هل يبتزّ النظام السوري الأمم المتحدة لتوظيف أقارب مسؤوليه؟

كيف يبتزّ النظام السوري الأممَ المتحدة لتوظيف أقارب مسؤوليه في مكاتبها؟

إسطنبول

ديانا رحيمة

avatar woman.jpg
ديانا رحيمة
ديانا رحيمة
10 مارس 2023
+ الخط -

أثار التقرير الذي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، وتحدث عن توظيف ابنة مدير المخابرات العامة السورية حسام لوقا، جدلاً بشأن "توظيف الأمم المتحدة" أشخاصا مقربين من أفراد تابعين للنظام السوري ومعاقبين دولياً لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في سورية.

وكان التقرير قد أشار إلى أن ابنة حسام لوقا، المعاقب من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، تعمل في مكتب الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة في دمشق (دون ذكر اسمها)، وفقًا لأربعة أشخاص يعملون في مجال الإغاثة في دمشق.

ورداً على المعلومات الواردة في التقرير الصادر، تواصل "العربي الجديد" مع المتحدث في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إيري كانيكو، الذي عقّب على الموضوع بقوله: "ما يمكننا قوله هو أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لا يعلق على قضايا الموظفين، ولكن يتم تعيين جميع الموظفين وفقًا لعمليات التوظيف الصارمة".

ولم يجب المتحدث عن تساؤلات طرحها "العربي الجديد" تتعلق بنفي أو تأكيد توظيف أقارب مسؤولين معاقبين دولياً أو قاموا بانتهاكات بحق الشعب السوري في مكاتب الأمم المتحدة، وعن أسمائهم.  

الباحث المساعد في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، والزميل في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، محسن المصطفى، كشف لـ"العربي الجديد" عن أن "لرئيس المديرية العامة للمخابرات السورية حسام لوقا ثلاثة أولاد، هم نوري وناتاشا وساتاناي، وبينما يتابع نوري دراسته العليا في روسيا، أنهت ناتاشا دراسة الصيدلة وتزوجت ابن إبراهيم عثمان، رئيس هيئة الطاقة الذرية التابعة للنظام السوري، أما ساتاناي فدرست في المعهد العالي لإدارة الأعمال بدمشق". ويرجح المصطفى توظيفها في مكتب الأمم المتحدة.

وتحدث الباحث عن أن "التوظيف في المكتب التابع للأمم المتحدة الذي تعمل فيه ابنة لوقا يتم عبر توصيات من أشخاص متنفذين وعبر شبكات غير رسمية في الأمم المتحدة بدمشق"، وإلى أنه "ربما يتم ترهيب المتقدمين الآخرين، ليبقى الشخص الذي يريده النظام السوري يشغل المنصب".

ويرى المصطفى أن "وجود موظفين في مكاتب الأمم المتحدة مقربين من النظام أو أقرباء لقادته ليس بأمر جديد، ربما يكون التوظيف من الناحية القانونية صحيحاً، إلا أنه يتنافى مع القيم التي تدعي الأمم المتحدة تمثيلها".

فساد؟

الطبيب والناشط في المجال الإنساني، والعامل السابق في مجال المساعدات والمناصرة، محمد كتوب، قال لـ"العربي الجديد" إن ما وصفه بـ"الفساد" ليس بجديد على الأمم المتحدة، و"هو يحصل على عدة مستويات، ويبدأ بالموارد البشرية"، بحسب تعبيره.
 
وبحسب كتوب، فإن "النظام يفرض توظيف أناس معينين بالوكالات بمجرد وجود مكاتب تابعة لها في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وهو ما ينطبق حتى على الكوادر الأجنبية، لأنه لا يمنح تلك الكوادر تأشيرات الدخول إلى سورية ببساطة، إلا إذا تماهت معه".
 
ويعتبر كتوب أن "الفائدة المادية ستكون كبيرة لصالح النظام بتوظيف أحد المقربين منه، إذ إن الموارد البشرية هي الخطوة الأولى والأساسية للفساد، مع وجود تابعين له يتدخلون بكل مراحل العمل والاستجابة، من التعاقد مع الموردين، مروراً بالتخطيط والتنفيذ وتوجيه البرامج، وصولاً إلى عمليات المراقبة والتقييم (..) والفريد في حالة ابنة لوقا أنها كانت تعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قبل أن تعمل مع صندوق الطوارئ الخاص بالأمم المتحدة، وهو أمر خطير جداً"، بحسب قوله. 

وعزا الناشط في المجال الإنساني ذلك إلى أن اللجنة منوطٌ بها متابعة شؤون المفقودين، ولديها آلية "ريبورتينغ" (التبليغ) مفتوحة لذوي المفقودين، الأمر الذي يحمل مخاوف كبيرة على هذه المعلومات ومصادرها، مع استحضار أنه من المحتمل أن يكون حسام لوقا نفسه مسؤولا عن اختفاء جزء كبير منهم.

هل من مانع قانوني لتوظيف أقارب أفراد معاقبين دولياً؟

مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبد الله أكد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "ما من مانع قانوني لتوظيف أقارب أفراد معاقبين دولياً في مكاتب الأمم المتحدة، إذ إن العقوبات الأحادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا، أو غيرها، لا تلزم الأمم المتحدة، بل تلزمها فقط العقوبات المفروضة من قبلها كمؤسسة أممية". 

وأضاف محمد العبد الله أن "بإمكان المنظمة الدولية التعاقد مع الأشخاص المعاقبين مباشرة من دول"، موضحا أنها "فعلت ذلك بموضوع توريد المساعدات الإنسانية أو توريد الأغذية، أو حتى الإقامات في الفندق المملوك لرامي مخلوف وسامر فوز، المعاقبين من قبل معظم الدول الغربية، ولكنهما ليسا معاقبين من قبل الأمم المتحدة".
 
وأضاف العبد الله أنه "لا يوجد ما يمنع الأمم المتحدة قانونيا من توظيف أشخاص أو حتى التعامل مع أشخاص هم أنفسهم معاقبون، وبالتالي ليس هنالك ما يحول دون توظيف أقارب لهم".
 
ويرى العبد لله أنه "مع ذلك هناك معيار أخلاقي على الأقل يجب أن تتمتع به الأمم المتحدة، لكنه غير موجود للأسف خلال تعاملاتها داخل سورية، خصوصاً أننا لا نتحدث عن توظيف شخص يمت بصلة قرابة لموظف بسيط، بل نتحدث هنا عن ابنة مدير إدارة المخابرات العامة". 

وأردف المتحدث ذاته أن "هناك عبئا أخلاقيا على الأمم المتحدة أن تلتزم به".

رضوخ أممي للنظام؟

وتابع العبد الله: "توجد هنالك ضغوط دائمة على الأمم المتحدة من قبل أجهزة النظام ووزارة الخارجية السورية لتوظيف أقارب وأبناء مسؤولين، ومعظم موظفيهم بالداخل هم أشخاص مرضي عنهم أمنياً، إن لم يكونوا مقربين من دوائر الأمن".
 
وأضاف مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة أنه "مقابل دخول الأمم المتحدة إلى الأراضي السورية، فإنها قد توظف أبناء وبنات مسؤولين في أجهزة الأمن وفي مناصب أخرى. في المقابل يستفيد النظام السوري من وجود أشخاص تابعين له ضمن مكاتب الأمم المتحدة بعدة سبل، كإرضاء لحاضنته الشعبية، وإفادة عائلات المسؤولين اقتصادياً، ولجمع معلومات عبر التجسس على الأمم المتحدة وحرف عملها، وتوجيهه بشكل منحاز لمصلحة النظام". 

ويعتبر اللواء حسام لوقا من أبرز الشخصيات الأمنية التابعة للنظام السوري، وقد شارك في قمع المتظاهرين في مدينة حمص إبان تسلمه رئاسة فرع الأمن السياسي فيها. وفي عام 2012، أدرج الاتحاد الأوروبي اللواء لوقا على قائمة العقوبات، بسبب مشاركته في تعذيب المتظاهرين والسكان المحليين في المناطق التي ثارت ضد نظام بشار الأسد.

ذات صلة

الصورة

سياسة

ذكرت شبكة الإذاعة والتلفزيون الأيرلندية (آر تي إي)، أن أيرلندا وإسبانيا ودول أخرى أعضاء بالاتحاد الأوروبي تدرس الاعتراف بدولة فلسطين في 21 مايو الجاري.
الصورة

مجتمع

قال المسؤول الكبير في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، بير لودهامار، اليوم الجمعة، إنّ إزالة كمية الركام من غزة قد تستغرق نحو 14 عاماً.
الصورة

سياسة

كشفت مقررة الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، اليوم الأربعاء، أنها تلقت تهديدات عديدة خلال عملها على إعداد تقريرها بشأن قطاع غزة.
الصورة

سياسة

وصف يسرائيل كاتس الأمم المتحدة بأنها "منظمة معادية للسامية وإسرائيل"، بعد أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى وقف لإطلاق النار