هنا جمهورية الجيش الشقيق

هنا جمهورية الجيش الشقيق

09 فبراير 2015
من غير الطبيعي ألا تخضع أموال الجيش للرقابة(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
هنا جمهورية الجيش المصري الشقيق التي ترعى دولة أخرى لديها عجز حاد في الموازنة والموارد المالية اسمها مصر، جمهورية لها استقلاليتها الكاملة في كل شيء، بدءاً من استقلالية القرار ونهاية باستقلالية الموارد المالية وعدم الخضوع لرقابة أجهزة الدولة، ولدى الجمهورية أيضاً حسابات وموازنة مستقلة واحتياطي بالنقد الأجنبي غير معلن عنه، ولديها أيضاً مصروفات وإيرادات واستثمارات في كل القطاعات الاقتصادية تقريباً تقدر بمليارات الدولارت، بل لديها أسهماً لشركات متداولة في البورصة وحصص في بنوك وشركات كبري.

وما كشفته تسريبات مكتب السيسي الأخيرة تدل على ذلك، فحسب التسريبات، طلب السيسي، وقت أن كان وزيراً للدفاع ورئيساً فعلياً لمصر، من مدير مكتبه عباس كامل إبلاغ رئيس الديوان الملكي السعودي خالد التويجري بإيداع 10 مليارات دولار في حساب الجيش المصري، وحسب النص"بص، تقوله احنا محتاجين عشرة يتحطوا في حساب الجيش، والعشرة دول ساعة ما ربنا يوفقه وينجح هيشتغلوا للدولة، وعايزين من الإمارات عشرة زيّهم والكويت عشرة برضه، ده بالإضافة لقرشين يتحطوا في البنك المركزي".

هذا الكلام يعني أن السيسي طلب من دول الخليج الثلاث الداعمة له في يوم تسجيل التسريب الموافق 5 فبراير/ شباط 2014 إيداع 30 مليار دولار في حساب الجيش المصري وذلك قبل انتخابه رئيساً في منتصف العام 2014، علماً بأن مصر تلقت 12 مليار دولار مساعدات خليجية أخرى في الساعات الأولى لانقلاب 3 يوليو 2013.

وحسب التسريب الأخير فإن عملية إيداع المساعدات الخليجية في حساب الجيش المصري ليس بالضرورة أن تتم في حسابات المؤسسة العسكرية المصرفية المفتوحة فى بنوك مصرية تعمل داخل البلاد، بل يمكن أن تتم في حساب للملحق العسكري المصري لدى أحد المصارف الإماراتية.

من الطبيعي أن يكون للجيش المصري ميزانية وحسابات مستقلة بها مبالغ محددة تقتطع من الموازنة العامة للدولة عقب موافقة البرلمان وذلك شأنه في ذلك شأن أي وزارة، ومن الطبيعي أيضاً ألا يتدخل كل من هب ودب في تحديد أسلوب نفقات الجيش، لأن المؤسسة العسكرية أدرى باحتياجاتها خاصة المتعلقة بالتسلح وتطوير القدرات القتالية والتدريب علي المهام القتالية، لكن ليس من الطبيعي أن تدخل حسابات الجيش أموال مخصصة لتحسين حياة الموطن وحل الأزمات المعيشية التي يعاني منها كما ورد في التسريب الأخير، وليس من الطبيعي ألا تخضع مليارات الدولارات القادمة من الخارج والتي تدخل في حسابات المؤسسة العسكرية لرقابة أجهزة الدولة.

وحتى لا يصطاد أحد في المياه العكرة، أقول إنني أكنّ كل احترام وتقدير للجيش المصري كمؤسسة عسكرية تدافع عن حدود البلاد وأمنها القومي، لكن أتحفظ علي الدور المتنامي له في الحياة الاقتصادية ومزاحمة القطاع العام أو الخاص في تنفيذ المشروعات، أو عدم خضوع ميزانيته لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

المساهمون