور

01 ابريل 2022
واقع خدماتي سيئ في دير الزور (جورج أورفاليون/ فرانس برس)
+ الخط -

يظهر جلياً تردّي الخدمات في مناطق ريف دير الزور الشرقي التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، بتأثير تدمير البنى التحتية نتيجة القصف الذي استمر سنوات. وينظم الأهالي وقفات احتجاج أحياناً للمطالبة بتحسين الواقع الخدماتي والمعيشي خاصة على صعيد المحروقات والتعليم، والتنديد بالفساد الإداري.
يوضح الصحافي المتحدر من دير الزور أحمد علي، لـ"العربي الجديد"، أنَّ أزمة الخبز في المنطقة "نتجت من إطلاق المسؤولين يد أصحاب الأفران الذين يصرفون أكياس الطحين لحسابهم الشخصي، وينتجون كميات قليلة من الخبز، وكذلك من الفساد في تطبيق تدابير المحاسبة"، ويكشف أن "80 طناً من الطحين تخصص للكانتون الشرقي يومياً، لكن يجري تسليم نصفها فقط، ويباع النصف الآخر في السوق السوداء. أما كميات الخبز فمحددة بقيمة 500 ليرة سورية (0.14 دولار) لكلّ شخص في الفرن الاحتياطي، بينما يبلغ الحدّ الأقصى في الأفران العادية 12 رغيفاً بقيمة ألف ليرة (0.28 دولار)، ويعتبر الخبز رديئاً بسبب فساد المراقبين الذين يتشاركون مع أصحاب الأفران كميات الطحين التي يأخذونها من الجهات المختصة".
ويخبر أمجد الساري، الذي يسكن في المنطقة، "العربي الجديد"، بأن "وضع الأفران في ريف دير الزور سيئ جداً، إذ يهرّب الطحين إلى مناطق سيطرة النظام السوري بأساليب مختلفة عن طريق أشخاص تابعين لـ(قسد)، ويضطر الأهالي عند انقطاع الخبز إلى صنعه في المنازل".
ويؤكد ناشطون في المنطقة أنَّ غالبية عمليات التهريب تحصل عبر قيادات من "قسد" إلى مناطق سيطرة النظام السوري. ورغم أنَّ دير الزور الشرقي منبع النفط في سورية، لكنه يُباع بأسعار أغلى من باقي المناطق مثل الحسكة والرقة. ويوضح الساري أنَّ سعر ليتر المازوت في السوق السوداء خارج منطقة دير الزور يبلغ 800 ليرة سورية (0.22 دولار)، في مقابل 1100 ليرة (0.31 دولار) داخلها، أما سعر ليتر المازوت المدعوم من حكومة الإدارة الذاتية التابعة لـ"قسد" فمحدد بـ85 ليرة (0.2 دولار)، لكنّه غير متوفر، وإذا حصل ذلك يكون سعره 410 ليرات (0.11 دولار)، علماً أن الكمية التي توزع لمناطق دير الزور قليلة مقارنة بمناطق الحسكة والرقة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول الساري أيضاً إنَّه "يصعب الحصول على المياه التي تعدّ من أبسط مقومات الحياة، إذ يبلغ سعر خمسة براميل مياه 5000 ليرة (1.42 دولار)، علماً أنها قد لا تتوفر دائماً. أما سعر برميل مياه الشرب فيبلغ 4000 ليرة (1.14 دولار).
كذلك يعد الواقع الصحي متردياً، وتنعدم الخدمات في بعض المناطق أو ربما تقتصر على الإسعاف وإجراء عمليات جراحية بسيطة، ما يضطر الأهالي إلى الذهاب لمحافظة الحسكة لتلقي العلاج، علماً أن أسعار الأدوية مرتفعة جداً ايضاً".
يتابع: "ليس وضع التعليم أفضل، إذ لم تخضع مدارس مدمّرة لإعادة التأهيل، باستثناء تلك التي أشرفت عليها المنظمات الإنسانية، والتي لا تكفي لاستيعاب كل الطلاب، من هنا اضطرت عائلات في قرية السوسة إلى استئجار منزل حوّلته إلى مدرسة. وفي منتصف مارس/ آذار الماضي نفذ معلمون إضراباً في مدينة ذيبان قبل أن يمتد إلى كلّ مناطق دير الزور للاحتجاج على عدم استجابة قسد لمطالبهم وإهمالها ملف التعليم، وتهديدها باعتقال أي شخص ينتقدها".

يصنع الأهالي الخبز في المنازل حين ينقطع (دليل سليمان/ فرانس برس)
يصنع الأهالي الخبز في المنازل حين ينقطع (دليل سليمان/ فرانس برس)

ولا تدعم إدارات "قسد" المزارعين بالبذور والسماد، في حين يعتمد هؤلاء على الآبار في الري، ما يزيد الأعباء عليهم، علماً أن سعر كيلوغرام القمح الصالح للزراعة وصل إلى نحو 2000 ليرة (0.57 دولار)، وهذا رقم مرتفع جداً. وتتفادى "قسد" دعم مربي المواشي لأنَّها تريد شراءها منهم بسعر رخيص، تمهيداً لبيعها إلى مليشيات إيرانية تهرّبها بدورها إلى العراق وكردستان، أما أسعار العلف والتبن فمرهقة للمربين بعدما وصل سعر الكيلوغرام إلى 1800 ليرة (0.51 دولار)، بحسب ما يشرح الساري.

ويحدد الصحافي فراس علاوي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أسباب تردّي الخدمات بتدمير البنى التحتية بالكامل، مثل أبراج الكهرباء ومحطات الوقود وخطوط النقل والمياه والمدارس والمؤسسات الحكومية والمستشفيات وغيرها، وهجرة الكفاءات والكوادر إلى دول الجوار أو مناطق الشمال السوري، خاصة أولئك الذين لا يرغبون في البقاء في مناطق "قسد" بسبب الخوف من الاعتقال أو أداء الخدمة الإلزامية. و"لا ننسى التأثير السلبي للفساد الإداري الذي لا يسمح بتطوير العملية الإدارية، وغالبية الاحتجاجات الشعبية تطالب حالياً بتحسين ظروف المعيشة عبر تخصيص حصص من النفط الذي يستخرج من المنطقة ويباع للنظام".

المساهمون