مستثمر مصري ينقل طبق الكشري إلى غزة

مستثمر مصري ينقل طبق الكشري إلى غزة

31 مارس 2015
حسن أسامة يعد طبق الكشري في قطاع غزة(العربي الجديد)
+ الخط -
اختار أن يترك العمل كمترجم والتفرغ لصناعة "الكشري" المصرية الشهيرة. المصري أسامة حسن، ينقل تراث مصر عبر مأكولات لطالما شكلت علامات فارقة في حياة المواطنين. اليوم ومع حسن، ينتقل الطبق من مصر إلى قطاع غزة المحاصر. فهناك يمتهن حسن صناعة المأكولات وبخاصة المأكولات المصرية، وأبرزها طبق الكشري.


لا شك أن صناعة المأكولات ساهمت في الأونة الاخيرة في زيادة عامل الاستثمار لدى العديد من المواطنين. بحسب الخبراء، فإن الاستثمارات في المأكولات من أنجح الاستثمارات، التي تعود بفائدة عالية خلال السنوات الأولى من العمل.
 

ما قام به أسامة حسن، يعد من وجهة نظر الخبراء، استثماراً عالي المخاطر، فحسن ترك العمل كمترجم، وانتقل الى بيئة محفوفة بالمخاطر في قطاع غزة، ليبدأ مشروعه الاستثماري، ويعلن افتتاح مطعم مختص بطبق الكشري المصري.

قادته الأقدار ورغبة الزوجة في الرجوع للعيش في فلسطين، إلى الاستقرار في مكان قرب شارع الكنز بحي الرمال في قطاع غزة.

يقول أسامة حسن، وهو مصري الجنسية لـ"العربي الجديد"، اخترت مشروعاً غذائياً فريداً من نوعه في قطاع غزة، إذ لا وجود لهذا النوع من المأكولات في القطاع. فكرت جدياً قبل أن أتخذ قرار تأسيس محل لـ"الكشري" في وسط قطاع غزة، ووجدت أن الاستثمار في هذا المشروع سيكون له عوائد كبيرة."

اختار حسن اسم "النيل" لمطعمه تعبيراً منه على ارتباط الأكلة بالبلد الذي يخترق النهر أراضيه. وهو المحل الذي يوجد اليوم بعد عام من امتهانه للطبخ، في منطقة يعتبرها حسن جيدة وحيوية من حيث الحركة الشرائية. فبعد أقل من عام، استطاع حسن أن يصنع لنفسه مكاناً في قطاع غزة، يجذب المواطنين إلى هذه الأكلة الشعبية المصرية، لا بل يؤكد حسن أن الإقبال كان لافتاً، بخاصة في الأيام الأولى لافتتاح مطعمه، إذ جذب النوع الجديد من الطعام أهل القطاع.

استثمار ناجح
يقول حسن اخترت طعام الكشري، كطبق أساسي لتسويقه في قطاع غزة لأسباب عديدة، أبرزها، غياب هذا الطبق في القطاع، بالرغم من أن أهل غزة يعرفون تماماً هذا الطبق، إذ إن أغلب سكان غزة عاشوا في مصر لفترة طويلة، وهم إعتادوا تناول هذا الطعام بشكل دائم ولهم ارتباط قوي بهذا الطبق، لذلك قررت أن أنقله لهم، وإنشاء محل يكون قريبا منهم حين يحنون إلى تذوق طعم "الكشري".

وعن عمله الأول قبل أن يمتهن الطبخ، يضيف المتحدث ذاته، أن تخصصه الأصلي هو الترجمة، حيث غادر مصر بعد إنهاء دراسته الجامعية نحو أوروبا، واختار الاستقرار في إيطاليا، التي عمل فيها في نفس تخصصه، قبل أن يفتتح هناك محلا لـ"البيتزا" و"الكشري"، ثم يقرر نزولا عند طلب زوجته الفلسطينية العودة إلى قطاع غزة، وذلك بعد إلحاح منها وبسبب ظروف عملها التي فرضت عليها الرجوع إلى بلد الأصل قرب أهلها.

تتكون عائلة أسامة حسن البالغ من العمر 52 سنة من ثلاثة أطفال، وتعمل زوجته أستاذة في مجال هندسة المياه البيئة، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنها هي من شجعته ودفعته بقوة، لاختيار تسويق "الكشري" كنوع من الأطعمة في قطاع غزة، ويعيد لها الفضل في دعم مشروعه واستمراه. ويعتبر أن نجاح مشروعه سببه الإقبال الكبير لـ"الغزاويين" عليه.

سر الوصفة
ويكشف أسامة حسن خلطة "الكشري" التي تتكون من (الشعرية، والعدس، وثلاثة أنواع من المعجنات المسلوقة، وبعض من دقة الثوم، والخل، والصلصة، بالإضافة إلى الشطة والبصل المقلي) والتي تلاقي رواجاً كبيراً بين أهل غزة. ويؤكد أن كل هذه المكونات، تتطلب دقة عالية في تحديد المقادير كي لا يغلب طعم أحدها على الآخر، كما تحتاج إلى وقت طويل من الإعداد خلال عملية السلق، وعدد كبير من التجهيزات المطبخية نظراً لتعدد مكونات "الكشري".

ويزيد حسن بخصوص خلطة تخصصه في الطبخ، أن مواد الطبخ ومستلزماته متوفرة في قطاع غزة، لكن تكمن الصعوبة في إعداد الخامة، والحصول في الأخير على منتج عالي الجودة. ويضيف أن بعض المنتجات لا تتوفر أحياناً نظرا للحصار الاقتصادي الذي يعيشه قطاع غزة من طرف قوات الاحتلال، فيضطر للبحث عن المواد وشرائها بأسعار جد مرتفعة.

ويأمل أسامة حسن في حديثه لـ"العربي الجديد" أن تتجاوز غزة محنتها، بخاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وذلك ما سيكون في صالح سكانها، والعاملين في قطاعات مشابهة لتخصصه. حيث يخطط حسن لافتتاح فروع عديدة لمحله في كافة تراب القطاع، وإنشاء شركة متخصصة في طبق "الكشري" تحت اسم "النيل".

ويرى طباخ "الكشري" أن من بين أسرار الإقبال على هذا الأخير، أسعاره المتوسطة، والتي تناسب كافة شرائح المجتمع، ويستطيع كل فرد الحصول على طبق دون أن يكلفه الشيء الكثير. كما يرغب حسن بأن يستمر في نفس مهنته بعد أن قضى أزيد من سنة ونصف فيها منذ وصوله إلى القطاع، ويشدد علىنأن من بين شروط استمراره، المحافظة على نظافة ما يقدمه وجودته، وتحديد أسعار تناسب القدرة الشرائية للفلسطينيين، بالإضافة الى توفير كميات تناسب الطلب، ويعبر بهذا الخصوص على أنه سعيد حين تصله كمية كبيرة من الطلبيات عبر الهاتف، من زبائن أوفياء لمحله.

ويقدم المهندس عماد عابد شهادته في حق محل "النيل" بالقول: "كنت أتناول الكشري في مصر، ولما وصلت إلى محل حسن قبل شهرين أصبحت زبونا دائماً، أزور محله مرتين في الأسبوع، لأن ما يقدمه مذاقه طيب، ويحرص على نظافة محله".

إقرأ أيضأ: الانعكاسات النفسيّة على سوق المال 

دلالات

المساهمون