نزوح نحو نصف مليون عراقي بسبب الجفاف

نزوح نحو نصف مليون عراقي بسبب الجفاف

20 نوفمبر 2022
الجفاف يتفاقم في العراق (أرشد محمد/الأناضول)
+ الخط -

يواجه العراق انخفاضاً كبيراً في مستوى مياه نهري دجلة والفرات، ما تعزوه السلطات إلى سدود تبنيها إيران وتركيا، فضلاً عن شح الأمطار، كما تسبب ارتفاع درجات الحرارة في تزايد نقص المياه عاماً بعد آخر، ما يجعل العراق من بين أكثر خمس دول في العالم عرضة لتأثيرات التغير المناخي، وفقاً للأمم المتحدة.
وتؤكد مصادر من جنوب العراق أن عدد النازحين إلى مراكز المدن بلغ نحو نصف مليون شخص منذ مطلع عام 2020، وفي منتصف يوليو/ تموز الماضي، حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" من أن الواقع الزراعي في العراق يدعو إلى قلق كبير، مشيرة إلى أن البلد أحد أكثر المناطق تضرراً من تغير المناخ ونقص المياه، وأنه يحتاج إلى مساعدات غذائية.
وأوردت تقارير لوسائل إعلام محلية أن محافظة البصرة، التي يقطنها ما يقارب مليوني عراقي، استقبلت، خلال الأشهر القليلة الماضية، ما يزيد عن 350 ألف نازح ضمن موجة نزوح جماعي، بعد فقدانهم القدرة على العمل في أراضيهم الزراعية، وأن هذه الأعداد الهائلة التي دخلت المحافظة اضطرت إلى العيش في مناطق عشوائية بلا خدمات.
وقالت ثلاثة مصادر محلية من البصرة، لـ"العربي الجديد"، إنها باتت من أكثر المحافظات التي تشهد جفافاً، وتحديداً المناطق الشمالية والشمالية الغربية منها، ما دفع عشرات الآلاف من المزارعين إلى ترك البلدات والقرى والبساتين باتجاه مركز المدينة، وهم حالياً من دون مصادر رزق، وهناك من لجأ إلى طلب مساعدات من العائلات الميسورة، أو البقاء في الشوارع.
وأضافت المصادر أن "البصرة استقبلت آلاف الأسر من محافظات ميسان والمثنى وذي قار، وهناك من باع بساتينه بأسعار زهيدة لشراء منازل في المدن، أو بناء بيوت في المناطق العشوائية، ويعني ذلك أن أزمة كبيرة تحصل في البصرة، تشمل تغييراً في ديمغرافية محافظات جنوب العراق، بينما السلطات في بغداد لم تتخذ أي إجراءات لرعاية النازحين، أو مساعدتهم على البقاء في مناطقهم الأصلية".
ويؤكد حسين الجبوري، وهو عضو في منظمة "حماة دجلة" المتخصصة في البيئة والمياه، أن "نحو نصف مليون من مزارعي محافظات الجنوب وأسرهم تركوا مناطقهم باتجاه مراكز المدن بحثاً عن فرص حياة أفضل بعد شح مصادر المياه، وبالتالي مصادر الرزق، وليس هناك اهتمام حكومي بهذا الشأن"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "ملف المياه لم يعد يقتصر على الشح الذي يجرى الحديث عنه في الأوساط السياسية، بل هو جفاف حقيقي".

الصورة
لا يمكن حصر مخاطر الجفاف (أسعد نيازي/فرانس برس)

وأكمل الجبوري: "مناطق جنوب العراق باتت تعاني كثيراً من تأثيرات التغير المناخي، والتعدي الإيراني على ملف المياه الذي يشمل القطع المتعمد للأنهار التي تصب في العراق، والحديث عن تدويل ملف المياه وتقديم شكوى ضد إيران، التي تتجاوز على اتفاقيات البلدان المتشاطئة، تراجع بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني".

بدوره، يقول عضو البرلمان العراقي، هادي السلامي، إن "أزمات التغير المناخي واضحة بالنسبة لنا، لكن هناك أسباباً أدت إلى استفحالها، ومنها السياسات المائية المجحفة من قبل دول الجوار، التي سعت إلى تعطيش العراق عبر تشييد السدود على منابع وروافد نهري دجلة والفرات".

ويوضح السلامي، لـ"العربي الجديد"، أن "النزوح الحالي في مدن جنوب العراق تتحمل مسؤوليته الحكومة الحالية، وعليها توفير المساعدات لعشرات الآلاف من العائلات، وتعويضها من الفائض المالي لديها، وفتح جميع المسارات الدبلوماسية للحوار مع إيران وتركيا بخصوص الحصول على الحصص المائية".

وقبل أسبوع، حذر منسق الشؤون الإنسانية الأممي في العراق، غلام إسحاق زي، من موجات الجفاف الطويلة التي تضرب البلاد، وتتسبب في تدهور الأراضي، مشيراً إلى أن "سبب المشكلات هو الظواهر الجوية المتطرفة، والتغيرات في أنماط المناخ، مثل موجات الحر، والأمطار الغزيرة، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تقلب هطول الأمطار، وعدم إمكانية التنبؤ به، والعواصف الرملية والترابية، وموجات الجفاف الطويلة، وتدهور الأراضي، والفيضانات، وندرة المياه، كما انخفضت تدفقات المياه من نهري الفرات ودجلة، التي توفر ما يصل إلى 98 في المائة من المياه السطحية، بنسبة 30 إلى 40 في المائة".

وأكد إسحاق زي أن "تغير المناخ لا يؤثر على القطاع الزراعي فحسب، بل يمثل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان الأساسية، ويضع عوائق أمام التنمية المستدامة، ويفاقم التحديات البيئية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد".
وفي وقت سابق، كشفت وزارة الموارد المائية عن "خطر كبير يطوق رقاب العراقيين" بسبب النقص في المياه الواردة من دول المنبع شمالاً وشرقاً، وأعلنت "وصول معدل الخزين المائي في البلاد إلى 12 في المائة من معدل الخزين العام، بسبب قطع المياه من تركيا وإيران بشكل متعمد"، وأن إجراءاتها ركزت على محورين رئيسين، الأول تخفيف آثار الشح المائي على المواطنين، وضمان وصول الحصص المائية لكل المستفيدين.

المساهمون