قلق على أطفال حلب

قلق على أطفال حلب

10 اغسطس 2016
أيّ مستقبل ينتظرها؟ (أرشيف اليونيسف)
+ الخط -
فرضت الحرب الدائرة في سورية على أهلها التعايش مع أبشع أنواع العنف، ومع الحصار والجوع والأمراض، فيما يبقى الأطفال الفئة الأضعف كما في أيّ صراع. وتعبّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن عميق قلقها إزاء ما يتعرّض له هؤلاء الصغار، خصوصاً في مدينة حلب شمال سورية. فقد شرّد القتال المحتدم في المناطق المكتظة بالسكّان في غرب المدينة، 30 ألف شخص، ودفع بعائلات عديدة إلى اللجوء إلى المساجد والجامعات والحدائق العامة. وتفيد معلومات اليونيسف بأنّ مخاطر مميتة قد يواجهها الأطفال مثل الإصابات البالغة أو التجنيد في جماعات مسلّحة مع تصاعد حدّة القتال، لافتة إلى أنّ مائة ألف طفل في شرق حلب في حاجة ماسّة إلى الدعم النفسي والاجتماعي بعد معايشتهم سنوات من الحرب والعنف المستمرّ.

في حديث مع "العربي الجديد"، تقول المتحدّثة باسم اليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فرح دخل الله، إنّ "نحو 300 ألف شخص ثلثهم من الأطفال، عالقون في شرق المدينة منذ أوائل يوليو/ تموز الماضي". تضيف أنّ "المستشفيات والعيادات والمدارس وغيرها من البنى التحتية، تعرّضت لقصف متكرّر أحياناً"، مشيرة إلى أنّ إغلاق طريق الكاستيلو لا يثنيهم عن تقديم المساعدات عبر شركاء محليين في داخل حلب. لكنّه يمنعهم من إدخال مساعدات جديدة، إذ هو الطريق الرئيسي.

تدعو اليونيسف كلّ الأطراف إلى تأمين سلامة المرور للطاقم الطبي والامتناع عن مهاجمة المنشآت الطبية والعاملين فيها، كذلك تطالب بالوصول الفوري وغير المشروط إلى حلب لتقديم المساعدة إلى الأطفال والأسر في كل أنحائها، بما فيها المناطق الشرقية. وتؤكّد أنّها على استعداد لإيصال اللوازم إلى الأطفال والأسر المحتاجة أينما كانوا في المدينة.

وتشدّد دخل الله على "ضرورة أن تبقى حركة الناس حرّة في داخل المدينة وخارجها"، موضحة أنّ "عمل المنظمة في مدينة حلب القاضي بتقديم مساعدات إنسانية مباشرة وسريعة بالإضافة إلى دعم وتطوير البنى التحتية، لا يختلف عما هو عليه في مناطق سورية أخرى". وإلى "الحفاظ على شبكات المياه والطاقة وتوفير إمدادات المياه في حالات الطوارئ عن طريق استخدام الشاحنات"، تقول دخل الله إنّ "اليونيسف تقدّم مساعدات نقدية للأسر عبر العمل مع شركاء محليين لتعزيز خدمات حماية الطفل".


تجدر الإشارة إلى أنّ اليونيسف من أكبر الجهات المزوّدة باللوازم والمعدات الطبية، كذلك للمستشفيات. وتشرح دخل الله أنّ "أولوياتنا في حلب هي الحفاظ على المياه الصالحة للشرب لنحو مليونَي شخص، عن طريق حفر الآبار ودعم البنية التحتية للمياه وتأمين بيئة صحيّة للأطفال. يُضاف إلى ذلك ضمان الرعاية الطبية من خلال تقديم الأدوية والإمدادات الأساسية للمستشفيات والعيادات، فضلاً عن تلقيح جميع الأطفال دون الخامسة من عمرهم ضدّ الأمراض الخطيرة والقاتلة".

من جهة أخرى، تلفت دخل الله إلى "نقص عام في الغذاء في شرق حلب، مذ قطع طريق الكاستيلو في أوائل يوليو/ تموز. وهو أمر أدّى إلى تضاعف أسعار المواد الضرورية مثل الوقود والمنتجات الغذائية الطازجة واللحوم، فيما لم تعد مواد أساسية مثل الخبز متوفرة في الأسواق".

وكانت اليونيسف وشركاؤها المحليون قد عمدت في النصف الأوّل من هذا العام، إلى فحص 14 ألف طفل دون الخامسة، وسبعة آلاف امرأة حامل وأمّ جديدة في شرق حلب. فشُخّص نحو 700 طفل دون الخامسة وما يزيد عن 430 امرأة حاملاً وأمّاً جديدة، بسوء التغذية وقُدّم لهم العلاج. كذلك، أظهرت تلك الفحوصات أنّ 180 طفلاً يعانون من سوء تغذية شديد، أي أنّهم كانوا عرضة للموت بمعدّل 11 مرّة أكثر من غيرهم من الأطفال الذين يحصلون على تغذية متوازنة. وقد تلقّى هؤلاء العلاج الذي أنقذ حياتهم من قبل اليونيسف.

وفي وقت تهاجم المنشآت الصحية في سورية بشراسة مثيرة للقلق، توضح دخل الله أنّ "اليونيسف تدعم عدداً من عيادات رعاية الأطفال والأمومة في شرق حلب، وقد قدّمت بالفعل خدماتها لما يزيد عن 18 ألفاً و600 طفل". تضيف أنّ "في يوليو/ تموز الماضي، تعرّض مستشفى الأطفال الوحيد المتبقي في شرق حلب، والذي تدعمه المنظمة، إلى القصف مرّتين، نتجت عنه وفاة طفل حديث الولادة بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن حاضنته".

وعلى الرغم من صعوبة الظروف، لم تهمل اليونيسف الجانب التعليمي، بل أولته اهتماماً كبيراً، خصوصاً بعد استمرار التدهور في شرق مدينة حلب وتعرّض مرافق تعليمية عديدة إلى القصف. وقد وفّرت المنظمة لوازم مدرسية إلى نحو 36 ألف طفل في المناطق، التي يصعب الوصول إليها في محافظة حلب، من بينهم 1240 طفلاً في شرقها. إلى ذلك، أعادت في غرب حلب تأهيل 23 مدرسة وجهّزت 30 أخرى بألواح شمسية، فيما درّبت العاملين في مجال التعليم ووزّعت مستلزمات التعليم الذاتي واللوازم المدرسية.