هل الفن للجميع؟

هل الفن للجميع؟

09 يناير 2020
أعادت قضية نانسي عجرم الخطاب العنصري إلى الواجهة (فيسبوك)
+ الخط -
تتنوع الأساليب التي يهاجم فيها الجمهور الفنان، وأتت مواقع التواصل الاجتماعي كفرصة سانحة لتأمين مساحة للنقد الذي يصل إلى الفنان مباشرة إذا ما ذكر الكاتب اسم الفنان في "وسم" (هاشتاغ) أو "رابط حساب"، وبالتالي قد تزيد كتلة التوافق أو تختلف، ويتحوّل النقاش من قدرة هذا النجم على تأدية هذا الدور ومدى براعته في تلك الأغنية، إلى حرب بين من يستخدم الوسم للمديح ومن يستخدمه للسخرية.
ولأن الفن يلتصق بالشارع مهما ابتعد نجومه عنه، فمجرّد حادث مفاجئ قد يعيد التذكير بدور الفن الكبير، الذي إذا ما دخلت العنصرية عليه طعنته في الخاصرة وأدمت المشهد الفني. يتضمّن العام المنصرم أمثلة كثيرة أُلبست ثوب العنصرية، فما كان فنان يصرّح بجملة عن فنان آخر من جنسية أخرى، حتى تدخل العنصرية من أوسع أبواب مواقع التواصل، أكثرها وروداً جاء عبر برنامج "أكلناها"، الذي استضاف فنانين سوريين ولبنانيين، واعتمد في إعداده على الأسئلة المستفزة التي من شأنها أن تؤلب الصحافة وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، على الفنان، وتصنع مشكلة قد تستمر لأشهر، خاصة إذا كان السؤال من نوع أي فنان تفضل من بين هؤلاء لتعمل معه.
وبذلك، تداولت مواقع إلكترونية عناوين عريضة دعت الطرف الآخر إلى الرد، وبروز مشاكل حرّض عليها المعجبون (الفانز باللغة الإعلامية الجديدة) أنفسهم، الذين تحولوا بلحظة إلى محامي دفاع يقاتلون من أجل فنانهم المفضل، فكيف إذا كان الفنان قد ارتكب فعلاً شائناً بحق فنان شهير من جنسية ثانية غير جنسيته؟
هنا، تعود إلى الذاكرة حادثة مقتل الفنانة التونسية ذكرى، التي أشارت أصابع الاتهام فيها إلى دور السعودية في ذلك، بعد أغنية هاجمت فيها ذكرى السلطات السعودية في طريقة إدارتها لملف الحج. لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي قد حضرت بعد، ولكن ماذا عن الآن؟ والعنصرية تفيض بين معجبي النجوم، فمغردون سوريون يجدون في العنصر اللبناني مدمّراً للدراما السورية، ولبنانيون يجدون مسلسلهم المنتج بأموال منتج لبناني يذهب إلى زيادة شهرة نجم سوري، وفي سياق البحث عن مشكلة جديدة من قبل المغردين لإثارة نعرات عنصرية ومناطقية تصدر اسم فنان مجدداً إلى دائرة الضوء، أتت حادثة التهجم على الفنانة اللبنانية نانسي عجرم في بيتها من قِبل من زُعم أنّه لص سوري، لتدفع البعض إلى استغلال الحدث وتحوّله إلى خطاب عنصري هوجم فيه الوجود السوري في لبنان من نواح عدة، كوجود فلتان أمني وانتشار السلاح والفقر والبطالة. لاحقاً، صدرت أخبار تقول إن الشاب لم يكن لصّاً كما زُعم، وإنّما شاب يعمل لدى عائلة نانسي عجرم، والحادثة كانت بناءً على خلاف قد حصل. وانتهى الأمر بأن أُفرج عن زوج الفنانة اللبنانية، يوم أول من أمس، بعد تحقيق قصير أجرته معه الجهات الأمنية، ما أثار غضب كثيرين وجدوا أن العدالة لم تتخذ مسارها الصحيح في القضية.

فهل كان الملف السوري الشائك بما يتضمن اللجوء السوري في لبنان قد انطفأت نيرانه حتى جاء الفن ليذكيها مجدداً مع تورط مواقع وصحف في استغلال جزئية جنسية "اللص" لصناعة تريند لأخبارها، وهكذا تتحول العنصرية إلى أداة يمكن الاستثمار بها لتخرج من السياسة إلى الفن وتطعن في مقولة "الفن للجميع ولا يعرف جنسية".

المساهمون