لبنان: جنبلاط يردّ على تهديدات "داعش" بوساطة لإطلاق العسكريّين

لبنان: جنبلاط يردّ على تهديدات "داعش" بوساطة لإطلاق العسكريّين

23 ديسمبر 2014
يعود الأمل للأهالي مع كل وساطة جديدة (حسين بيضون)
+ الخط -
عاد ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين إلى مراحل التفاوض الأولى مع دخول نائب رئيس بلدية عرسال، أحمد الفليطي، على خط الوساطة. عادت مع الفليطي الحلقة المفرغة من تفاؤل أهالي العسكريين واستطلاع النوايا بين الحكومة اللبنانية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في منطقة القلمون السورية من دون تحقيق تقدم فعلي على الأرض.

تقول مصادر متابعة لحركة الفليطي لـ"العربي الجديد" إن الأخير زار قبل أيام جرود بلدة عرسال حيث يختطف كل من داعش وجبهة النصرة العسكريين، والتقى "قاضياً شرعياً في الدولة الإسلامية، ولا يحمل هذا القاضي أي صفة في ملف العسكريين المخطوفين لدى التنظيم ما يطرح علامات استفهام عن قدرة الفليطي في تحريك الجمود القائم في الملف". وقد أتت وساطة الفليطي "بعد تكليف من عضو خلية الأزمة الحكومية الوزير وائل أبو فاعور بإيعاز من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منفرداً"، بحسب المصدر عينه.

سبق لجنبلاط أن غرد عبر موقع تويتر معلناً "القيام بما يجب من أجل العسكر المخطوفين بعيداً عن حسابات الآخرين"، خاصاً بالذكر وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم. كما خاطب جنبلاط عبر موقع تويتر "الدولة الإسلامية" متمنياً عليها "تقدير الموقف"، وذلك بعد رسالة التهديد التي نقلتها "داعش" لكل من جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب القوات سمير جعجع. أوصل التنظيم رسالته من خلال تسجيل مصور يظهر فيه ثلاثة عسكريين "تحت حد الذبح"، وخاطب مسلح ملثم الثلاثة باللغة الفرنسية واصفاً إياهم بـ "عملاء فرنسا المجرمين الذين يضيفون إلى جرائمهم السكوت على مشاركة حزب الله في القتال داخل سورية". 

يشكل تحرك الفليطي مصدر راحة لأهالي العسكريين، ولأهالي بلدة عرسال الذين يأملون من حركة رئيس بلديتهم كسر الصورة النمطية للبلدة كإمارة تابعة لـ "داعش" في لبنان وإعادتها إلى النسيج اللبناني. ويقول رئيس البلدية علي الحجيري في حديث لـ "العربي الجديد" إنّ وساطة الفليطي "دخلت حيز التنفيذ من خلال زيارته للجرود، لكن المشكلة تكمن في قرار الحكومة اللبنانية التي لم تستقر على رأي بعد فلا هي تريد التبادل ولا ترفضه".

وساطة الفليطي وحركة المصري

لم تؤثر حركة الفليطي على حركة الوسيط المفترض، الشيخ السلفي وسام المصري. يقول المصري لـ "العربي الجديد" إنه على تواصل دائم مع مكتب اللواء عباس إبراهيم "وجاهز للتحرك بقرار جدي من الحكومة اللبنانية بعيداً عن الخلافات السياسية". وكان المصري قد زار جرود عرسال الأسبوع الماضي والتقى "أمير الدولة أبو وليد المقدسي"، ونقل رسالة من "داعش" للحكومة قوامها ثلاثة عناصر:

مبادلة ثلاثة موقوفين إسلاميين في السجون اللبنانية مقابل كل عسكري مخطوف، تأمين ممرات آمنة شمال وجنوب منطقة القلمون السورية إلى حلب ودرعا، وإطلاق سراح سجى الدليمي وعلا العقيلي.

شكل توقيف السيدتين مدخلاً لعودة هيئة العلماء المسلمين إلى خط التفاوض. بدأت هيئة العلماء المسلمين مسيرة المفاوضات تحت النار أثناء معركة عرسال في أغسطس/آب الماضي، نجحت عبرها في إطلاق ثمانية عسكريين قبل أن تتوقف وساطتها مع إطلاق نار استهدف موكب الهيئة في عرسال، أصيب فيه رئيس الهيئة الشيخ سالم الرافعي وعدد من العلماء وأحد المحامين. ومع اعتقال السيدتين، طرحت الهيئة مبادرة "الكرامة والسلام" وتضمنت بندين: إطلاق سراح الدليمي والعقيلي وتعهد الخاطفين بعدم قتل أي عسكري. وبعد سلسلة زيارات سياسية، انتهت المبادرة مع توقيف عضو الهيئة الشيخ حسام الغالي على حاجز للجيش اللبناني في بلدة عرسال. ويقول المسؤول الإعلامي في الهيئة الشيخ أبو بكر الذهبي إن "مبادرة الهيئة معلقة وتشترط موافقة الحكومة على مبدأ التبادل ومنح الهيئة تكليفاً رسمياً للتفاوض".


تاريخ من الوساطات والابتزاز

تطورت علاقة "داعش" مع الداخل اللبناني من خلال عدد الوسطاء الذين دخلوا على خط التفاوض، ومن خلال ابتزاز أهالي العسكريين المخطوفين ودفعهم لقطع الطرقات للضغط على الحكومة. يبدو الأهالي مطمئنين اليوم إلى حركة الفليطي (كما كل الوساطات السابقة)، ويشير رئيس لجنة الأهالي حسين يوسف لـ "العربي الجديد" إلى أن الفليطي تواصل معهم و"نقل أجواء مشجعة من الحكومة اللبنانية ومن تنظيم الدولة الإسلامية".

تنوعت وساطات الحكومة والأهالي مع أطراف محليين وإقليميين. دق الأهالي أبواب السفارتين القطرية والتركية طلباً لمساعدة الدولتين في قضية أبنائهم، كما ناشد رئيس الوزراء تمام سلام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساعدة لبنان لإطلاق عسكرييه. لكن قطر انسحبت من الوساطة مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي "نتيجة لفشل الجهود المبذولة" بحسب بيان وزارة الخارجية القطرية، أما الأتراك فلم يدخلوا على خط الوساطة أصلاً.

وعلى الصعيد الداخلي يؤدي كل من الوزير وائل أبو فاعور واللواء عباس إبراهيم أدواراً مختلفة في التواصل مع الخاطفين ومع النظام السوري لإطلاق معتقلين من سجونه في إطار الصفقة المنتظرة. سبق للواء إبراهيم أن أنجز صفقة تبادل مع "جبهة النصرة" أطلقت خلالها راهبات معلولا السورية مقابل معتقلات في السجون السورية بينهم سجى الدليمي.

كما تولّى الشيخ مصطفى الحجيري شقيق رئيس بلدية عرسال دور الوساطة، إلى أن تم توقيف نجله وإصدار مذكرة توقيف بحقه بتهمة "الانتماء إلى تنظيم مسلح وإرهابي"، فتوقفت وساطة الحجيري وإن ظل على تواصل دائم مع أهالي العسكريين لنقل أخبار أبنائهم. هكذا توقفت وساطة الطرفين بعد أحداث أمنية أتت في توقيت حساس غير مسار المفاوضات.

بعد سقوط الوساطات المحلية بالضربات الأمنية والرسائل السياسية، يبقى موقف الحكومة مبهماً حول بت مسألة القبول بالتبادل ويمضي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بالوساطة الجديدة وحيداً.

المساهمون