مصادر "العربي الجديد": مفاوضات فيينا تبحث الاتفاق المؤقت كخيار بديل

مصادر لـ"العربي الجديد": مفاوضات فيينا بمرحلة "صعبة" وتبحث الاتفاق المؤقت كخيار بديل

12 يناير 2022
بات الاتفاق المؤقت يفرض نفسه بشكل أقوى كخيار بديل (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر مواكبة لمفاوضات فيينا النووية، اليوم الأربعاء، أنّ المفاوضات دخلت "مرحلة حساسة وصعبة للغاية"، مضيفة أنها خلال "الأيام الثلاثة الأخيرة أصبحت تراوح مكانها إلى حد كبير"، وذلك بعد أن سجلت "تقدّماً" خلال الأسبوعين الأخيرين. 

وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "لقاءات مكثفة ومضغوطة انعقدت على مختلف المستويات خلال هذه الأيام لإحداث اختراق ما في المواقف، بناء على التقدم الحاصل، لكنه لم يحصل". 

وقالت المصادر، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، إنه "نستطيع القول إنّ التقدم الذي شهدته المفاوضات خلال الفترة الأخيرة قد توقف خلال الأيام الثلاثة الأخيرة"، لافتة إلى أنّ "المفاوضات في هذه الأيام تركزت على مسألة رفع العقوبات وكذلك آليات التحقق من رفعها والضمانات، إلا أنها على الرغم من مناقشة مقترحات وحلول لم تسجل أي تقدم يذكر".

وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أنه "مع تعثر حلحلة القضايا العالقة بالمفاوضات، بات الاتفاق المؤقت يفرض نفسه بشكل أقوى كخيار بديل ويجري النقاش بشأن تفاصيله ومدته، لكن المفاوضين لم يفقدوا الأمل بعد للوصول إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي ولذلك يركزون حالياً على إيجاد حلول للقضايا العالقة للتوصل إلى اتفاق نهائي، لكن بموازاة ذلك أيضاً يتم بحث أفكار بديلة". 

ولفتت إلى أنّ "المفاوضين متفقون على عدم إنهاء الجولة الثامنة من دون تحقيق اختراق كبير سواء من خلال التوصل لاتفاق نهائي أو اتخاذ خطوات متبادلة في إطار اتفاق محدود بين إيران والولايات المتحدة لتخفيف ضغط عامل الوقت على المفاوضات"، مستبعدة في الوقت ذاته التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الفترة القليلة المقبلة.

إلى ذلك، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، وحيد جلال زادة، لقناة "العالم" الإيرانية، مساء اليوم الأربعاء، إنّ واشنطن "غير مستعدة لإعطاء أي ضمانات أو إجراءات التحقق". 

وأضاف أنّ "أميركا مستعدة لرفع الكثير من العقوبات، لكنها لن تقبل بعضاً منها.. على سبيل المثال يتهرب الأميركيون حتى الآن ولأسباب وهمية من رفع حظر الأسلحة التقليدية على الجمهورية الإسلامية بموجب القرار 2231، والذي انتهى مفعوله في 30 ديسمبر/كانون الأول". 

وأشار إلى أنّ "الأميركيين لديهم قائمة حمراء يفرضون بالاستناد عليها الحظر على العديد من الأشخاص الحقيقيين والاعتباريين في الجمهورية الإسلامية، وهم مع الأسف يتلكؤون في قبول رفع هذا النوع من الحظر، بينما ترى الجمهورية الإسلامية أنّ من حق هؤلاء الأشخاص رفع العقوبات عنهم وفق الاتفاق النووي". 

وفي إشارة إلى تغيير مسميات وألقاب بعض العقوبات في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قال جلال زادة: "على سبيل المثال، البنك المركزي الإيراني الذي كان ضمن العقوبات النووية، أُدرج في عهد ترامب ضمن العقوبات الإرهابية أو حقوق الإنسان، ونحن نعلم أن هذه عملية احتيال سياسية، والأميركان أنفسهم يعلمون أن حظر البنك المركزي كان ضمن العقوبات النووية ويجب رفع هذا الحظر عنه".

وأضاف المسؤول الإيراني إنه "في الواقع، نحن نقول إنه إذا تم رفع العقوبات على النفط والشحن والتأمين والبنك المركزي، فيجب أن نرى ذلك عملياً، أي يجب أن نكون قادرين على بيع نفطنا والحصول على مداخله نقداً، وأن تدخل البلاد البضائع التي نشتريها بمداخل النفط، وأن نتمكن من تبادل الأموال والعملة". 

وشدد على أنّ "الأميركيين يقولون إننا نمنحكم كل ما تريدونه من توقيعات وأوراق، لكنكم لا تطلبوا منا ضماناً وتحققاً طويل الأمد.. هم يترددون في هذا الأمر ويقولون نحن مع تحقق ضمن فترة ما يسمى بـ"لونغ داي" أو اليوم الطويل". 

وبين جلال زادة أنّ "الأميركيين والأوروبيين يرون أنه إذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق دائم وكامل في فترة وجيزة، فلنعرّف المسألة ضمن اتفاق مؤقت، على أن يقبلوا بأمور وأن تقبل إيران بأمور.. على سبيل المثال، يقولون إن على إيران خفض التخصيب ووقف إنتاج أجهزة الطرد المركزي المعدنية، ومن جانبهم يتم الإفراج عن بعض الموارد المالية الإيرانية المحجوبة لدى دول أخرى".

المفاوضون متفقون على عدم إنهاء الجولة الثامنة من دون تحقيق اختراق كبير سواء من خلال التوصل لاتفاق نهائي أو اتخاذ خطوات متبادلة في إطار اتفاق محدود بين إيران والولايات المتحدة

ولفت إلى أنّ "هذه الوتيرة تتضمن عدة عقبات، إحداها أنها ستجر الطرفين في غضون بضعة أشهر إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى، كما أننا لا نرى ضماناً تنفيذياً في هذه القضية، وسنواجه صعوبة في التحقق منه مرة ثانية.. لذلك فإنّ استراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تقوم إطلاقاً على اتفاق مؤقت، بل نحن نبحث عن اتفاق دائم.. وإذا أراد الأميركيون والأوروبيون منا خفض التخصيب فعليهم أيضاً رفع عقوباتهم".

وكان جلال زادة، كشف اليوم الأربعاء عن عرض مجموعة (1+4) اتفاقاً مؤقتاً خلال مفاوضات فيينا، مشيراً إلى أنّ الاتفاق "قيد الدراسة ولم يُرفض أو يُقبل بعد". 

وأضاف جلال زادة، في حديث مع وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، أنّ "الاتفاق المؤقت ليس مثالياً لنا"، مؤكداً أنّ "سياسة وأجندة الوفد الإيراني في فيينا هي الاتفاق الدائم لتحقيق الحد الأقصى من المصالح الإيرانية". 

وأكد عدم تفاؤل طهران بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، مشيراً إلى أنّ التوصل إلى الاتفاق المؤقت المحتمل لا يعني عودة أميركا إلى الاتفاق، فيما قال إنّ "الأطراف الغربية تعلم جيداً قدراتنا النووية وهي تخشى إطالة أمد المفاوضات وعدم توصلها إلى نتيجة. في هذا السياق، جاء مقترح الاتفاق المؤقت". 

إلى ذلك، أفادت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية في تقرير، اليوم الأربعاء، بأنّ "المفاوضات تنتظر أن يتخذ الطرف الآخر خطوات ذات مغزى وقرارات تؤدي إلى نتيجة". 

وأضافت الوكالة الإيرانية أنّ "الأطراف الغربية، على الرغم من إحراز التقدم في المفاوضات، مازالت تطرح مطالب طموحة لإعادة مسودة الاتفاق إلى الوراء"، متهمة الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) بـ"اتباع توجه متقلب في المباحثات والمطالبة بإعادة النظر في التقدم الحاصل". 

في الأثناء، ذكرت وكالة "إيسنا" الإيرانية أنّ لقاءات انعقدت، مساء اليوم الأربعاء، بين مفاوضي الترويكا الأوروبية ومنسق المفاوضات إنريكي مورا مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، واستمرار اجتماعات لجان الخبراء بشأن رفع العقوبات والخطوات النووية.  

وكان البرلمان الإيراني، قد أقر قانون "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات الأميركية"، خلال ديسمبر/كانون الأول 2020.

وينص القانون على اتخاذ خطوات نووية تصعيدية لإجبار الطرف الأميركي على رفع العقوبات. واُتخذت الكثير من هذه الخطوات، كان أهمها وقف العمل بالبروتوكول الإضافي الأممي الذي يحكم الرقابة على البرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 وثم 60%.

في غضون ذلك، أجرى مندوب روسيا في مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، مساء اليوم الأربعاء، لقاء مع رئيس الوفد الأميركي إلى المفاوضات، والمبعوث الخاص إلى إيران روبرت مالي. 

وقال أوليانوف، في تغريدة على "تويتر"، إنّ مباحثاته مع مالي تناولت "أصعب القضايا العالقة التي ينبغي حلها في مفاوضات فيينا"، مشيراً إلى أنّ هذه المباحثات كانت "بنّاءة". وأضاف المندوب الروسي أنّ "شعوري أنّ المفاوضات تمضي قدماً".