خلافات حول صلاحيات رئيس البرلمان العراقي ونائبيه تثير الجدل

خلافات حول صلاحيات رئيس البرلمان العراقي ونائبيه تثير الجدل حول مستقبل التحالفات السياسية الحالية

05 ابريل 2022
تنازع الصلاحيات قد يدخل العراق بأزمة جديدة (ليدوفيتش ماران/ فرانس برس)
+ الخط -

أثار الخلاف المحتدم منذ يومين بين رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، ونائبه الأول عن "التيار الصدري"، حاكم الزاملي، المتعلق بالصلاحيات الدستورية، الجدل بشأن إمكانية استمرار تحالف "إنقاذ وطن"، الذي تشكل أخيرا من "التيار الصدري" و"تحالف السيادة"، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الذي يقدم نفسه كتحالف عابر للهويات.

وشهدت ليلة أمس الكشف عن سلسلة مخاطبات رسمية بين رئيس البرلمان من جهة ونائبه الأول من جهة أخرى موجهة إلى الأمانة العامة للبرلمان وأعضاء مجلس النواب، حيث يصر الزاملي على اعتماد مصطلح "هيئة رئاسة البرلمان"، وهو ما يعني نزع صلاحيات رئيس البرلمان أو السماح بأن يتشارك بها نائباه الأول والثاني.

الخلافات التي طفت على السطح جاءت بعد سلسلة من الانتقادات الموجهة للزاملي حيال تحركاته الأخيرة التي اعتبرت بأنها من اختصاص رئيس البرلمان العراقي من بينها مخاطبة الوزارات والمؤسسات الرسمية، رغم وجود رئيس البرلمان على رأس مهام عمله.

وتوعد النائب الثاني للبرلمان شاخوان عبد الله بمحاسبة المتورطين بتسريب المخاطبات الداخلية في البرلمان والتي أظهرت الأزمة للعلن.

وقال في بيان له إن "مجلس النواب سيقوم باتخاذ الإجراءات القانونية ومحاسبة الذين سربوا ونشروا الكتب والمخاطبات الداخلية للمجلس، وهي تتعلق بالمشاكل حول بعض المصطلحات والمفردات القانونية في تحديد المهام والصلاحيات".

وحذر النائب وعضو تحالف "السيادة"، مشعان الجبوري، مساء أمس الاثنين مما وصفه "تصدع" التحالف الثلاثي الذي يمثل حتى الآن الأغلبية بالبرلمان بنحو 180 نائبا، وقال في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر"، إن "تنازع الزاملي مع الرئيس الحلبوسي وإصراره على أنه جزء من هيئة رئاسة وليس نائباً للرئيس يهدد تحالف (إنقاذ وطن) بالتصدع إن لم يتدخل السيد الصدر (زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر)"، مضيفا أن "وصف هيئة الرئاسة لم يرد مطلقا في الدستور، والمحكمة الاتحادية أكدت عدم وجود شيء اسمه هيئة رئاسة مجلس النواب، وإنما رئيس ونائباه".

وبدأت الأزمة بإصدار الزاملي توجيها داخليا يتعلق باعتماد عبارة "هيئة الرئاسة"، في المخاطبات وإرسال المشاريع والكتب الرسمية بمعنى أنها لا ترسل لرئيس البرلمان فقط، إضافة إلى أن إصدار القرارات لا يكون من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي فقط، بل من خلال ما يسميه الزاملي هيئة الرئاسة التي تتألف من رئيس البرلمان ونائبيه الأول والثاني.

مصادر رفيعة في الدائرة القانونية بالبرلمان العراقي، قالت لـ"العربي الجديد"، إن "الخلاف الحالي مفتعل من قبل الزاملي الذي يسعى إلى أخذ دور أكبر من المهام المكلف بها رسميا وفقا للنظام الداخلي للبرلمان العراقي". ووفقا للمصادر ذاتها، التي فضلت عدم كشف هويتها، فإن المشكلة ترتبط بإشكالية الدستور العراقي ووجود نقاط قابلة للتأويل أو غير واضحة وغير مباشرة، مؤكدة أن الدائرتين القانونية والإدارية في البرلمان، تعتمدان توجيهات رئيس البرلمان وأي توجيه آخر يعتبر غير ملزم لها.

الخبير بالشأن القانوني العراقي أمير الدعمي، أوضح في تصريحات له، اليوم الثلاثاء، أن "الدستور لم يرد فيه ما يسمى هيئة الرئاسة للبرلمان، بل نص أن لمجلس النواب رئيسا ونائبا أول وثانيا تحدد حقوقهم وامتيازاتهم، وبالتالي لم يرد في الدستور أو قانون مجلس النواب ما يسمى هيئة الرئاسة التي تعتبر دخيلة على النصوص الدستورية وعرفا خاطئا ينتهك الدستور".

ويطرح الخلاف المتصاعد بين الحلبوسي والزاملي داخل قبة البرلمان العراقي ببغداد، مستقبل التحالف الثلاثي بين الصدريين و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، وتحالف "السيادة"، مع أول اختبار يتعرض له التحالف الذي لم يكمل شهرا واحدا على تأسيسه.

ويقول الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، إن "تحالف (إنقاذ وطن) العابر للهويات أمام اختبار أول يجب أن يثبت تماسكه، وتقع على التيار الصدري مهمة ذلك".

وأضاف الحمداني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن) بين الصدر والقوى السياسية العربية السنية والكردية قائم بالأساس على اتفاق دعم كل طرف للآخر، فالجميع الآن يدعم الصدر بمشروع حكومة أغلبية وطنية، ويدعم البارزاني بمشروع تقديم مرشحه ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، ودعم سابقا تولي الحلبوسي رئاسة البرلمان، لذا فإن أي انقلاب بهذه المعادلة يعني تفكك التحالف، خاصة أن هناك قوى تريد تفكيكه من الخارج"، في إشارة إلى قوى "الإطار التنسيقي"، المدعوم من طهران.

الباحث السياسي مجاهد الطائي غرد من بغداد بالقول إن "حاكم الزاملي يُصر على أنه جزء من (هيئة رئاسة مجلس النواب) غير الموجودة أصلا، والمحكمة الاتحادية سبق أن أكدت عدم وجود هيئة اسمها هيئة رئاسة مجلس النواب، وإنما وجود رئيس ونائبين"، معتبرا أن "ما يفعله الزاملي، هو السعي لاستخدام صلاحيات الحلبوسي بعنوان "هيئة الرئاسة" والحصول على سلطاته".

في المقابل، اعتبر عضو التيار المدني والناشط السياسي، أحمد حقي، أن الخلاف القائم "دليل على فشل استمرار العمل السياسي بواسطة الهويات الطائفية"، داعيا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن تكون هناك "عملية سياسية قائمة على أحزاب وتيارات مدنية عابرة لمفهوم الطوائف والقوميات".

وتابع حقي قائلا: "على الرغم من التجربة الجديدة لتحالف (إنقاذ وطن) وكونها أفضل من سابقاتها لكن العراق ما زال بحاجة لعمل سياسي مدني مستقل بعيدا عن تكتلات تقدم نفسها على أنها ممثلة لطوائف أو مكونات".

المساهمون