عنف وأسلحة بيضاء ومخدرات في مدارس تونس

عنف وأسلحة بيضاء ومخدرات في مدارس تونس

19 مارس 2024
حالات عنف وشجارات يومية بين التلاميذ في تونس (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في حادثة بالعاصمة تونس، تعرض تلميذ لاعتداء بمقص داخل الفصل، مما أسفر عن إصابات خطيرة وتدخل جراحي، وأثارت الحادثة جدلاً واسعاً وتوقيف المدير والمعلم.
- تزايدت حوادث العنف المدرسي في تونس، مع تسجيل اعتداءات بالسكاكين في صفاقس وسيدي بوزيد والعاصمة، مما دفع للتنديد بانعدام الرقابة والتساؤل عن أسباب تفاقم العنف.
- استجابة للعنف المدرسي، أطلقت وزارة الداخلية حملات أمنية ووزارة التربية حملات توعية للحد من العنف ومخاطر المخدرات، في مسعى لتحسين البيئة التعليمية.

قبل أيام اعتدى تلميذ في مدرسة بالعاصمة تونس على زميله داخل الفصل باستخدام مقص أصاب منطقة العين، وأوضحت والدة التلميذ المصاب أنّ مدير المدرسة لم يخبرها بحقيقة ما حدث، بل بأنّ زميله اعتدى عليه بقلم. وفيما ذكرت الأم أن الابن خضع لتدخل جراحي عاجل لم يستطع منع تعرض شبكة العين لضرر كبير، أثار الحادث جدلاً كبيراً أدى إلى توقيف مدير المدرسة والمعلم عن العمل، وفتح تحقيق في الواقعة التي سلّطت الضوء مجدداً على تفاقم ظاهرة العنف في المدارس خلال السنوات الأخيرة. 
وفي حوادث خطرة أخرى داخل المدارس وفي محيطها، تعرّض تلميذ لاعتداء بسكين أمام مدرسة بمحافظة صفاقس، فيما اعتدى تلميذ على أستاذ في محافظة سيدي بوزيد، ما أوقف الدروس لفترة. أيضاً طُعنت تلميذة بسكين في معهد سيدي حسين بالعاصمة تونس، وأصيبت في يدها.
ويندد متخصصون ومعنيون بالشأن التربوي بارتفاع ظاهرة العنف المدرسي خلال السنوات الأخيرة، واستخدام أساليب عنف متطورة وأسلحة بيضاء، ويتساءلون عن أسباب انعدام الرقابة التي تسمح بدخول تلاميذ مدارس وصفوف حاملين مواد خطرة. 
ويؤكد قسم الدراسات والتخطيط ونظم المعلومات في وزارة التربية أن ظاهرة العنف في المدارس أصبحت خطرة جداً، ويشير إلى أنّ وزارة التربية تسجل سنوياً بين 13 و21 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية، خاصة في المدارس الإعدادية والمعاهد.

يندد معنيون بالشأن التربوي بارتفاع ظاهرة العنف المدرسي خلال السنوات الأخيرة

ويؤكد تربويون أن سلوك التلاميذ تغيّر وزادت ميولهم إلى العنف. ويتحدث المدرس والناشط المدني عبد الحميد شافعي لـ"العربي الجديد" عن أنّ "المدارس تشهد حالات عنف وشجارات يومية بين التلاميذ، وأولياء الأمور لا يتجاوبون مع غالبية الشكاوى التي يقدمها الإطار التربوي، ويحمّلون الأساتذة مسؤوليات السلوك السيئ للتلاميذ". 
يتابع: "لا يدرك معظم أولياء الأمور أنّ العائلة هي النواة الأولى لترشيد وتربية التلميذ، ونحن نستدعي أحياناً ولي تلميذ إذا لاحظنا أن سلوك هذا التلميذ غريب وعدواني خلال حصص الدراسة أو في الساحة، وأنه يتشاجر مع زملائه، ثم نلاحظ أن ولي الأمر نفسه لا يعي معنى أنّ ابنه يمارس سلوكاً عنيفاً وغير ملتزم داخل المدرسة، ويحمّل الإطار التربوي مسؤولية سلوك ابنه، ويتهمه بعدم القدرة على السيطرة على سلوك أي تلميذ وتعليمه الانضباط". 
ويشير حسان بن علي، الأستاذ والناشط في شؤون التربية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "ظاهرة العنف تفاقمت فعلاً بشكل خطير داخل المدارس والمعاهد ومحيطها، وأن معاهد عدة تشهد أنشطة لدخلاء عاطلين عن العمل ومروجي مخدرات".

الصورة
تتفاقم ظاهرة العنف داخل المدارس والمعاهد ومحيطها (العربي الجديد)
تتفاقم ظاهرة العنف داخل المدارس والمعاهد ومحيطها (العربي الجديد)

يتابع: "اعتقلت وزارة الداخلية خلال حملاتها الأمنية عدداً كبيراً من المنحرفين ومروجي المخدرات أمام المعاهد. ونحن كمربين وأساتذة نطالب دائماً بعقد جلسات بين المعلمين والأساتذة وعائلات التلاميذ قبل انطلاق السنة الدراسية لبحث ومناقشة ظاهرة العنف، والحديث عن دور العائلة الذي لا تعوضه المدرسة أو المربي". 
وبسبب تفاقم ظاهرة العنف أطلقت وزارة الداخلية في بداية العام الدراسي الحالي حملات أمنية في محيط المدارس والمعاهد للحدّ من ظاهرة العنف، خصوصاً بعد تسجيل حالات عدة لاعتداء غرباء عن المدراس والمعاهد على تلاميذ. 
وأسفرت الحملة التي امتدت ثلاثة أسابيع وشملت كل محافظات البلاد، عن اعتقال 2153 شخصاً ملاحقين بتهم التورّط بقضايا للحق العام، وتحرير 115 محضراً عدلياً، كما جرى تسجيل 19 قضية لاستهلاك وترويج مخدرات، وتوقيف 26 متورطاً بقضايا مخدرات في محيط المؤسسات التربوية.
وأكدت وزارتا الداخلية والتربية ضرورة تنبيه الأبناء إلى عدم الاختلاط بغرباء عن الوسط المدرسي، واستهلاك مواد قد تكون مخدرة. 
وسعت وزارة التربية إلى تنظيم حملات توعية داخل المدارس والمعاهد بالتعاون مع وزارة الداخلية، ونظمت 53 حملة للتوعية في عدد من المؤسسات التربوية بكل محافظات البلاد في مجالات الوقاية والإسعافات الأولية والتثقيف في مجال السلامة المرورية، وأيضاً للتصدّي للعنف في المدارس ومخاطر استهلاك المخدرات.
وفي عام 2021، كشف مسح وطني حول استهلاك المخدرات والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر عن أرقام صادمة بشأن استهلاك التلاميذ مختلف أصناف المخدرات، إذ كان تلميذ واحد من بين كلّ 10 تلاميذ يتعاطى المخدرات.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وبيّن المسح، الذي شمل عيّنة تتألف من 6230 تلميذاً وتلميذة، ارتفاع استهلاك المخدرات في صفوف التلاميذ الذين لم تتجاوز أعمارهم 13 عاماً، وقد رأى 12 في المائة من الأشخاص المستجوَبين أنّ التزوّد بأقراص المهدّئات والمنوّمات سهل وهو أمر ممكن من دون وصفة طبية. وأشار المسح نفسه إلى أنّ نسبة استهلاك الهيروين قُدّرت بـ0.4 في المائة في أوساط التلاميذ، إلى جانب تعاطي نسبة أخرى محدودة مواد مخدّرة أخرى مثل الكوكايين وأقراص "إكستاسي".
ويطالب بعض المقيمين على المنظومة التربوية بضرورة تعزيز الإطار التربوي بمتخصصين نفسيين يدرسون ظاهرة العنف وأسبابها داخل المعاهد والمدارس، على الأقل في المناطق التي ترتفع فيها الظاهرة، ويسجل فيها عدد كبير من حوادث العنف، مع دراسة الفئات العمرية الأكثر تسبباً في هذه الحوادث. 

المساهمون