هل تحول الطائرات المسيّرة الإيرانية دفة الصراع في حرب السودان؟

هل تحول الطائرات المسيّرة الإيرانية دفة الصراع في حرب السودان؟

10 ابريل 2024
عرض لمُسيرة إيرانية من نوع "مهاجر" في معرض للصناعة الدفاعية الإيرانية، أغسطس 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الذكرى السنوية الأولى للحرب في السودان، طائرات مسيرة إيرانية الصنع تلعب دورًا محوريًا في تغيير مسار الصراع، مساعدة الجيش السوداني في استعادة أراض ووقف تقدم قوات الدعم السريع.
- تقارير تشير إلى تعاون بين السودان وإيران في مجال الطائرات المسيرة، رغم نفي المسؤولين السودانيين، مع تأكيدات على نقل الطائرات عبر رحلات جوية من إيران، مما يعكس تعقيد العلاقات الدولية.
- الدعم الإيراني للسودان يأتي ضمن سياق تنافس إقليمي ودولي، مما يعزز النفوذ في القرن الأفريقي ويثير قلق دول أخرى مثل الولايات المتحدة بشأن تأثير إيران في السودان.

مصدر: الطائرات المسيرة إيرانية الصنع مكنت الجيش من قصف العاصمة

تقدم الجيش هو الأبرز في الحرب المستمرة منذ عام

البيانات تكشف عن رحلات متعددة من إيران إلى بورتسودان

قال مصدر كبير بالجيش السوداني إنه مع مرور عام على بدء الحرب في السودان، تساعد الطائرات المسيّرة المسلحة إيرانية الصنع "التي طورها الجيش السوداني" على تحويل دفة الصراع ووقف تقدّم قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي يحاربها واستعادة أراض حول العاصمة.

كما قالت ستة مصادر إيرانية ومسؤولون ودبلوماسيون بالمنطقة طلبوا، شأنهم شأن المصدر العسكري، عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات، إنّ الجيش حصل على طائرات مسيّرة إيرانية الصنع خلال الأشهر القليلة الماضية.

وذكر أكثر من عشرة أشخاص من سكان الخرطوم أن القوات المسلحة السودانية استخدمت بعض الطائرات المسيّرة القديمة في الأشهر الأولى من الحرب إلى جانب بطاريات صواريخ وطائرات مقاتلة، لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر في القضاء على مقاتلي قوات الدعم السريع المتمركزين في أحياء مكتظة بالسكان في الخرطوم ومدن أخرى.

وقال خمسة شهود من السكان إنه في يناير/ كانون الثاني الفائت، أي بعد تسعة أشهر من اندلاع القتال، بدأ استخدام طائرات مسيّرة أكثر فاعلية من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، شمالي الخرطوم. وقال السكان إن الطائرات المسيرة بدا أنها تراقب تحركات قوات الدعم السريع وتستهدف مواقعها وتحدد بدقة ضربات المدفعية في أم درمان، وهي واحدة من ثلاث مدن على ضفاف نهر النيل تضم العاصمة الخرطوم.

وقال محمد عثمان (59 عاماً)، وهو من سكان حي الثورة في أم درمان: "في الأسابيع الماضية، الجيش أصبح يستخدم مسيّرات دقيقة في العمليات العسكرية أجبرت الدعم السريع على الهرب من مناطق كثيرة وجعلت الجيش يستطيع نشر قواته على الأرض في أم درمان القديمة بكثافة تحت حماية الطيران".

ولم تشر أي تقارير في السابق إلى حجم وطريقة نشر الجيش للمُسيّرات الإيرانية في أم درمان ومناطق أخرى. وأفادت وكالة بلومبيرغ ووسائل إعلام سودانية بوجود طائرات مسيرة إيرانية في البلاد.

ونفى المصدر الكبير بالجيش السوداني أن تكون المُسيرات إيرانية الصنع قد جاءت مباشرة من طهران، وامتنع عن ذكر كيفية شرائها أو عدد الطائرات التي حصل عليها الجيش. ولم تتمكن "رويترز" من التوصل لتلك التفاصيل على نحو مستقل.

وقال المصدر إنه رغم عودة التعاون الدبلوماسي بين السودان وإيران العام الماضي، لا يزال التعاون العسكري الرسمي معلقاً. ورداً على سؤال بشأن الطائرات المسيّرة الإيرانية، قال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وهو حليف للجيش وزار إيران العام الماضي: "لم يحصل السودان على أي سلاح من إيران"، فيما لم ترد إدارة الإعلام بالجيش ولا وزارة الخارجية الإيرانية على طلبين للتعقيب.

وأقرت قوات الدعم السريع بأنها تعرضت لانتكاسات في أم درمان، وقال مكتبها الإعلامي إن الجيش تسلم طائرات مسيّرة إيرانية وأسلحة أخرى، استنادا إلى معلومات استخباراتية جمعتها، ولم تستجب لطلبات لتقديم الأدلة على ذلك.

وقالت المصادر الإيرانية والإقليمية إن دعم طهران للجيش السوداني يهدف إلى تعزيز العلاقات مع البلد ذي الموقع الاستراتيجي، حيث يقع السودان على ساحل البحر الأحمر، وهو موقع مهم في ظل المنافسة بين القوى العالمية، بما في ذلك إيران، مع احتدام الحرب في المنطقة. وعلى الجانب الآخر من البحر الأحمر، يشن الحوثيون في اليمن هجمات دعماً لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت.

وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه: "ما الذي ستحصل عليه إيران في المقابل؟ لديهم الآن نقطة انطلاق على البحر الأحمر وعلى الجانب الأفريقي".

والمكاسب الأخيرة على الأرض هي الأكبر بالنسبة للجيش منذ بدء القتال بالعاصمة السودانية في إبريل/ نيسان الماضي. والحرب بين قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) ألقت بملايين الأشخاص في براثن الجوع وخلقت أكبر أزمة نزوح في العالم وتسببت في موجات من أعمال القتل والعنف الجنسي ذات الدوافع العرقية في منطقة دارفور بغرب السودان.

ويقول خبراء من الأمم المتحدة إن الجهود الحربية لقوات الدعم السريع تحصل على دعم من دول أفريقية مجاورة، منها تشاد وليبيا وجنوب السودان.

وذكر شاهدان أن نجاح الجيش في أم درمان سمح له اعتباراً من فبراير/ شباط الفائت بمواصلة هجمات مماثلة باستخدام الطائرات المسيرة والمدفعية والقوات البرية في بحري، شمالي الخرطوم، لمحاولة السيطرة على مصفاة الجيلي المهمة لتكرير النفط.

وقال الجيش إن مكاسبه الأخيرة ساعدت أيضاً في تجنيد آلاف المتطوعين في المناطق التي يسيطر عليها. وعمليات تجنيد المتطوعين جارية منذ أكثر من ستة شهور وتتسارع منذ ديسمبر/ كانون الأول الفائت.

  •  رحلات جوية من إيران إلى السودان

كان التعاون بين السودان وإيران وثيقاً في عهد الرئيس السابق عمر البشير إلى أن لجأ إلى خصوم طهران في الخليج للحصول على دعم اقتصادي في أواخر فترة حكمه الذي استمر ثلاثة عقود، وهو ما أدى إلى قطع العلاقات مع طهران.

وقال أمين مجذوب، وهو جنرال سابق بجهاز المخابرات السوداني، إن السودان كان يصنع في السابق أسلحة بمساعدة إيران، وأعاد تهيئة طائرات مسيرة كانت بحوزته بالفعل لجعلها أكثر فاعلية خلال الحرب. ولم يعلّق المجذوب تحديداً على مصدر الطائرات المسيّرة التي استخدمت أخيراً في القتال.

وذكر مصدر إقليمي مقرب من الدائرة الحاكمة في إيران أن شركة الطيران الإيرانية "قشم فارس إير" نقلت طائرات مسيرة إيرانية من طرازي مهاجر وأبابيل للسودان عدة مرات منذ أواخر العام الماضي. وطائرات مهاجر وأبابيل المسيرة تصنعها شركات تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإيرانية، والتي لم ترد بعد على طلب للتعقيب.

وتظهر سجلات تتبع رحلات جوية جمعها فيم زويننبرغ، من منظمة باكس الهولندية للسلام وقدمها إلى "رويترز"، أنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023 ويناير/ كانون الثاني 2024، قامت طائرة شحن من طراز بوينغ 747-200 تابعة لـ"قشم فارس إير" برحلات من إيران إلى بورتسودان، وهي قاعدة مهمة للجيش منذ سيطرة قوات الدعم السريع على مواقع استراتيجية بالخرطوم في الأيام الأولى من الحرب.

ولم تشر أي تقارير سابقة إلى وتيرة هذه الرحلات. ولم ترد "قشم فارس إير"، الخاضعة لعقوبات أميركية، على رسائل بالبريد الإلكتروني ومكالمات هاتفية. ولم يتسن التأكد مما إذا كانت التفاصيل المذكورة بشأن شركة الطيران محدثة.

وتظهر صورة قدمتها شركة بلانيت لابز للتصوير بالأقمار الاصطناعية، والتي تحققت "رويترز" من موقع وتاريخ التقاطها، أنّ طائرة بوينغ 747 يتطابق طول جناحيها مع طول جناحي الطائرة 747-200 بمطار بورتسودان في السابع من ديسمبر/ كانون الأول، وهو ما يقول زويننبرغ إنه تاريخ أولى الرحلات الجوية.

وأضاف زويننبرغ أنّ طائرة مهاجر-6 ظهرت في يناير/‭‭ ‬‬كانون الثاني الفائت على المدرج في قاعدة وادي سيدنا في صورة أخرى التقطتها الأقمار الاصطناعية في التاسع من يناير الفائت.

وذكرت قوات الدعم السريع أن الجيش يتلقى مرتين أسبوعياً شحنات تحملها طائرات شحن إيرانية تضم طائرات مسيرة وأسلحة أخرى من طهران، وقالت إن معلومات استخبارات قوات الدعم السريع أظهرت تسليم مُسيّرات إيرانية من طراز مهاجر-4 ومهاجر-6 وأبابيل إلى بورتسودان، مضيفة أنها أسقطت عددا من الطائرات المُسيرة، لكنها لم تقدم أدلة على تسليم الطائرات المسيرة.

وقد يعقد الحصول على أسلحة من إيران علاقات الجيش السوداني مع الولايات المتحدة التي تقود مساعي لإجراء مفاوضات بين الطرفين المتحاربين.

ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية على طلب للتعقيب على ما ورد في هذا التقرير.

وقال السفير الأميركي السابق لدى السودان جون جودفري، لصحافيين قبل وقت قصير من انتهاء مهمته هناك الشهر الماضي، إن التقارير عن الدعم الإيراني للجيش السوداني بالسلاح "مزعجة للغاية ومصدر قلق كبير لنا".

(رويترز)