موسم الرزّ الانتخابي في مصر... هؤلاء رموز المال السياسي

موسم الرزّ الانتخابي في مصر... هؤلاء رموز المال السياسي

11 أكتوبر 2015
خالفت قائمة النظام الانتخابية قانون الدعاية الانتخابية (ابراهيم رمضان/الأناضول)
+ الخط -
تؤدي رؤوس الأموال دوراً رئيسياً في انتخابات مجلس النواب المصري، المقرّرة مرحلتها الأولى منتصف الشهر الحالي (17 و18 أكتوبر/تشرين الأول للمقيمين في الخارج، و18 و19 أكتوبر للمقيمين في الداخل)، بما ينذر بإعادة إنتاج مجلس أشبه ببرلمانات الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ويُعدّ النظام الانتخابي الذي أقرّه الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، عقب عزل الرئيس محمد مرسي من الحكم في 3 يوليو/تموز 2013، أحد أسباب سيطرة المال السياسي على المشهد الانتخابي والسياسي. وقد تعدّدت أوجه سيطرة المال السياسي على الانتخابات، التي بدأت في محاولة بعض الأحزاب، وأغلبها يتزعّمها رجال أعمال، في استقطاب بعض المرشحين البارزين في دوائرهم. ووفقاً لمصادر سياسية، فإن بعض الأحزاب تطلب من بعض المرشحين إيداع مبلغ كبير بغية خوض الانتخابات على لوائحها.

وتحاول الأحزاب التي يترأسها رجال أعمال، إيجاد عدد مقاعد وافر في المجلس المقبل، في محاولة للحفاظ على مصالحهم من خلال تشريع قوانين تخدم رجال الأعمال. كما يسعى رجال الأعمال المحسوبون على نظام مبارك إلى حصد أكبر عدد من المقاعد في المجلس المقبل، للضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي، على ضوء الخلافات التي ظهرت بين الطرفين، منذ تولّي الأخير الحكم. كما يسعى عدد آخر من رجال الأعمال للتقرّب من السيسي، من خلال دعم بعض الأحزاب الداعمة له وتمويلها، فضلاً عن تمويل قائمة النظام الانتخابية: "في حب مصر". 

واتجهت أغلب الأحزاب إلى استقطاب المرشحين بقوة قبل فتح باب التقديم لانتخابات مجلس النواب، خلال الأشهر القليلة الماضية، مع تحمّلها نفقات الدعاية المخصصة لهم. ومن أبرز الأحزاب التي تسعى لاستقطاب المرشحين، حزب "المصريين الأحرار"، ويموّله رجل الأعمال نجيب ساويرس، فخلال الفترة الماضية حاول الرجل استقطاب عدد كبير من المرشحين من مختلف دوائر الفردي في المحافظات، لخوض الانتخابات تحت راية الحزب.

ولم تتوقف محاولات الرجل عند هذا الحدّ، حتى إنه حاول استقطاب عدد آخر من المرشحين الذين يخوضون الانتخابات بشكل مستقل، من أجل خوضها بتمويل ودعم الحزب، وآخرهم أحمد مرتضى منصور، نجل رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور. وكان أحمد يخوض الانتخابات بشكل مستقل بالتنسيق مع حزب "الوفد"، إلا أنه عقب لقاءات مع قيادات "المصريين الأحرار"، قرر تغيير ولائه والتنسيق مع الأخير.

اقرأ أيضاً مصر: حرب خفيّة بين الأمن والاستخبارات على القوائم الانتخابية

حزب "مستقبل وطن"، المقرّب من السيسي، ويترأسه محمد بدران، لجأ هو الآخر إلى استقطاب المرشحين، نظراً لحداثة عهده بالعمل السياسي والانتخابي، بحكم عدم وجود أعضاء بارزين قادرين على المنافسة فيه. ويدعم الحزب مالياً، عدد من رجال الأعمال، وعلى رأسهم أحمد أبو هشيمة ومنصور عامر، وفقاً لما أعلنه بدران بنفسه.

ووفقاً لمصادر في الحزب، فإن الداعمين لقائمة "في حب مصر"، هم رجال الأعمال الذين ينفقون بسخاء على الأحزاب المُشكّلة للقائمة، ومنهم أبو هشيمة وعامر، فضلاً عن ساويرس، وعدد آخر من رجال الأعمال. وتقول المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "القائمة تتلقّى دعماً سخياً وكبيراً من رجال الأعمال الداعمين للنظام الحالي، وهم في الأساس يسعون لحصد الأغلبية من خلال القوائم والفردي، لدعم السيسي".

وتضيف أن "القائمة تحصل على تسهيلات كبيرة في مسألة الدعاية، منها عدم دفع مبالغ نظير استئجار لوحات إعلانية ضخمة على الطرق الرئيسية والحيوية، والتي تتكلف مئات الآلاف، خصوصاً مع انتشارها في كل المحافظات".

وخلافاً لمسألة تمويل القائمة، فقد انتهكت القائمة حظر الدعاية الانتخابية قبل فتح الباب رسمياً من قبل اللجنة العليا للانتخابات، بعد انتشار يافطات ضخمة على اللوحات الإعلانية في الطرق الرئيسية، من دون رقيب. وبشأن الدعاية الانتخابية، فإن النظام الانتخابي الحالي وحركة رؤوس الأموال واستقطاب المرشحين، تجعل من عملية تنفيذ السقف المالي المخصص للدعاية صعب التحقيق، ولكن يبقى أن اللجنة العليا لن تتمكن من رصده.

وتتكلف عملية الحشد والتعبئة وإقامة المؤتمرات والجولات الانتخابية وأموال العاملين في حملات المرشحين، سواء من الحزبيين أو المستقلين، وتوزيع الهدايا وغيرها من وسائل الدعاية التقليدية، أضعاف المبالغ التي حددتها اللجنة العليا، بخلاف الدعاية المركزية للأحزاب. 

ويقول الخبير السياسي، محمد عز، إن "مسألة مراقبة حجم الإنفاق في الدعاية الانتخابية، أمر صعب تحقيقه، في ظل عدم وجود آليات حقيقة لضبط هذا الأمر من قبل اللجنة العليا للانتخابات". ويضيف عز، لـ"العربي الجديد"، أن "الأزمة تكمن في أن المال السياسي سيجد له مخارج كثيرة، بعيداً عن أعين الدولة والرقابة، وبالتالي فإن المرشحين يمكنهم إنفاق أموال طائلة بطرق مختلفة". ويشير إلى أن "شراء المرشحين ظاهرة ليست جديدة، ولكن اتسع نطاقها عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، في ظل تزايد عدد الأحزاب السياسية، والبحث عن مرشحين لديهم خبرة في المعركة الانتخابية لخوض منافسة قوية".

في المقابل، يدفع رجال أعمال محسوبون على نظام مبارك بمرشحين في مختلف المحافظات يخوضون السباق بشكل مستقل، مع توفير الدعم المالي اللازم. ويدعم رجل الأعمال أحمد عز، والذي مُنع من خوض الانتخابات، عدداً من المرشحين المستقلين في عدد من المحافظات، لإيجاد دور له في الفترة المقبلة، من خلال حصة من مقاعد النواب لمناصريه. ويذهب عدد كبير من السياسيين والخبراء إلى التأكيد بأن "مجلس النواب المقبل، وبفعل تفاصيل العملية الانتخابية برمتها، ستُعيد إنتاج برلمانات مبارك مرة أخرى".

ويقول خبير في مركز "الأهرام للدراسات السياسية"، إن "مجلس النواب المقبل سيتم انتخابه على أساس واحد فقط، وهو دعم السيسي ونظامه، وبالتالي فإن جوهر العملية الديموقراطية والانتخابية وهو المنافسة غائب". ويتوقع في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "يكون مجلس النواب المقبل، مهدداً دائماً بالحل في أي لحظة، بفعل القوانين المعيبة دستورياً التي تُجرى وفقاً لها الانتخابات، وهو تكرار لتجارب مبارك في الضغط على البرلمانات السابقة".

اقرأ أيضاً: "الأدوات المدرسية" رشى انتخابية مصرية