صعوبات جمة تواجه تعليم أبناء اللاجئين الأفغان العائدين

صعوبات جمة تواجه تعليم أبناء اللاجئين الأفغان العائدين

03 مارس 2024
أفغان عائدون من باكستان (وكيل كوهسار/فرانس برس)
+ الخط -

من بين المشكلات الكبيرة التي يواجهها الأفغان العائدون من ديار الغربة، خصوصاً من باكستان وايران ومخيمات النزوح الداخلية إلى مناطقهم، عدم وجود مدارس كافية لاستيعاب الأطفال، عدا عن الصعوبات الخاصة بالتسجيل في المدارس، رغم وعود حكومة طالبان بتوفير التعليم لأطفال جميع العائدين من الخارج، وإتاحة تسجيلهم بالمدارس الموجودة في مناطقهم.
على أرض الواقع، وفرت حكومة طالبان للكثير من أطفال الأفغان العائدين إلى مناطقهم فرصة التعليم، خصوصاً تلك التي تضم مدارس، لكن ثمة مناطق ليس فيها مدارس، ومن الصعب أن يرسل الآباء أولادهم إلى مناطق أخرى للتعلم، وما من مساعٍ حالياً لإنشاء مدارس في تلك المناطق.
يقول الأفغاني شير بهادر، وهو عائد من باكستان إلى ولاية زابل الجنوبية، لـ "العربي الجديد"، إن "العائدين من باكستان يواجهون مشكلات عدة. بداية، حصل معظم العائدين على حلول إيواء، إما في قراهم وإما مع أقاربهم، وبعضهم استأجروا منازل، بينما ذهب بعضهم إلى مراكز الإيواء والمخيمات، لكنهم يواجهون الآن مشكلات في الحصول على عمل، والحصول على الاحتياجات الأساسية، كما أننا قلقون حيال تعليم الأطفال". ويذكر بهادر أن "الأطفال كانوا يدرسون في باكستان، ولو بشكل غير مستقر بسبب الفقر، وكان أولادي يساعدونني خلال عملي في بقالة صغيرة بمدينة راولبندي، ويواصلون الدراسة في الوقت نفسه، وكنت أعمل ليل نهار لتأمين متطلبات تعليمهم". يتابع: "بعد عودتنا إلى أفغانستان، وجدنا مساعدة كبيرة من الأقارب والأصدقاء ومن العشيرة، وأيضاً من حكومة طالبان، لكن البدء من الصفر ليس بالأمر السهل، فقد واجهنا صعوبات كثيرة، والمشكلة الأكبر التي نواجهها حالياً هي تعليم الأطفال. لا يذهب أبنائي الأربعة إلى المدارس لعدم وجود مدرسة في القرية التي نسكن فيها، والتوجه إلى قرية أخرى أمر صعب للغاية، ونطالب حكومة طالبان بالعمل على حل هذه المعضلة الأساسية".
بدوره، يقول عبد السبحان إنه عاد من باكستان قبل ثلاثة أشهر، وعاش لمدة أربعة أسابيع في مخيم "عمري" للعائدين من باكستان قرب منفذ طورخم الحدودي، وكانت المساعدات تصل إليهم خلال تلك الفترة، لكنه قرر ترك المخيم، والانتقال إلى مسقط رأسه في مديرية إمام صاحب بولاية قندوز شمالي البلاد بسبب برودة الطقس. يضيف: "المدارس موجودة في المديرية، وهي تقبل أن يدرس أولادي الثمانية فيها، لكن المشكلة الأساسية أن الأبناء لم يدرسوا أبداً في باكستان، ومن ثم يصعب عليهم البدء، ومن الصعب أن تقبل المدارس طلاباً في أعمار متقدمة". 
منذ حوالي أسبوعين، يتجول الرجل بين الدوائر الحكومية لإيجاد حل لأبنائه، أملاً أن تقبلهم المدارس ويبدؤوا الدراسة. يقول لـ"العربي الجديد": "المشكلة أن أكبر أبنائي في الثامنة عشرة من عمره، والمفروض أن يكون حالياً في الثانوية العامة، لكنه لم يدرس أبداً. أبنائي الصغار سنجد لهم حلّاً، لكن الإجراءات تتطلب بعض الوقت، وفي الوقت الحالي، وعلى الرغم من تركيزي على تأمين التعليم لأولادي، أشعر بالقلق بشأن إيجاد عمل. كنت أعمل نجاراً، وأستطيع صنع الأبواب والنوافذ، وقد علّمت هذه المهنة بعض أبنائي، وهم يساعدونني حالياً، لكنني أريدهم أن يدرسوا، وأن يكون من بينهم طبيب أو مهندس أو معلم".

إلى ذلك، تقول حكومة طالبان إنها تسعى جاهدة كي توفر كل ما يلزم للعائدين من باكستان إلى قراهم من ملاجئ النزوح الداخلية، وعلى رأس ذلك تعليم الأطفال. ويقول رئيس إدارة اللاجئين والمهاجرين المحلية في ولاية غزنة، مولوي محمد عمر، لـ "العربي الجديد": "حكومة طالبان مصممة على عمل كل ما بوسعها من أجل مساعدة العائدين وتعليم الأطفال. نفعل كل شيء من أجل هؤلاء، لكن الأمر يحتاج إلى وقت كي تتاح الفرصة لجميع الأطفال لمواصلة الدراسة بعد العودة إلى أفغانستان، إلا أن السياسة المتبعة هي إعطاء الأولوية لهم وتسجيلهم في المدارس الموجودة في القرى والمدن التي يعيشون فيها".
وتقول الناشطة الاجتماعية صفية وزيري لـ "العربي الجديد": "لا شك أن الأمر يحتاج إلى وقت، لكن لا بد أن يعرف الجميع أن هذه القضية أساسية، ولا بد من إعطائها الأولوية. كذلك، فإن موضوع تعليم البنات عموماً، ولا سيما العائدين من باكستان وإيران مهم للغاية. هؤلاء كانوا يدرسون قبل العودة إلى أفغانستان، ولا سيما الفتيات اللواتي يدرسن في الصف السادس وما فوقه، هؤلاء سيكنّ محرومات من التعليم كما هو حال الجميع، وعلى حكومة طالبان أن تعيد النظر في هذه القضية".

المساهمون