"ع الحلوة والمرّة"... حكاية حبّ تجارية

"ع الحلوة والمرّة"... حكاية حبّ تجارية

04 أكتوبر 2021
اللبنانيان نيكولا معوّض وباميلا الكيك في المسلسل (MBC)
+ الخط -

25 حلقة من مسلسل "ع الحلوة والمرة" من إخراج فكرت قاضي، عُرضت حتى اليوم على منصة "شاهد في آي بي"، ومحطة MBC4. ويحقق المسلسل نسبة مشاهدة عالية، وهو ينتمي بالطبع إلى نوعية الدراما المشتركة، إذ يجمع بين ممثلين سوريين ولبنانيين في آن معًا، لطرح درامي سطحي، يعود بنا لـ "روايات عبير" التي درجت قراءاتها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
قصة حب مستنسخة عن مسلسل تركي (في السراء والضراء) توقف بعد حلقته الثامنة بعدما اكتشف المنتجون أنه لم يحقق نسبة مشاهدة عالية. السيناريو والحوار فيه للبنى مشلّح ومي حايك، والإخراج لفكرت قاضي. "فرح" (دينا مارديني) و"ريّان" (نيكولا معوض) اتفقا على الزواج، لكن ريّان اختفى ليلة زفافه ما شكل صدمة لـ "فرح" التي تعمل في شركة تنظيم حفلات وأعراس، وتحملها الصدفة للعمل في مؤسسة تملكها سيدة نافذة تدعى "أسمى" (كارمن لبُس). ارتبط "ريان" بعد قصته مع "فرح" وهجرته إلى لندن بابنة "أسمى"، وهي "لانا" (باميلا الكيك)، ويستعدان لإقامة زفافهما بعد عودة "ريان" من لندن التي هاجر إليها بعد هروبه من ليلة زفافه.
تحاول مجموعة MBC بالاتفاق مع شركة O3 الاتجاه مجدداً إلى الأعمال الطويلة (60 حلقة لـ "ع الحلوة والمرة")، بعد أن ضمنت نسبة المتابعة التي تحققها مثل هذه الأعمال بالنسبة للمشاهد السعودي بالدرجة الأولى، وتأمين "طلبات" المشاهدين، عن طريق قصص الحب السخيفة التي أكل عليها الدهر وشرب، واستباق ذلك على التعاقد مع مجموعة من الممثلين اللبنانيين والسوريين للغرض عينه، وضمان بالتالي عرض المسلسل على الشاشة التي تحاول الإبقاء على ثقة المشاهد، والاستفادة منها من دون أي تبرير للوسيلة التي تتبع في مثل هذا النوع من الإنتاجات.


بالإمكان القول إن مسلسل "عروس بيروت" من إخراج فكرت قاضي، حقق ما تصبو إليه الشركة السعودية الضامنة لهذا النوع من الإنتاجات الدرامية المستجدة، سواء من خلال عائدات مالية ونسب مشاهدة، أو من خلال المتابعة في طرح وإنتاج وتنفيذ مجموعة جديدة من هذه الإنتاجات قريبًا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل تقوم هذه الإنتاجات من دون مراعاة لقاعدة درامية قصصية ثابتة، أم تفتح الباب أمام حرية ما تراه الشركة مناسبًا برأيها كنوع من الاتجار بهذا النوع من الفنون.
في العودة إلى مسلسل "ع الحلوة والمرة"، الواضح أن المسلسل يفتقد المراعاة الخاصة والقرب من الواقع، القصة ليست خيالية، طالما أن الكاتب أو الكاتبة اختاروا بيروت لقصة حب (ريان وفرح) ما يرفع معدل الأسئلة حول اختيار تركيا لتنفيذ أو تصوير المشروع كاملاً، ونقل صورة رغماً عن المشاهد بأن ما يحصل هو في بيروت، وطريق الاستعانة بمشاهد فيديو التقطت لبيروت ومناطق معروفة ضمنها بين اللقطات، وأثناء الفواصل.

بقي نيكولا معوض أسيراً لأعمال قدمها في بداياته

في الأداء التمثيلي، كان لخروج دانا مارديني للمرة الأولى من قفص الدراما السورية أبعاد لم تنقذ بطلة "ندم" التي تحولت إلى قارئة سيناريو تفيض بانفعالات غير مبررة في أدائها، ما يقلل من رصيدها في الأداء المحترف الذي كرسته لسنوات في مجموعة من الأدوار ضمن المسلسلات السورية المعروفة. وكذلك لم يسع المخرج أو فريق تدريب الممثلين في إعداد نيكولا معوض ليقدم دور "ريان" بطريقة مقنعة أكثر، فظل أسيراً لأعمال قدمها في بداياته وكان بإمكانه توظيف خبرة عمله في القاهرة لسنوات سابقة في "ع الحلوة والمرة". 
انعدام الدقة مع مراعاة أو تبرير "اللهجات" بين السوريين واللبنانيين ريّان وشقيقه تيم (هادي بو عياش) والدتهما شيريهان (سلمى المصري) يتحاورون باللهجة اللبنانية وهذا ما يقلل من صدقية الواقع كون الأبناء يتحدثون بلهجة الأمهات، أقله في المنزل، وهذا ما تنبهت إليه الشركة نفسها في مسلسل "عروس بيروت" عندما فرضت على الممثل التونسي ظافر عابدين، تعلّم وإتقان اللهجة اللبنانية لإقناع المشاهد بأن "فارس" هو ابن عائلة "الضاهر" من مدينة جبيل التاريخية التي يروي المسلسل حكايتها.

سينما ودراما
التحديثات الحية

هذا في الشكل، أما في المضمون، يقع المخرج في فخ استخراج المواقف المبنية على الحقيقة، ويتجه اتجاها بدائيًا في طريقة لقاءات العاشقين "فرح" و"ريان" بشكل أو بآخر، والمراوغة في حديث الحب والعشق والانفصال والعتب، إذْ تجري بعض المواقف، وكأننا في حضانة أطفال.

في الحلقات الأولى تتحول صدفة لقاء "ريان" و"فرح" إلى قضائهما ليلة كاملة في غرفة براد للبضاعة، والمواد الغذائية، لكنّ صديقهما المشترك ينقذهما صدفة في اللحظات الأخيرة. لا يمكن الوقوف على أخطاء "ع الحلوة والمرة" بالكامل، في المقابل يهوى بعض المتابعين أو المشاهدين الاتجاه إلى النهاية ولو من خلال الرواية والتسطيح. 
الواضح في استغلال اهتمام المشاهد عن طريق المشاعر و"النوستالجيا" لقصة حب اتخذت أشكالاً جديدة في تكوينها وطرحها في مسلسل درامي طويل.

كل ذلك يضع الشركة المنتجة وفريق العمل أمام مزيد من الأسئلة حول أهمية الطرح الدرامي هذه المرة، أو الاعتراف بأنه يحتوي على مجموعة أخطاء كبيرة يلزمها المزيد من التبرير أو الخروج بنتيجة صوابية، وأن بإمكان القصة أو الرواية التي تتحول إلى مسلسل أو فيلم أن تكون صادقة ولا تقع في فخ الخيال الأحادي للكاتب أو المخرج ولا حتى الممثل.

المساهمون