هيومن رايتس ووتش: قمع السوريين في لبنان إلى تصاعد

هيومن رايتس ووتش: قمع السوريين في لبنان إلى تصاعد

25 ابريل 2024
مخيم للاجئين السوريين في البقاع شرقي لبنان، 13 يونيو 2023 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تقرير "هيومن رايتس ووتش" يكشف عن تصاعد قمع السوريين في لبنان، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، التعذيب، والإعادة القسرية إلى سوريا، مما يعكس بيئة عدائية متزايدة.
- الاعتقالات والترحيل يشكلان انتهاكات جسيمة لحقوق السوريين، مع تقارير عن ترحيل آلاف السوريين وتقييد قدرتهم على إيجاد مأوى، خاصة في جنوب لبنان.
- "هيومن رايتس ووتش" تدعو الحكومات المانحة للضغط من أجل إنهاء الترحيل غير القانوني والانتهاكات ضد السوريين، مع التأكيد على ضرورة وضع آليات لتقييم تأثير التمويل على حقوق الإنسان.

أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها أصدرته اليوم الخميس، بأنّ قمع السوريين في لبنان إلى تصاعد، موضحة أنّ السلطات اللبنانية احتجزت "سوريين تعسفاً وعذّبتهم وأعادتهم قسراً إلى سورية، من بينهم ناشطون في المعارضة ومنشقّون عن الجيش (السوري التابع للنظام)"، في الأشهر الأخيرة.

ووثّقت "هيومن رايتس ووتش"، في الفترة الممتدة ما بين يناير/كانون الثاني 2024 ومارس/آذار منه، "إقدام الجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن العام، وهو جهاز الأمن اللبناني المشرف على دخول الأجانب وإقامتهم"، على إعادة منشقّ عن الجيش السوري وناشط معارض قسراً. أضافت: "في قضيّة منفصلة، احتجزت مخابرات الجيش اللبناني لفترة وجيزة وعذّبت رجلاً سورياً"، زُعم أنّه شارك في تظاهرة تضامنية مع النساء الفلسطينيات في قطاع غزة. وبيّنت المنظمة الحقوقية أنّ لاجئين سوريين آخرين يكافحون من أجل "البقاء في لبنان، رغم أوامر الترحيل والبيئة العدائية المتزايدة (تجاههم) التي تفاقمت من جرّاء إقدام المسؤولين على اتّخاذ اللاجئين كبش فداء".

في هذا الإطار، قال رمزي قيس، الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "هيومن رايتس ووتش" والمحقّق في الانتهاكات الحقوقية في لبنان، إنّ المسؤولين اللبنانيين فرضوا "لسنوات ممارسات تمييزية ضدّ السوريين المقيمين في البلاد وسيلةً لإجبارهم على العودة إلى سورية"، مشدّداً على أنّ تلك العودة "ما زالت غير آمنة". وشرح أنّ "الاعتقال التعسفي والتعذيب والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا (إلى بلادهم) هي نقاط تُمعن في تلطيخ سجلّ لبنان في التعامل مع اللاجئين".

وفي مارس الماضي، أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أنّ "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على علمٍ بترحيل 13 ألفاً و772 فرداً من لبنان أو إرسالهم إلى الحدود السورية، في نحو 300 حادثة في عام 2023، بما في ذلك 600 في يوم واحد في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني". أضاف التقرير أنّ "السلطات المحلية في 27 بلدية (اتّخذت) إجراءات تحدّ من قدرة اللاجئين السوريين النازحين في جنوب لبنان على إيجاد مأوى بديل، في إشارة إلى تهجير عشرات الآلاف من جنوب لبنان". يُذكر أنّ هذا التهجير يأتي على خلفية الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الحدودية الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة، في سياق الاشتباكات المستمرّة منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، غداة اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر.

الصورة
مخيم لاجئين سوريين في عكار شمالي لبنان - 26 أكتوبر 2022 (إبراهيم شلهوب/ فرانس برس)
في مخيم للاجئين السوريين في عكار شمالي لبنان، 26 أكتوبر 2022 (إبراهيم شلهوب/ فرانس برس)

وقد ضاعف وزراء ومسؤولون سياسيون لبنانيون مطالباتهم بعودة السوريين في لبنان إلى بلادهم، بعد مقتل مسؤول محلي في حزب سياسي، في السابع من إبريل/نيسان الجاري، على يد مجموعة من السوريين، بحسب ما بيّنت تحقيقات الجيش اللبناني. وقد تسبّب ذلك في زيادة العنف ضدّ هؤلاء، بحسب "هيومن رايتس ووتش". في السياق نفسه، أفادت تقارير بتعرّض سوريين في لبنان للضرب، في إبريل الجاري، وقد طولبوا بالرحيل من مساكنهم في مناطق مختلفة. كذلك فرضت المحافظات والبلديات حظر تجوّل تمييزياً، الأمر الذي أدّى إلى تقييد حقوق السوريين في حرية التنقّل بطريقة غير قانونية.

من جهة ثانية، بيّنت المنظمة الحقوقية أنّ "ترحيل السوريين الناشطين في المعارضة والمنشقّين عن الجيش يشكّل انتهاكاً لالتزامات لبنان بصفته طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وبموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي الذي يعني عدم إعادة الأشخاص قسراً إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً يتمثّل في التعرّض للتعذيب أو غيره من أشكال الاضطهاد".

ورأت "هيومن رايتس ووتش" وجوب أن تعمد حكومات الدول التي تقدّم تمويلاً للجيش اللبناني والأمن العام إلى "الضغط عليهما لإنهاء عمليات الترحيل غير القانونية وانتهاكات حقوق السوريين الأخرى. كذلك ينبغي للحكومات المانحة وضع آلية علنية لتقييم تأثير تمويلها على حقوق الإنسان، والضغط على لبنان للسماح بآلية إبلاغ مستقلة لضمان عدم مساهمة التمويل في انتهاكات حقوقية أو إدامتها".

في سياق متصل، عُقد اجتماع وزاري وقضائي وأمني، أوّل من أمس الثلاثاء، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، وقد خُصّص لبحث ملفّ السجناء والمحكومين السوريين في البلاد. وقال وزير العدل اللبناني في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري إنّ من غير الممكن حلّ المشكلة إلاّ بالتواصل مع الدولة السورية، مضيفاً: "ونأمل أن نتوصّل إلى نتيجة لنخفّف من زحمة السجناء في داخل السجون اللبنانية، لأنّ الجميع يعرف أنّ ثمّة جرائم كبيرة جداً، لذلك علينا حلّ هذا الموضوع من خلال البحث في إمكانية تسليم السلطات السورية الموقوفين السوريين في لبنان، ونأمل أن ينتهي الموضوع إلى إيجابيات". ولفت خوري إلى أنّ بيانات وزارة الداخلية اللبنانية تفيد بوجود "نحو 2500 محكوم وسجين سوري" في لبنان.

المساهمون