تنسيق مصري-سعودي بشأن ليبيا وتركيا... وتباين حول سورية

تنسيق مصري-سعودي بشأن ليبيا وتركيا... وتباين حول سورية

27 ديسمبر 2021
سامح شكري وفيصل بن فرحان في القاهرة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية أن القاهرة تلقت أخيراً موقفاً سعودياً رافضاً لمسألة عودة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية خلال الفترة المقبلة، قبيل انعقاد القمة العربية في الجزائر في مارس/آذار المقبل، فيما كشفت عن تنسيق بشأن كل من ليبيا والعلاقات مع تركيا.

تباين بشأن عودة سورية للجامعة العربية

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن مشاورات مصرية سعودية جرت خلال أعمال لجنة المتابعة والتشاور السياسي بين الدولتين، في القاهرة، منتصف ديسمبر/كانون الأول الحالي، بشأن دعم جهود إعادة سورية إلى الجامعة العربية، وهو ما تمسكت الرياض برفضه في الوقت الراهن، على الرغم من محاولات حثيثة من جانب القاهرة لإقناع القيادة السعودية بتغيير مواقفها من النظام السوري.

وبحسب المصادر، فإن الموقف السعودي جاء بدعوى عدم تقديم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أي إشارات بشأن تغييرات حقيقية متعلقة بقضايا جوهرية تمس السعودية وأمن منطقة الخليج.

وكشف أحد المصادر، عن أن الموقف السعودي بشأن سورية وعودتها للجامعة العربية، يرتبط بشكل وثيق بالموقف الأميركي في هذا الصدد، والذي يتضمن رؤية كاملة للتعامل مع ملف سورية، بحيث تكون عودتها للجامعة، خطوة ضمن خطوات أخرى متعلقة بحل دولي للأزمة السورية.

الموقف السعودي بشأن سورية يرتبط بشكل وثيق بالموقف الأميركي

وقال المصدر إن "السعودية ترى أنه من دون ضمانات واضحة من جانب النظام السوري، ستكون خطوة عودة سورية لمقعدها في الجامعة العربية، بمثابة منح إيران مقعداً داخل الجامعة، وهو الأمر المستحيل في ظل حالة التهديد الذي تمثله طهران لمنطقة الخليج بالكامل".

في مقابل ذلك، ترى القاهرة بحسب مصدر دبلوماسي آخر، أنّ "عدم عودة سورية للحضن العربي، سيجعلها فريسة سهلة خاضعة لإملاءات أطراف أخرى تمثّل إزعاجاً للقوى العربية".

وأوضح المصدر أن "الصراع الأميركي الروسي بشأن الملف السوري، لا يمكن فصله بشكل ما عن صراع الإرادات والرؤى العربية بشأن إعادة سورية للجامعة"، مؤكداً أن "تضارب الرؤى والتحالفات بين الأطراف العربية هو ما يعطل تلك الخطوة".

وأضاف المصدر أن "القوى العربية التي تدفع نحو عودة دمشق، تُخضع ذلك لمعادلات سياسية دولية وإقليمية ضمن رؤية مرتبطة بقضايا ذات تأثير داخلي عليها، والعكس صحيح بشأن من يرفضون".

تنسيق الرؤى بشأن ليبيا

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المشاورات المصرية السعودية في القاهرة أخيراً، تضمنت أيضاً تنسيق الرؤى المصرية السعودية بشأن الأزمة الليبية.

وكشفت المصادر أنه "في وقت سابق، كان الموقف السعودي أكثر التصاقاً بالرؤية الإماراتية في هذا الصدد، وهذا الأمر كان يمثل إزعاجاً للقاهرة، لكن في الوقت الراهن، حدث تطور كبير على الموقف السعودي، بشكل يميل بدرجة كبيرة إلى الموقف المصري ورؤيته بشأن حل الأزمة الليبية".

حدث تطور كبير على الموقف السعودي بشأن ليبيا بشكل يميل للموقف المصري

تنسيق مصري – سعودي حول تركيا

وكشفت المصادر أن المشاورات في القاهرة، تناولت كذلك وضع إطار تنسيقي للعلاقات المصرية السعودية بتركيا، في ظل مساع سعودية لتصحيح مسار تلك العلاقات، موضحةً أنه "تم التوافق على التنسيق بين القاهرة والرياض بالشكل الذي يضمن علاقات متوازنة بينهما، فضلاً عن التنسيق في مواجهة أنقرة بشكل لا يدفع أي طرف من الاثنين إلى تقديم تنازلات أكثر من اللازم".

وكانت السعودية ومصر أعلنتا منتصف ديسمبر الحالي في بيان للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين الدولتين، التي عقدت لقاءً في القاهرة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين، سامح شكري وفيصل بن فرحان، توافقهما على "ضرورة العمل العربي المُشترك وحل أزمات المنطقة ودعم الدول الوطنية وأمن شعوب المنطقة واستقرارها".

وأكد البيان أن المشاورات "شهدت توافق وجهات نظر ورؤى البلدين إزاء العديد من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، بشكل أكد عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، واتفاق إرادتهما السياسية الجادة في تحقيق الاستقرار في المنطقة".

وأكد الجانبان "رفض أي محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها؛ سواء كان ذلك عبر أدوات التحريض العرقي والمذهبي، أو أدوات الإرهاب والجماعات الإرهابية، أو عبر تصورات توسعية لا تحترم سيادة الدول أو ضرورات احترام حسن الجوار".

كما اتفقا على "مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة بالأشكال كافة"، واستعرضا "الجهود المبذولة من جانبهما في هذا الصدد".

مشاورات حول وضع إطار تنسيقي للعلاقات المصرية السعودية مع تركيا

وكان مصدر دبلوماسي مصري سابق، قال في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن موقف القاهرة من النظام السوري "ثابت وعميق ولن يتغيّر بناء على موقف أي من الأطراف العربية الأخرى، لا سيما السعودية"، وذلك في إشارة لهجوم سفير المملكة في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، في 16 ديسمبر الحالي، على النظام السوري.

وقد وجه ذلك الهجوم ضربة قوية لمحاولات أطراف عربية فكّ العزلة التي يعيشها النظام السوري منذ مطلع عام 2012، وصعّب المساعي لإعادة نظام الأسد إلى حضن الجامعة العربية في العام المقبل.

وأكد المصدر أن "العلاقات بين الدولة المصرية، أيّا كان من يقودها، وبين النظام البعثي في سورية، قوية وتاريخية ومتجذرة لا يمكن التنازل عنها لصالح أي تحالفات جديدة، لأن المصالح القومية المصرية العليا، وفق الرؤى الرسمية، تقتضي ذلك".

وأوضح أن "العلاقات التاريخية بين مصر وسورية ــ البعث، علاقات أجهزة استخباراتية قديمة منذ تأسيس حزب البعث السوري، وهي علاقات لا تتغيّر بتغيّر الحكم في مصر، ولذلك فإن الدولة المصرية ستظلّ حريصة كل الحرص على مسألة إعادة سورية إلى الجامعة العربية قريباً، مهما كان توجه الحلفاء الخليجيين، وعلى رأسهم السعودية".

المساهمون