اقتصاد اليوم التالي بعد الأسد

اقتصاد اليوم التالي بعد الأسد

03 يونيو 2015
مسألة الخيارات الاقتصادية غير محسومة بعد في سورية (Getty)
+ الخط -
مع تقدم الثورة السورية باتجاه تحقيق هدفها الأساسي بإسقاط النظام الأسدي، تزداد وتيرة الأسئلة والنقاشات الرامية إلى معرفة الوضع في اليوم التالي. وإذا كان حلم تأسيس نظام ديمقراطي مدني في سورية الجديدة قد يحسم الجانب السياسي من هذه النقاشات، لا تزال المسألة الاقتصادية بعيدة عن تشكل تصور شامل وجامع. بمعنى آخر، إذا أمكننا القول وبنسبة إجماع مقبولة، إن الثورة حسمت خياراتها السياسية لصالح تأسيس نظام سياسي تعددي مناقض في جوهره للديكتاتورية والاستبداد، تبقى مسألة الخيارات الاقتصادية غير محسومة بعد.

اقرأ أيضا: الأب والابن ونهب سورية

بعد انقلابه عام 1970 قام حافظ الأسد بتأسيس تركيبة اقتصادية فريدة، تقوم في جوهرها على مبدأ النهب وتحويل ثروة المجتمع إلى جيوب متنفذي السلطة ومن يدور في فلكها. مع الزمن تم تكريس هذه الممارسات لتتحول إلى منهجية وعقيدة تنظم لأجلها ووفقها كل القوانين واللوائح والتعليمات، حتى وصلنا إلى اقتصاد سوري بمثابة "اقتصاد طوارئ" يدار بمبدأ الثقوب. عبر هذه الثقوب تسربت كرامة السوريين وجهودهم وثرواتهم، وتحولنا إلى مجتمع يحل فيه الفساد والتكسب مكان العمل والجهد وتسود السرقة والنهب مكان العدل والأمان وتحل المحسوبية والشللية مكان الكفاءة والخبرة. في عهد الأسد تحولت سورية من واحة على طريق الحرير إلى مستنقع "الأرض الواطية تشرب ميتها ومية غيرها".

ويبقى السؤال: ما هو شكل الاقتصاد القادر على تجاوز كل الكوارث التي ألحقها النظام السوري بالشعب والوطن؟ ما هو شكل اقتصاد اليوم التالي لسقوط الأسد؟ على الرغم من بعض الجهود المتناثرة إلا أنه لم تتبلور حتى اللحظة أي محاولة جادة لتقديم إجابة كافية على هذا المطلب الكبير. لذا لا بد من إطلاق مبادرة وطنية يشارك فيها كل الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين، ولا بد أن تلتزم هذه المبادرة بثلاثة شروط أساسية:

• حفظ حقوق السوريين في ممتلكاتهم وعقاراتهم، وبالأخص الطبقات الفقيرة، فالانزياحات الاجتماعية الأخيرة التي أصابت المجتمع السوري ستؤدي، إن لم تتم معالجتها، إلى تعميق الفوارق الطبقية والاجتماعية، وتزيد من حجم المعاناة وتعيق أي جهد لبناء الدولة. في هذه الصدد لا بد من لفت الانتباه إلى خطورة بعض المشاريع التي تحضر لمستقبل سورية والتي تروج الى إقامة "اقتصاد ليبرالي" يسوق للخصخصة على أنها الحل.

اقرأ أيضا: أجيال ضائعة تقلب موازين إعادة إعمار سورية

•العمل على وضع خطة شاملة لبناء الدولة، ولا تقتصر فقط على موضوع إعادة الإعمار. بمعنى أن تكون عملية إعادة الإعمار جزءاً من خطة بناء شاملة لكل الوطن، بحيث يتم إدماج المشاريع الاجتماعية قليلة الريعية الربحية ومشاريع البنى التحتية ذات الكلف العالية، ضمن المشاريع التجارية ذات الربحية العالية.

•ضمان سيادة واستقلالية الدولة، وذلك بأن تقر وتنفذ من سلطة وطنية منتخبة ذات شرعية مستمدة من الشعب السوري مباشرة.
(خبير اقتصادي سوري)

اقرأ أيضا: عائلة الأسد التهمت نصف الاقتصاد السوري

المساهمون