بطل من لبنان في بريطانيا

بطل من لبنان في بريطانيا

06 فبراير 2016
تحوّل إلى بطل متجاوزاً كلّ الصعوبات (العربي الجديد)
+ الخط -
بدا ديمتري متحمّساً للتحدّث عن إنجازاته وانتصاراته إلى "العربي الجديد"، وبابتسامة رائعة لم تفارق وجهه طوال الوقت، روى ذلك الشاب الوسيم عن عشقه الرياضة منذ نعومة أظافره. واللافت أنّ ديمتري لم يتطرّق البتّة إلى الحادثة التي تعرّض لها وهو في الثانية من عمره، تلك الحادثة التي غيّرت مجرى حياته بالكامل، حين صدمته سيارة، أدّت إلى إصابته بشلل حرمه أموراً كثيرة وأرغمه الجلوس على الكرسي المتحرّك مدى الحياة.

"لم يدرك طفل السنتين ما جرى له"، يقول والده نجيب، لكن الفاجعة كانت كبيرة عليهم، مرّت سنوات طويلة قبل أن يشفى وزوجته من ألم ذلك اليوم الذي سلبهم فرحتهم بطفلهم الصغير المفعم بالحيوية. كانت تجربة مريعة، لكنّ مساعدة الأصدقاء والأهل منحتهما القوّة لتخطّي الوجع الذي احتلّ كيانيهما. يكمل نجيب، أنّهما واجها بعض المتاعب في المدارس في البداية. لكن يعود الفضل إلى مسؤولين في المدرسة باكتشاف موهبة ديمتري، الذين دعموه ووفّروا له التدريبات اللازمة للمشاركة في أولى مباريات المبارزة. كانت المباراة الأولى بعيدة نحو مسافة ساعتين، يضيف نجيب، وأنّهما لم يتوقّعا أن يصبح ديمتري بطلاً.

أمّا لعبة "المبارزة" التي ينافس فيها ديمتري أبطالاً عالميين حالياً، بدأها وعمره إحدى عشرة سنة، في مدرسة "سانت بينيدكت" التي كان يدرس فيها، وكانت تلك اللعبة أحد خيارات حصّة الرياضة.
"كنت في الثالثة عشرة من عمري حين تنافست مع أشخاص يبلغون التاسعة عشرة وما دون، في مباراة بين مدارس بريطانيا، وفزت آنذاك بالميدالية البرونزية"، يقول ديمتري، الذي شعر بالحماس والفرح وصمّم على الاستمرار بعد ذلك النصر. انضمّ بعدها إلى "فريق بريطانيا العظمى للمبارزة على الكرسي المتحرّك"، وتدرّب معه، ليشارك بعد عام في البطولة الوطنية للمبارزة، التي حاز بها الميدالية الفضيّة في الفئة العليا ومثيلتها في منافسة الرجال الذين تجاوزت أعمارهم الـ19 عاماً.

لعب ديمتري في أوّل منافسة دوليّة في عام 2012 في بولندا، وعلى الرّغم من أنّه لم يفز، عبّر عن إحساسه بالفرح وروعة تلك التجربة حين شعر أنّه جزء من فريق مهم.
عاد ديمتري ليشارك في البطولة ذاتها، وهو في الخامسة عشرة من عمره، وفاز ببطولة العالم لمن هم دون الـ23 عاماً، وترك ذلك الانتصار أثراً كبيراً في نفسه.

وقع الخيار على ديمتري بعدها من "جمعية المبارزة البريطانية لذوي الاحتياجات الخاصّة"، للمشاركة في بطولة العالم في هنغاريا. كان ديمتري أصغر المتنافسين آنذاك ولم يتجاوز الـ15 عاماً. خسر ديمتري أمام أشخاص يتمتّعون بالخبرة الطويلة، وذلك بعد تجاوزه المرحلة الأولى.

زاده ذلك تصميماً على تكثيف التدريب، حتى حاز في عام 2014 على المرتبة التاسعة في بطولة أوروبا. يقول ديمتري إنّها كانت نتيجة جيّدة لشخص في الـ16 من العمر، بيد أنّه لم يسعد آنذاك بها، لأنّه أدرك أنّه ارتكب أخطاءً عديدة.

وباعتزاز، يتحدّث ديمتري عن فوزه في مدينة وارسو في عام 2014، ليصبح بذلك أوّل لبناني بريطاني أو حتى أوّل أصغر شاب بريطاني في تاريخ بريطانيا يفوز على جميع الفرق المنافسة.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعدّدت المباريات التي برز فيها ديمتري بطلاً، وخصوصاً حين تغلّب على بطل العالم في المبارزة الذي يبلغ الـ30 عاماً. "صرخت من الفرحة لثوانٍ وكاد أن يغمى على والدتي التي حضرت المنافسة"، يخبر ديمتري.

أمّا عن تأهيله للمشاركة في الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصّة، التي ستقام في ريو هذا العام، فيشرح ديمتري أنّه يحتاج أن يصنّف من بين الأربعة الأوائل في العالم أو عليه أن يفوز في بطولة أوروبا ليسمح له بالمشاركة بها، ويردف أنّه حالياً في المرتبة الثالثة لكن يفترض أن يحافظ عليها.

وعن التوفيق بين دراسته ومبارياته التي تتطلّب كثيراً من الوقت والتدريب، يقول ديمتري إنّه يبذل جهوداً كبيرة ويقدّم هذا العام اختبارات الـ"A level"، وهي امتحانات وطنية شاملة للثانوية.


المساهمون